responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 5  صفحه : 99
وَانْتِصَابُ «أَمْرًا» عَلَى الْمَفْعُولِ بِهِ، وَقِيلَ: عَلَى الْحَالِ، أَيْ: مَأْمُورَةً، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى إِنَّما تُوعَدُونَ لَصادِقٌ هَذَا جَوَابُ الْقَسَمِ، أَيْ: إِنَّمَا تُوعَدُونَ من الثواب والعقاب لكائن لا محالة. وما يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ مَوْصُولَةً وَالْعَائِدُ مَحْذُوفٌ، وَأَنْ تَكُونَ مَصْدَرِيَّةً. وَوَجْهُ تَخْصِيصِ هَذِهِ الْأُمُورِ بِالْإِقْسَامِ بِهَا كَوْنُهَا أُمُورًا بَدِيعَةً مُخَالِفَةً لِمُقْتَضَى الْعَادَةِ، فَمَنْ قَدَرَ عَلَيْهَا فَهُوَ قَادِرٌ عَلَى الْبَعْثِ الْمَوْعُودِ بِهِ وَالسَّماءِ ذاتِ الْحُبُكِ قَرَأَ الْجُمْهُورُ: الْحُبُكِ بِضَمِّ الْحَاءِ وَالْبَاءِ، وَقُرِئَ بِضَمِّ الْحَاءِ وَسُكُونِ الْبَاءِ وَبِكَسْرِ الْحَاءِ وَفَتْحِ الْبَاءِ، وَبِكَسْرِ الْحَاءِ وَضَمِّ الْبَاءِ. قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: هِيَ لُغَاتٌ، وَالْمُرَادُ بِالسَّمَاءِ هُنَا هِيَ الْمَعْرُوفَةُ، وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِهَا السَّحَابُ، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى.
وَاخْتَلَفَ الْمُفَسِّرُونَ فِي تَفْسِيرِ الْحُبُكِ فَقَالَ مُجَاهِدٌ وَقَتَادَةُ وَالرَّبِيعُ وَغَيْرُهُمْ: الْمَعْنَى ذَاتُ الْخَلْقِ الْمُسْتَوِي الْحَسَنِ. قَالَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ: كُلُّ شَيْءٍ أَحْكَمْتَهُ وَأَحْسَنْتَ عَمَلَهُ فقد حبكته واحتبكته. وقال الحسن وسعيد ابن جُبَيْرٍ: ذَاتُ الزِّينَةِ. وَرُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ أَيْضًا أَنَّهُ قَالَ: ذَاتُ النُّجُومِ. وَقَالَ الضَّحَّاكُ: ذَاتُ الطَّرَائِقِ، وَبِهِ قَالَ الْفَرَّاءُ، يُقَالُ لِمَا تَرَاهُ مِنَ الْمَاءِ وَالرَّمْلِ إِذَا أَصَابَتْهُ الرِّيحُ: حُبُكٌ. قال الفراء: الحبك تكسّر كُلُّ شَيْءٍ كَالرَّمْلِ إِذَا مَرَّتْ بِهِ الرِّيحُ السَّاكِنَةُ، وَالْمَاءُ إِذَا مَرَّتْ بِهِ الرِّيحُ، وَيُقَالُ لِدِرْعِ الْحَدِيدِ: حُبُكٌ، وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
كَأَنَّمَا جَلَّلَهَا الْحُوَّاكُ ... طِنْفِسَةٌ فِي وَشْيِهَا حِبَاكُ
أَيْ: طُرُقٌ، وَقِيلَ: الْحَبْكُ الشِّدَّةُ، وَالْمَعْنَى: وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الشِّدَّةِ، وَالْمَحْبُوكُ: الشَّدِيدُ الْخَلْقِ مِنْ فَرَسٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
قَدْ غَدَا يَحْمِلُنِي في أنفه ... لاحق الإطلين [1] محبوك ممر
وقول الْآخَرُ [2] :
مَرَجَ الدِّينُ فَأَعْدَدْتُ لَهُ ... مُشْرِفَ الْحَارِكِ مَحْبُوكَ الْكَتَدْ «3»
قَالَ الْوَاحِدِيُّ بَعْدَ حِكَايَةِ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ: هَذَا قَوْلُ الْأَكْثَرِينَ إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ هَذَا جَوَابُ الْقَسَمِ بِالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ. أَيْ: إِنَّكُمْ يَا أَهْلَ مَكَّةَ لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ مُتَنَاقِضٍ فِي مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. بَعْضُكُمْ يَقُولُ:
إِنَّهُ شَاعِرٌ. وَبَعْضُكُمْ يَقُولُ: إِنَّهُ سَاحِرٌ، وَبَعْضُكُمْ يَقُولُ: إِنَّهُ مَجْنُونٌ. وَوَجْهُ تَخْصِيصِ الْقَسَمِ بِالسَّمَاءِ الْمُتَّصِفَةِ بِتِلْكَ الصِّفَةِ تَشْبِيهُ أَقْوَالِهِمْ فِي اخْتِلَافِهَا بِاخْتِلَافِ طَرَائِقِ السَّمَاءِ، وَاسْتِعْمَالُ الْحُبُكِ فِي الطَّرَائِقِ هُوَ الَّذِي عَلَيْهِ أَهْلُ اللُّغَةِ، وَإِنْ كَانَ الْأَكْثَرُ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ عَلَى خِلَافِهِ. عَلَى أَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ تَرْجِعَ تِلْكَ الْأَقْوَالُ فِي تَفْسِيرِ الْحُبُكِ إِلَى هَذَا، وَذَلِكَ بِأَنْ يُقَالَ: إِنَّ مَا فِي السَّمَاءِ مِنَ الطَّرَائِقِ يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ سَبَبًا لِمَزِيدِ حُسْنِهَا واستواء خلقها

[1] «الإطل» : الخاصرة.
[2] هو أبو دؤاد.
(3) . «الكتد» : هو مجتمع الكتفين من الإنسان والفرس.
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 5  صفحه : 99
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست