responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 5  صفحه : 635
هَذِهِ الْآيَةِ تَكْذِيبَ قَوْلِهِمْ، وَهُمْ إِنَّمَا قَالُوا ذَلِكَ بِلَفْظٍ يُفِيدُ النَّفْيَ فِيمَا مَضَى، وَرَدَتِ الْآيَةُ لِدَفْعِ قَوْلِهِمْ هَذَا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ هَذِهِ الْجُمْلَةُ مُقَرِّرَةٌ لِمَضْمُونِ مَا قَبْلَهَا لِأَنَّهُ سُبْحَانَهُ إِذَا كَانَ مُتَّصِفًا بِالصِّفَاتِ الْمُتَقَدِّمَةِ كَانَ مُتَّصِفًا بِكَوْنِهِ لَمْ يُكَافِئْهُ أَحَدٌ، وَلَا يُمَاثِلُهُ، وَلَا يُشَارِكُهُ فِي شَيْءٍ، وَأُخِّرَ اسْمُ كَانَ لِرِعَايَةِ الْفَوَاصِلِ، وَقَوْلُهُ:
«لَهُ» مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ: «كُفُوًا» قُدِّمَ عَلَيْهِ لِرِعَايَةِ الِاهْتِمَامِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ نَفْيُ الْمُكَافَأَةِ عَنْ ذَاتِهِ. وَقِيلَ: إِنَّهُ فِي مَحَلِّ نَصْبٍ عَلَى الْحَالِ، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى. وَقَدْ رَدَّ الْمُبَرِّدُ عَلَى سِيبَوَيْهِ بِهَذِهِ الْآيَةِ لِأَنَّ سِيبَوَيْهِ قَالَ: إِنَّهُ إِذَا تَقَدَّمَ الظَّرْفُ كَانَ هُوَ الْخَبَرَ، وَهَاهُنَا لَمْ يُجْعَلْ خَبَرًا مَعَ تَقَدُّمِهِ، وَقَدْ رُدَّ عَلَى الْمُبَرِّدِ بِوَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ سِيبَوَيْهِ لَمْ يَجْعَلْ ذَلِكَ حَتْمًا بَلْ جَوَّزَهُ. وَالثَّانِي: أَنَّا لَا نُسَلِّمُ كَوْنَ الظَّرْفِ هُنَا لَيْسَ بِخَبَرٍ، بَلْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ خَبَرًا وَيَكُونُ كُفُوًا مُنْتَصِبًا عَلَى الْحَالِ. وَحُكِيَ فِي الْكَشَّافِ عَنْ سِيبَوَيْهِ عَلَى أَنَّ الْكَلَامَ الْعَرَبِيَّ الْفَصِيحَ أَنَّ يُؤَخِّرَ الظَّرْفَ الَّذِي هُوَ لَغْوٌ غَيْرُ مُسْتَقِرٍّ، وَاقْتَصَرَ فِي هَذِهِ الْحِكَايَةِ عَلَى نَقْلِ أَوَّلِ كَلَامِ سِيبَوَيْهِ وَلَمْ يَنْظُرْ إِلَى آخِرِهِ، فَإِنَّهُ قَالَ فِي آخِرِ كَلَامِهِ: وَالتَّقْدِيمُ وَالتَّأْخِيرُ وَالْإِلْغَاءُ وَالِاسْتِقْرَارُ عَرَبِيٌّ جَيِّدٌ كثير، انتهى. قرأ الْجُمْهُورُ:
«كُفُوًا» بِضَمِّ الْكَافِ وَالْفَاءِ وَتَسْهِيلِ الْهَمْزَةِ، وَقَرَأَ الْأَعْرَجُ وَسِيبَوَيْهِ وَنَافِعٌ فِي رِوَايَةٍ عَنْهُ بِإِسْكَانِ الْفَاءِ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ حَمْزَةَ مَعَ إِبْدَالِهِ الْهَمْزَةَ وَاوًا وَصْلًا وَوَقْفًا، وَقَرَأَ نَافِعٌ فِي رِوَايَةٍ عَنْهُ «كِفَأَ» بِكَسْرِ الْكَافِ وَفَتْحِ الْفَاءِ مِنْ غَيْرِ مَدٍّ، وَقَرَأَ سُلَيْمَانُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسِ كَذَلِكَ مَعَ الْمَدِّ، وَأَنْشَدَ قَوْلَ النَّابِغَةِ:
لَا تَقْذِفَنِّي بِرُكْنٍ لَا كِفَاءَ لَهُ
وَالْكُفْءُ فِي لُغَةِ الْعَرَبِ النَّظِيرُ، يَقُولُ: هَذَا كُفْؤُكَ، أَيْ: نَظِيرُكَ، وَالِاسْمُ الْكَفَاءَةُ بِالْفَتْحِ.
وَقَدْ أَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَالْمَحَامِلِيُّ فِي أَمَالِيهِ، وَالطَّبَرَانِيُّ، وَأَبُو الشَّيْخِ فِي الْعَظَمَةِ، عَنْ بريدة، لَا أَعْلَمُهُ إِلَّا رَفَعَهُ. قَالَ: الصَّمَدُ: الَّذِي لَا جَوْفَ لَهُ، وَلَا يَصِحُّ رَفْعُ هَذَا. وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: الصَّمَدُ: الَّذِي لَا جَوْفَ لَهُ، وَفِي لَفْظٍ: لَيْسَ لَهُ أَحْشَاءٌ.
وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي عَاصِمٍ وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِثْلَهُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْهُ قَالَ: الصَّمَدُ: الّذي لا يطعم، وهو المصمت. وقال: أو ما سَمِعْتَ النَّائِحَةَ وَهِيَ تَقُولُ:
لَقَدْ بَكَّرَ النَّاعِي بِخَيْرِ بَنِي أَسَدٍ ... بِعَمْرِو بْنِ مَسْعُودٍ وَبِالسَّيِّدِ الصَّمَدِ
وَكَانَ لَا يَطْعَمُ عِنْدَ الْقِتَالِ، وَقَدْ روي عنه أن الَّذِي يُصْمَدُ إِلَيْهِ فِي الْحَوَائِجِ، وَأَنَّهُ أَنْشَدَ الْبَيْتَ، وَاسْتَدَلَّ بِهِ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى، وَهُوَ أَظْهَرُ فِي الْمَدْحِ وَأَدْخَلُ فِي الشَّرَفِ، وَلَيْسَ لِوَصْفِهِ بِأَنَّهُ لَا يَطْعَمُ عِنْدَ الْقِتَالِ كَثِيرُ مَعْنًى.
وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَأَبُو الشَّيْخِ فِي الْعَظَمَةِ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ، مِنْ طَرِيقِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: الصَّمَدُ: السَّيِّدُ الَّذِي قَدْ كَمُلَ فِي سُؤْدُدِهِ، وَالشَّرِيفُ الَّذِي قَدْ كَمُلَ فِي شَرَفِهِ، وَالْعَظِيمُ الَّذِي قَدْ كَمُلَ فِي عَظَمَتِهِ، وَالْحَلِيمُ الَّذِي قَدْ كَمُلَ فِي حِلْمِهِ، وَالْغَنِيُّ الَّذِي قَدْ كَمُلَ فِي غِنَاهُ، وَالْجَبَّارُ الَّذِي قَدْ كَمُلَ فِي جَبَرُوتِهِ، وَالْعَالِمُ الَّذِي قَدْ كَمَلَ فِي عِلْمِهِ، وَالْحَكِيمُ الَّذِي قَدْ كَمُلَ فِي حِكْمَتِهِ، وَهُوَ الَّذِي قَدْ كَمُلَ فِي أَنْوَاعِ الشَّرَفِ وَالسُّؤْدُدِ، وَهُوَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ هَذِهِ صِفَةٌ لَا تَنْبَغِي إلا

نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 5  صفحه : 635
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست