responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 5  صفحه : 603
الْبَرْكَعَةُ: الْقِيَامُ عَلَى أَرْبَعٍ، يُقَالُ: بَرْكَعَهُ فَتَبَرْكَعَ، أَيْ: صَرَعَهُ فَوَقَعَ عَلَى اسْتِهِ، كَذَا فِي الصحاح.
وبناء فعلة يدلّ على الكثرة، ففيه دلالة على أن يَفْعَلُ ذَلِكَ كَثِيرًا، وَأَنَّهُ قَدْ صَارَ ذَلِكَ عَادَةً لَهُ، وَمِثْلُهُ ضُحَكَةٌ وَلُعَنَةٌ. قَرَأَ الْجُمْهُورُ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ بِضَمِّ أَوَّلِهِمَا وَفَتْحِ الْمِيمِ فِيهِمَا. وَقَرَأَ الْبَاقِرُ وَالْأَعْرَجُ بِسُكُونِ الْمِيمِ فِيهِمَا.
وَقَرَأَ أَبُو وَائِلٍ وَالنَّخَعِيُّ وَالْأَعْمَشُ «وَيْلٌ لِلْهُمَزَةِ اللُّمَزَةِ» ، وَالْآيَةُ تَعُمُّ كُلَّ مَنْ كَانَ مُتَّصِفًا بِذَلِكَ، وَلَا يُنَافِيهِ نُزُولُهَا عَلَى سَبَبٍ خَاصٍّ، فَإِنَّ الِاعْتِبَارَ بِعُمُومِ اللَّفْظِ لَا بِخُصُوصِ السَّبَبِ الَّذِي جَمَعَ مَالًا وَعَدَّدَهُ الْمَوْصُولُ بَدَلٌ مِنْ كُلِّ، أَوْ فِي مَحَلِّ نَصْبٍ عَلَى الذَّمِّ، وَهَذَا أَرْجَحُ لِأَنَّ الْبَدَلَ يَسْتَلْزِمُ أَنْ يَكُونَ الْمُبْدَلُ مِنْهُ فِي حُكْمِ الطَّرْحِ، وَإِنَّمَا وَصَفَهُ سُبْحَانَهُ بِهَذَا الْوَصْفِ لِأَنَّهُ يَجْرِي مَجْرَى السَّبَبِ، وَالْعِلَّةُ فِي الْهَمْزِ وَاللَّمْزِ، وَهُوَ إِعْجَابُهُ بِمَا جَمَعَ مِنَ الْمَالِ وَظَنَّهُ أَنَّهُ الْفَضْلُ، فَلِأَجْلِ ذَلِكَ يَسْتَقْصِرُ غَيْرَهُ. قَرَأَ الْجُمْهُورُ: جَمَعَ مُخَفَّفًا. وَقَرَأَ ابْنُ عَامِرٍ وَحَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ بِالتَّشْدِيدِ. وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ: وَعَدَّدَهُ بالتشديد، وقرأ الحسن الكلبي وَنَصْرُ بْنُ عَاصِمٍ وَأَبُو الْعَالِيَةِ بِالتَّخْفِيفِ، وَالتَّشْدِيدُ فِي الْكَلِمَتَيْنِ يَدُلُّ عَلَى التَّكْثِيرِ، وَهُوَ جَمْعُ الشَّيْءِ بَعْدَ الشَّيْءِ، وَتَعْدِيدُهُ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى. قَالَ الْفَرَّاءُ: مَعْنَى عَدَّدَهُ: أَحْصَاهُ. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: وَعَدَّدَهُ لِنَوَائِبِ الدُّهُورِ. يُقَالُ أَعْدَدْتُ الشَّيْءَ وَعَدَدْتُهُ: إِذَا أَمْسَكْتَهُ. قَالَ السُّدِّيُّ: أَحْصَى عَدَدَهُ. وَقَالَ الضَّحَّاكُ: أَعَدَّ مَالَهُ لِمَنْ يَرِثُهُ. وَقِيلَ الْمَعْنَى:
فَاخَرَ بِكَثْرَتِهِ وَعَدَدِهِ، وَالْمَقْصُودُ ذَمُّهُ عَلَى جَمْعِ الْمَالِ، وَإِمْسَاكِهِ وَعَدَمِ إِنْفَاقِهِ فِي سَبِيلِ الْخَيْرِ. وَقِيلَ: الْمَعْنَى عَلَى قِرَاءَةِ التَّخْفِيفِ فِي عَدَدِهِ أَنَّهُ جَمَعَ عَشِيرَتَهُ وَأَقَارِبَهُ. قَالَ الَمَهْدَوِيُّ: مَنْ خَفَّفَ «وَعَدَّدَهُ» فَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى الْمَالِ، أَيْ: وَجَمَعَ عَدَدَهُ، وَجُمْلَةُ يَحْسَبُ أَنَّ مالَهُ أَخْلَدَهُ مُسْتَأْنَفَةٌ لِتَقْرِيرِ مَا قَبْلَهَا، وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ فِي مَحَلِّ نَصْبٍ عَلَى الْحَالِ، أَيْ: يَعْمَلُ عَمَلَ مَنْ يَظُنُّ أَنَّ مَالَهُ يَتْرُكُهُ حَيًّا مُخَلَّدًا لَا يَمُوتُ. وَقَالَ عِكْرِمَةُ: يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ يَزِيدُ فِي عُمُرِهِ، وَالْإِظْهَارُ فِي مَوْضِعِ الْإِضْمَارِ لِلتَّقْرِيعِ وَالتَّوْبِيخِ. وَقِيلَ: هُوَ تَعْرِيضٌ بِالْعَمَلِ الصَّالِحِ، وَأَنَّهُ الَّذِي يَخْلُدُ صَاحِبُهُ فِي الْحَيَاةِ الأبدية، لا المال. وقوله: كَلَّا رَدْعٌ لَهُ عَنْ ذَلِكَ الْحُسْبَانِ، أَيْ:
لَيْسَ الْأَمْرُ عَلَى مَا يَحْسَبُهُ هَذَا الَّذِي جَمَعَ الْمَالَ وَعَدَّدَهُ، وَاللَّامُ فِي لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ جَوَابُ قَسَمٍ مَحْذُوفٍ، أَيْ: لَيُطْرَحَنَّ فِي النَّارِ وَلَيُلْقَيَنَّ فِيهَا. قَرَأَ الْجُمْهُورُ: لَيُنْبَذَنَّ وَقَرَأَ عليّ والحسن ومحمد بن كعب ونصر ابن عَاصِمٍ وَمُجَاهِدٌ وَحُمَيْدٌ وَابْنُ مُحَيْصِنٍ: «لَيُنْبَذَانَّ» بِالتَّثْنِيَةِ، أَيْ: لَيُنْبَذُ هُوَ وَمَالُهُ فِي النَّارِ. وَقَرَأَ الْحَسَنُ أَيْضًا:
«لَيَنْبِذَنَّ» أَيْ: لَيَنْبِذَنَّ مَالَهُ فِي النَّارِ وَما أَدْراكَ مَا الْحُطَمَةُ هَذَا الِاسْتِفْهَامُ لِلتَّهْوِيلِ وَالتَّفْظِيعِ حَتَّى كَأَنَّهَا لَيْسَتْ مِمَّا تُدْرِكُهُ الْعُقُولُ وَتَبْلُغُهُ الْأَفْهَامُ. ثُمَّ بَيَّنَهَا سُبْحَانَهُ فَقَالَ: نارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ أَيْ: هِيَ نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ بِأَمْرِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ، وَفِي إِضَافَتِهَا إِلَى الِاسْمِ الشَّرِيفِ تَعْظِيمٌ لَهَا وَتَفْخِيمٌ، وَكَذَلِكَ فِي وَصْفِهَا بِالْإِيقَادِ، وَسُمِّيَتْ حُطَمَةً لِأَنَّهَا تُحَطِّمُ كُلَّ مَا يُلْقَى فِيهَا وَتُهَشِّمُهُ، وَمِنْهُ:
إِنَّا حَطَّمْنَا بِالْقَضِيبِ مُصْعَبًا ... يَوْمَ كَسَرْنَا أَنْفَهُ لِيَغْضَبَا
قِيلَ: هِيَ الطَّبَقَةُ السَّادِسَةُ مِنْ طَبَقَاتِ جَهَنَّمَ، وَقِيلَ: الطَّبَقَةُ الثَّانِيَةُ مِنْهَا، وَقِيلَ: الطَّبَقَةُ الرَّابِعَةُ الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ أَيْ: يَخْلُصُ حَرُّهَا إِلَى الْقُلُوبِ فَيَعْلُوهَا وَيَغْشَاهَا، وَخَصَّ الْأَفْئِدَةَ مَعَ كَوْنِهَا تَغْشَى جَمِيعَ أَبْدَانِهِمْ لِأَنَّهَا مَحَلُّ الْعَقَائِدِ الزَّائِغَةِ، أَوْ لِكَوْنِ الْأَلَمِ إِذَا وَصَلَ إِلَيْهَا مَاتَ صَاحِبُهَا، أَيْ: إِنَّهُمْ فِي حَالِ مَنْ يَمُوتُ

نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 5  صفحه : 603
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست