responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 5  صفحه : 71
بِفَتْحِهَا تَخْفِيفًا، وَقَرَأَ ابْنُ أَبِي عَبْلَةَ: بِإِسْكَانِهَا، وهي لغات، ومِنْ فِي مِنْ وَراءِ لِابْتِدَاءِ الْغَايَةِ، وَلَا وَجْهَ لِلْمَنْعِ مِنْ جَعْلِهَا لِهَذَا الْمَعْنَى أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ لِغَلَبَةِ الْجَهْلِ عَلَيْهِمْ وَكَثْرَةِ الْجَفَاءِ فِي طِبَاعِهِمْ وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ أَيْ: لَوِ انْتَظَرُوا خُرُوجَكَ، وَلَمْ يُعَجِّلُوا بِالْمُنَادَاةِ، لَكَانَ أَصْلَحَ لَهُمْ فِي دِينِهِمْ وَدُنْيَاهُمْ، لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ رِعَايَةِ حُسْنِ الْأَدَبِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَرِعَايَةِ جَانِبِهِ الشَّرِيفِ وَالْعَمَلِ بِمَا يَسْتَحِقُّهُ من التعظيم والتبجيل. وَقِيلَ: إِنَّهُمْ جَاءُوا شُفَعَاءَ فِي أُسَارَى، فَأَعْتَقَ رسول الله صلّى الله عليه وَسَلَّمَ نِصْفَهُمْ وَفَادَى نِصْفَهُمْ، وَلَوْ صَبَرُوا لَأَعْتَقَ الْجَمِيعَ، ذَكَرَ مَعْنَاهُ مُقَاتِلٌ. وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ كَثِيرُ الْمَغْفِرَةِ وَالرَّحْمَةِ، بَلِيغُهُمَا، لَا يُؤَاخِذُ مِثْلَ هَؤُلَاءِ فِيمَا فَرَطَ مِنْهُمْ مِنْ إِسَاءَةِ الْأَدَبِ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا قَرَأَ الْجُمْهُورُ: فَتَبَيَّنُوا مِنَ التَّبَيُّنِ، وَقَرَأَ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ: «فَتَثَبَّتُوا» مِنَ التَّثَبُّتِ، وَالْمُرَادُ مِنَ التَّبَيُّنِ التَّعَرُّفُ وَالتَّفَحُّصُ، وَمِنَ التَّثَبُّتِ: الْأَنَاةُ وَعَدَمُ الْعَجَلَةِ، وَالتَّبَصُّرُ فِي الْأَمْرِ الْوَاقِعِ، وَالْخَبَرِ الْوَارِدِ حَتَّى يَتَّضِحَ وَيَظْهَرَ. قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: إِنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي الْوَلِيدِ بْنِ عُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ. وَقَوْلُهُ أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ مَفْعُولٌ لَهُ، أَيْ: كَرَاهَةَ أَنْ تُصِيبُوا، أَوْ لِئَلَّا تُصِيبُوا لِأَنَّ الْخَطَأَ مِمَّنْ لَمْ يَتَبَيَّنِ الْأَمْرَ وَلَمْ يَتَثَبَّتْ فِيهِ هُوَ الْغَالِبُ وَهُوَ جَهَالَةٌ، لِأَنَّهُ لم يصدر عن علم، والمعنى:
متلبسين بِجَهَالَةٍ بِحَالِهِمْ فَتُصْبِحُوا عَلى مَا فَعَلْتُمْ بِهِمْ مِنْ إِصَابَتِهِمْ بِالْخَطَأِ نادِمِينَ عَلَى ذَلِكَ مُغْتَمِّينَ لَهُ مُهْتَمِّينَ بِهِ. ثُمَّ وَعَظَهُمُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ فَقَالَ: وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ فَلَا تَقُولُوا قَوْلًا بَاطِلًا وَلَا تَتَسَرَّعُوا عِنْدَ وُصُولِ الْخَبَرِ إِلَيْكُمْ مِنْ غَيْرِ تَبَيُّنٍ، وَ «أَنَّ» وَمَا فِي حَيِّزِهَا سَادَّةٌ مَسَدَّ مَفْعُولَيِ «اعْلَمُوا» ، وَجُمْلَةُ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ فِي مَحَلِّ نَصْبٍ عَلَى الْحَالِ مِنْ ضَمِيرِ فِيكُمْ أَوْ مُسْتَأْنَفَةٌ، وَالْمَعْنَى:
لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِمَّا تُخْبِرُونَهُ بِهِ مِنَ الْأَخْبَارِ الْبَاطِلَةِ، وَتُشِيرُونَ بِهِ عَلَيْهِ مِنَ الْآرَاءِ الَّتِي لَيْسَتْ بِصَوَابٍ لَوَقَعْتُمْ فِي الْعَنَتِ وَهُوَ التَّعَبُ، وَالْجَهْدُ، وَالْإِثْمُ، وَالْهَلَاكُ، وَلَكِنَّهُ لَا يُطِيعُكُمْ فِي غَالِبِ مَا تُرِيدُونَ قَبْلَ وُضُوحِ وَجْهِهِ لَهُ، وَلَا يُسَارِعُ إِلَى الْعَمَلِ بِمَا يَبْلُغُهُ قَبْلَ النَّظَرِ فِيهِ وَلكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمانَ أَيْ: جَعَلَهُ أَحَبَّ الْأَشْيَاءِ إِلَيْكُمْ، أَوْ مَحْبُوبًا لَدَيْكُمْ، فَلَا يَقَعُ مِنْكُمْ إِلَّا مَا يُوَافِقُهُ وَيَقْتَضِيهِ مِنَ الْأُمُورِ الصَّالِحَةِ، وَتَرْكِ التَّسَرُّعِ فِي الْأَخْبَارِ، وَعَدَمِ التَّثَبُّتِ فِيهَا، قِيلَ: وَالْمُرَادُ بِهَؤُلَاءِ مَنْ عَدَا الْأَوَّلِينَ لِبَيَانِ بَرَاءَتِهِمْ عَنْ أَوْصَافِ الْأَوَّلِينَ، وَالظَّاهِرُ: أَنَّهُ تَذْكِيرٌ لِلْكُلِّ بِمَا يَقْتَضِيهِ الْإِيمَانُ وَتُوجِبُهُ مَحَبَّتُهُ الَّتِي جَعَلَهَا اللَّهُ فِي قُلُوبِهِمْ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ أَيْ: حَسَّنَهُ بِتَوْفِيقِهِ حَتَّى جَرَوْا عَلَى مَا يَقْتَضِيهِ فِي الْأَقْوَالِ وَالْأَفْعَالِ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيانَ أَيْ:
جَعَلَ كُلَّ مَا هُوَ مِنْ جِنْسِ الْفُسُوقِ وَمِنْ جِنْسِ الْعِصْيَانِ مَكْرُوهًا عِنْدَكُمْ. وَأَصْلُ الْفِسْقِ الخروج على الطَّاعَةِ، وَالْعِصْيَانُ جِنْسُ مَا يُعْصَى اللَّهُ بِهِ، وَقِيلَ: أَرَادَ بِذَلِكَ الْكَذِبَ خَاصَّةً، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى أُولئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ أَيِ: الْمَوْصُوفُونَ بِمَا ذَكَرَهُمُ الرَّاشِدُونَ. وَالرُّشْدُ: الِاسْتِقَامَةُ عَلَى طَرِيقِ الْحَقِّ مَعَ تَصَلُّبٍ، مِنَ الرَّشَادَةِ: وَهِيَ الصَّخْرَةُ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً أَيْ: لِأَجْلِ فَضْلِهِ وَإِنْعَامِهِ، وَالْمَعْنَى: أنه حبّب إليكم ما حبّب، وكرّه لِأَجْلِ فَضْلِهِ وَإِنْعَامِهِ، أَوْ جَعَلَكُمْ رَاشِدِينَ لِأَجْلِ ذَلِكَ، وَقِيلَ: النَّصْبُ بِتَقْدِيرِ فِعْلٍ: أَيْ تَبْتَغُونَ فَضْلًا وَنِعْمَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِكُلِّ مَعْلُومٍ حَكِيمٌ فِي كُلِّ مَا يَقْضِي بِهِ بَيْنَ عِبَادِهِ ويقدّره لهم.

نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 5  صفحه : 71
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست