نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب جلد : 3 صفحه : 1182
الكتاب مفصلا، والذين آتيناهم الكتاب يعلمون أنه منزل من ربك بالحق، فلا تكونن من الممترين. وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا لا مبدل لكلماته، وهو السميع العليم. وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله، إن يتبعون إلا الظن وإن هم إلا يخرصون. إن ربك هو أعلم من يضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين..
فكلوا مما ذكر اسم الله عليه إن كنتم بآياته مؤمنين. وما لكم ألا تأكلوا مما ذكر اسم الله عليه، وقد فصل لكم ما حرم عليكم- إلا ما اضطررتم إليه- وإن كثيرا ليضلون بأهوائهم بغير علم، إن ربك هو أعلم بالمعتدين.
وذروا ظاهر الإثم وباطنه، إن الذين يكسبون الإثم سيجزون بما كانوا يقترفون.. ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه- وإنه لفسق- وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم ليجادلوكم، وإن أطعتموهم إنكم لمشركون.. أو من كان ميتا فأحييناه، وجعلنا له نوراً يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها؟ كذلك زين للكافرين ما كانوا يعملون. وكذلك جعلنا في كل قرية أكابر مجرميها ليمكروا فيها، وما يمكرون إلا بأنفسهم وما يشعرون. وإذا جاءتهم آية قالوا: لن نؤمن حتى نؤتى مثلما أوتي رسل الله. الله أعلم حيث يجعل رسالته.
سيصيب الذين أجرموا صغار عند الله وعذاب شديد بما كانوا يمكرون» ..
ثم يعود السياق فيقرر أن هدى المهتدين وضلال الضالين.. كلاهما إنما يتم بقدر من الله. وأن هؤلاء كهؤلاء في قبضة الله وسلطانه، وفي اطار مشيئته وقدره: «فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام. ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا كأنما يصعد في السماء. كذلك يجعل الله الرجس على الذين لا يؤمنون» .
وينهي هذه الفقرة بتقرير أن ما مر من الأمر والنهي، ومن الاعتقاد والتصور، هو صراط الله المستقيم. فيربط بين ذلك الأمر والنهي وبين أصول الاعتقاد في مشيئة الله وقدره، ويجعلهما حزمة واحدة. كما يجعلهما صراط الله المستقيم الذي يأمر الله العباد أن يسلكوه إليه، لينتهوا إلى دار السلام والأمن عند ربهم وهو وليهم وناصرهم:
«وهذا صراط ربك مستقيما قد فصلنا الآيات لقوم يذكرون. لهم دار السلام عند ربهم، وهو وليهم بما كانوا يعملون» .
ولا تنتهي التعقيبات على مسألة الأمر والنهي في تناول الذبائح، حتى يعرض السياق مصير شياطين الإنس والجن الذين يجادلون المؤمنين في هذه القضية وهم في قبضة الله- صاحب السلطان وصاحب الحكم في المصائر- وحتى يعرض سلطان الله كذلك في استخلاف من يستخلف في هذه الأرض، والذهاب بمن يريد له أن يذهب. وتهديد من يركب رأسه منهم في الدنيا- بسبب ما منحه الله من حرية في اختيار طريقه، ابتلاء من الله واختبارا- بانتهاء المهلة والأخذ بما كسب في فترة الابتلاء والاختبار: «ويوم يحشرهم جميعا: يا معشر الجن قد استكثرتم من الإنس! وقال أولياؤهم من الإنس: ربنا استمتع بعضنا ببعض، وبلغنا أجلنا الذي أجلت لنا. قال: النار مثواكم خالدين فيها- إلا ما شاء الله- إن ربك حكيم عليم. وكذلك نولي بعض الظالمين بعضا بما كانوا يكسبون. يا معشر الجن والإنس، ألم يأتكم رسل منكم يقصون عليكم آياتي، وينذرونكم لقاء يومكم هذا؟ قالوا: شهدنا على أنفسنا، وغرتهم الحياة الدنيا، وشهدوا على أنفسهم أنهم كانوا كافرين.
ذلك أن لم يكن ربك مهلك القرى بظلم وأهلها غافلون. ولكل درجات مما عملوا وما ربك بغافل عما يعملون.
وربك الغني ذو الرحمة، إن يشأ يذهبكم ويستخلف من بعدكم ما يشاء كما أنشأكم من ذرية قوم آخرين.
إن ما توعدون لآت، وما أنتم بمعجزين. قل: يا قوم اعملوا على مكانتكم إني عامل، فسوف تعلمون من تكون له عاقبة الدار، إنه لا يفلح الظالمون» ..
بهذا الحشد العجيب من حقائق العقيدة الأساسية، ومن المشاهد والمواقف والمؤثرات الموحية ومن تسليط
نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب جلد : 3 صفحه : 1182