responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 5  صفحه : 89
ذَلِكَ إِلْزَامًا لِلْحُجَّةِ وَتَوْكِيدًا لِلْأَمْرِ. قَالَ الْحَسَنُ وقتادة ومجاهد: المتلقيان: ملكان يتلقيان عملك أحد هما عَنْ يَمِينِكَ يَكْتُبُ حَسَنَاتِكَ، وَالْآخَرُ عَنْ شِمَالِكَ يَكْتُبُ سَيِّئَاتِكَ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ أَيْضًا: وَكَّلَ اللَّهُ بِالْإِنْسَانِ مَلَكَيْنِ بِاللَّيْلِ وَمَلَكَيْنِ بِالنَّهَارِ يَحْفَظَانِ عَمَلَهُ وَيَكْتُبَانِ أَثَرَهُ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمالِ قَعِيدٌ إِنَّمَا قَالَ قَعِيدٌ وَلَمْ يَقُلْ قَعِيدَانِ وَهُمَا اثْنَانِ، لِأَنَّ الْمُرَادَ عَنِ الْيَمِينِ قَعِيدٌ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ. فَحَذَفَ الْأَوَّلَ لِدَلَالَةِ الثَّانِي عَلَيْهِ، كَذَا قَالَ سِيبَوَيْهِ، كَقَوْلِ الشَّاعِرِ [1] :
نَحْنُ بِمَا عِنْدَنَا وَأَنْتَ بِمَا ... عِنْدَكَ رَاضٍ وَالرَّأْيُ مُخْتَلِفُ
وقول الفرزدق:
وأبي فكان وكنت غير غدور «2»
أي: وكان غير غدور وكنت غير غدور، وَقَالَ الْأَخْفَشُ وَالْفَرَّاءُ: إِنَّ لَفْظَ قَعِيدٌ يَصْلُحُ لِلْوَاحِدِ وَالِاثْنَيْنِ وَالْجَمْعِ، وَلَا يَحْتَاجُ إِلَى تَقْدِيرٍ فِي الْأَوَّلِ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ أَئِمَّةِ اللُّغَةِ وَالنَّحْوِ: فَعِيلٌ وَفَعُولٌ مِمَّا يَسْتَوِي فِيهِ الْوَاحِدُ وَالِاثْنَانِ وَالْجَمْعُ، وَالْقَعِيدُ: الْمُقَاعِدُ كَالْجَلِيسِ بِمَعْنَى الْمُجَالِسِ مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ أَيْ: مَا يَتَكَلَّمُ مِنْ كَلَامٍ، فَيَلْفِظُهُ وَيَرْمِيهِ مِنْ فِيهِ إِلَّا لَدَيْهِ، أَيْ: على ذَلِكَ اللَّافِظِ رَقِيبٌ، أَيْ:
مَلَكٌ يَرْقُبُ قَوْلَهُ وَيَكْتُبُهُ، وَالرَّقِيبُ: الْحَافِظُ الْمُتَتَبِّعُ لِأُمُورِ الْإِنْسَانِ الَّذِي يَكْتُبُ مَا يَقُولُهُ مِنْ خَيْرٍ وَشَرٍّ، فَكَاتِبُ الْخَيْرِ هُوَ مَلَكُ الْيَمِينِ، وَكَاتِبُ الشَّرِّ مَلَكُ الشِّمَالِ. وَالْعَتِيدُ: الْحَاضِرُ الْمُهَيَّأُ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: الْعَتِيدُ: الحاضر المهيأ، يقال: عتّده تعتيدا وأعتده إعتادا، أي: أعدّه، ومنه: وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً [3] وَالْمُرَادُ هُنَا أَنَّهُ مُعَدٌّ لِلْكِتَابَةِ مُهَيَّأٌ لَهَا وَجاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ لَمَّا بَيَّنَ سُبْحَانَهُ أن جميع أعمالهم مَحْفُوظَةٌ مَكْتُوبَةٌ ذَكَرَ بَعْدَهُ مَا يَنْزِلُ بِهِمْ مِنَ الْمَوْتِ، وَالْمُرَادُ بِسَكْرَةِ الْمَوْتِ شِدَّتُهُ وَغَمْرَتُهُ الَّتِي تَغْشَى الْإِنْسَانَ وَتَغْلِبُ عَلَى عَقْلِهِ، وَمَعْنَى بِالْحَقِّ: أَنَّهُ عِنْدَ الْمَوْتِ يَتَّضِحُ لَهُ الْحَقُّ وَيَظْهَرُ لَهُ صِدْقُ مَا جَاءَتْ بِهِ الرُّسُلُ مِنَ الْإِخْبَارِ بِالْبَعْثِ وَالْوَعْدِ وَالْوَعِيدِ، وَقِيلَ: الْحَقُّ هُوَ الْمَوْتُ، وَقِيلَ: فِي الْكَلَامِ تَقْدِيمٌ وَتَأْخِيرٌ، أي: وجاءت سكرة الموت بالحق، وَكَذَا قَرَأَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ وَابْنُ مَسْعُودٍ. وَالسَّكْرَةُ: هِيَ الْحَقُّ، فَأُضِيفَتْ إِلَى نَفْسِهَا لِاخْتِلَافِ اللَّفْظَيْنِ، وَقِيلَ: الْبَاءُ لِلْمُلَابَسَةِ كَالَّتِي فِي قَوْلِهِ: تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ [4] أي: متلبسة بِالْحَقِّ، أَيْ: بِحَقِيقَةِ الْحَالِ، وَالْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ:
ذلِكَ إِلَى الْمَوْتِ، وَالْحَيْدُ: الْمَيْلُ، أَيْ: ذَلِكَ الْمَوْتُ الَّذِي كُنْتَ تَمِيلُ عَنْهُ وَتَفِرُّ مِنْهُ، يُقَالُ: حَادَ عَنِ الشَّيْءِ يَحِيدُ حُيُودًا وَحِيدَةً وَحَيْدُودَةً مَالَ عَنْهُ وَعَدَلَ، وَمِنْهُ قَوْلُ طَرَفَةَ:
أَبَا مُنْذِرٍ رُمْتَ الْوَفَاءَ فَهِبْتَهُ ... وَحِدْتَ كَمَا حَادَ البعير عن الدّحض

[1] هو قيس بن الخطيم.
(2) . وصدره: إنّي ضمنت لمن أتاني ما جنى.
[3] يوسف: 31. [.....]
[4] المؤمنون: 20.
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 5  صفحه : 89
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست