responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 5  صفحه : 606
كان لها خراطيم كخراطيم الطَّيْرِ وَأَكُفٌّ كَأَكُفِّ الْكِلَابِ. وَقِيلَ فِي صِفَتِهَا غَيْرُ ذَلِكَ، وَالْعَرَبُ تَسْتَعْمِلُ الْأَبَابِيلَ فِي الطَّيْرِ، كَمَا فِي قَوْلِ الشَّاعِرِ:
تَرَاهُمْ إِلَى الدَّاعِي سراعا كأنّهم ... أبابيل طير تحت دجن مسخّن «1»
وَتَسْتَعْمِلُهَا فِي غَيْرِ الطَّيْرِ، كَقَوْلِ الْآخَرِ:
كَادَتْ تهدّ من الأصوات راحلتي ... إذ سَأَلْتُ الْأَرْضَ بِالْجُرْدِ [2] الْأَبَابِيلِ
تَرْمِيهِمْ بِحِجارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ الْجُمْلَةُ فِي مَحَلِّ نَصْبٍ صِفَةٍ لِطَيْرٍ. قَرَأَ الْجُمْهُورُ: تَرْمِيهِمْ بِالْفَوْقِيَّةِ.
وَقَرَأَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو مَعْمَرٍ وَعِيسَى وَطَلْحَةُ بِالتَّحْتِيَّةِ، وَاسْمُ الْجَمْعِ يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ. وَقِيلَ: الضَّمِيرُ فِي الْقِرَاءَةِ الثَّانِيَةِ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ. قَالَ الزَّجَّاجُ مِنْ سِجِّيلٍ أَيْ: مِمَّا كَتَبَ عَلَيْهِمُ الْعَذَابَ بِهِ، مُشْتَقًّا مِنَ السِّجِلِّ.
قَالَ فِي الصِّحَاحِ: قَالُوا: هِيَ حِجَارَةٌ مِنْ طِينٍ طُبِخَتْ بِنَارِ جَهَنَّمَ مَكْتُوبٌ فيها أسماء القوم. قال عبد الرّحمن ابن أَبْزَى: مِنْ سِجِّيلٍ مِنَ السَّمَاءِ، وَهِيَ الْحِجَارَةُ الَّتِي نَزَلَتْ عَلَى قَوْمِ لُوطٍ، وَقِيلَ: مِنَ الْجَحِيمِ الَّتِي هِيَ سِجِّينٌ، ثُمَّ أُبْدِلَتِ النُّونُ لَامًا، وَمِنْهُ قَوْلُ ابْنُ مُقْبِلٍ:
ضَرْبًا تَوَاصَتْ بِهِ الْأَبْطَالُ سِجِّيلَا «3»
وَإِنَّمَا هُوَ سِجِّينَا. قَالَ عكرمة: كان تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مَعَهَا، فَإِذَا أَصَابَ أَحَدَهُمْ حَجْرٌ مِنْهَا خَرَجَ بِهِ الْجُدَرِيُّ، وَكَانَ الْحَجَرُ كَالْحِمَّصَةِ وَفَوْقَ الْعَدَسَةِ، وَقَدْ قَدَّمْنَا الْكَلَامَ فِي سِجِّيلٍ فِي سُورَةِ هُودٍ فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ أَيْ: جَعَلَ اللَّهُ أَصْحَابَ الْفِيلِ كَوَرَقِ الزَّرْعِ إِذَا أَكَلَتْهُ الدَّوَابُّ فَرَمَتْ بِهِ مِنْ أَسْفَلَ، شَبَّهَ تَقَطُّعَ أَوْصَالِهِمْ بِتَفَرُّقِ أَجْزَائِهِ. وَقِيلَ: الْمَعْنَى: أَنَّهُمْ صَارُوا كَوَرَقِ زَرْعٍ قَدْ أَكَلَتْ مِنْهُ الدَّوَابُّ وَبَقِيَ مِنْهُ بَقَايَا، أَوْ أَكَلَتْ حَبَّهُ فَبَقِيَ بِدُونِ حَبِّهِ. وَالْعَصْفُ جَمْعُ عَصْفَةٍ وَعُصَافَةٍ وَعَصِيفَةٍ، وَقَدْ قَدَّمْنَا الْكَلَامَ فِي الْعَصْفِ فِي سُورَةِ الرَّحْمَنِ فَارْجِعْ إِلَيْهِ.
وَقَدْ أَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ وَأَبُو نُعَيْمٍ وَالْبَيْهَقِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: جَاءَ أَصْحَابُ الْفِيلِ حَتَّى نَزَلُوا الصِّفَاحَ فَأَتَاهُمْ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ فَقَالَ: إِنَّ هَذَا بَيْتُ اللَّهِ لَمْ يُسَلِّطْ عَلَيْهِ أَحَدًا، قَالُوا: لَا نَرْجِعُ حَتَّى نَهْدِمَهُ وَكَانُوا لَا يُقَدِّمُونَ فِيلَهُمْ إِلَّا تَأَخَّرَ، فَدَعَا الله الطير الأبابيل، فأعطاها حجارة سودا عَلَيْهَا الطِّينُ، فَلَمَّا حَاذَتْهُمْ رَمَتْهُمْ فَمَا بَقِيَ مِنْهُمْ أَحَدٌ إِلَّا أَخَذَتْهُ الْحَكَّةُ، فَكَّانَ لَا يَحُكُّ الْإِنْسَانُ مِنْهُمْ جِلْدَهُ إِلَّا تَسَاقَطَ لَحْمُهُ.
وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَالْحَاكِمُ وَأَبُو نُعَيْمٍ وَالْبَيْهَقِيُّ عَنْهُ قَالَ: أَقْبَلَ أَصْحَابُ الْفِيلِ حَتَّى إِذَا دَنَوْا مِنْ مَكَّةَ اسْتَقْبَلَهُمْ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ، فَقَالَ لِمَلِكِهِمْ. مَا جَاءَ بِكَ إِلَيْنَا؟ أَلَا بَعَثْتَ فَنَأْتِيَكَ بِكُلِّ شَيْءٍ؟ فَقَالَ: أُخْبِرْتُ بِهَذَا الْبَيْتِ الّذي

(1) . قال في حاشية القرطبي: لعل صوابه: مسخر.
[2] «الجرد» : الخيل لا رجالة فيها.
(3) . وصدر البيت: ورجلة يضربون البيض عن عرض.
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 5  صفحه : 606
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست