responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 5  صفحه : 598
لِلْمَفْعُولِ، ثُمَّ كَرَّرَ الْوَعِيدَ وَالتَّهْدِيدَ لِلتَّأْكِيدِ فَقَالَ: ثُمَّ لَتَرَوُنَّها عَيْنَ الْيَقِينِ أَيْ: ثُمَّ لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ الرُّؤْيَةَ الَّتِي هِيَ نَفْسُ الْيَقِينِ، وَهِيَ الْمُشَاهَدَةُ وَالْمُعَايَنَةُ، وَقِيلَ: الْمَعْنَى: لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ بِأَبْصَارِكُمْ عَلَى الْبُعْدِ مِنْكُمْ، ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا مُشَاهَدَةً عَلَى الْقُرْبِ. وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِالْأَوَّلِ رُؤْيَتُهَا قَبْلَ دُخُولِهَا، وَالثَّانِي رُؤْيَتُهَا حَالَ دُخُولِهَا، وَقِيلَ:
هُوَ إِخْبَارٌ عَنْ دَوَامِ بَقَائِهِمْ فِي النَّارِ، أَيْ: هِيَ رُؤْيَةٌ دَائِمَةٌ مُتَّصِلَةٌ. وَقِيلَ الْمَعْنَى: لَوْ تَعْلَمُونَ الْيَوْمَ عِلْمَ الْيَقِينِ وَأَنْتُمْ فِي الدُّنْيَا لَتَرَوُنَّ الجحيم بعيون قُلُوبِكُمْ، وَهُوَ أَنْ تَتَصَوَّرُوا أَمْرَ الْقِيَامَةِ وَأَهْوَالَهَا ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ أَيْ عَنْ نَعِيمِ الدُّنْيَا الَّذِي أَلْهَاكُمْ عَنِ الْعَمَلِ لِلْآخِرَةِ. قَالَ قَتَادَةُ: يَعْنِي كُفَّارَ مَكَّةَ كَانُوا فِي الدُّنْيَا فِي الْخَيْرِ وَالنِّعْمَةِ، فَيُسْأَلُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَنْ شُكْرِ مَا كَانُوا فِيهِ، وَلَمْ يَشْكُرُوا رَبَّ النِّعَمِ حَيْثُ عَبَدُوا غَيْرَهُ وَأَشْرَكُوا بِهِ. قَالَ الْحَسَنُ: لَا يُسْأَلُ عَنِ النَّعِيمِ إِلَّا أَهْلُ النَّارِ. وَقَالَ قَتَادَةُ: إِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ سَائِلٌ كُلَّ ذِي نِعْمَةٍ عَمَّا أَنْعَمَ عَلَيْهِ، وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ، وَلَا وَجْهَ لِتَخْصِيصِ النَّعِيمِ بِفَرْدٍ مِنَ الْأَفْرَادِ، أَوْ نَوْعٍ مِنَ الْأَنْوَاعِ لِأَنَّ تَعْرِيفَهُ لِلْجِنْسِ أَوِ الِاسْتِغْرَاقِ، وَمُجَرَّدُ السُّؤَالِ لَا يَسْتَلْزِمُ تعذيب المسؤول عَلَى النِّعْمَةِ الَّتِي يُسْأَلُ عَنْهَا، فَقَدْ يَسْأَلُ اللَّهُ الْمُؤْمِنَ عَنِ النِّعَمِ الَّتِي أَنْعَمَ بِهَا عَلَيْهِ فِيمَ صَرَفَهَا، وَبِمَ عَمِلَ فِيهَا؟ لِيَعْرِفَ تَقْصِيرَهُ وَعَدَمَ قِيَامِهِ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِ مِنَ الشُّكْرِ، وَقِيلَ: السُّؤَالُ عَنِ الْأَمْنِ وَالصِّحَّةِ، وَقِيلَ: عَنِ الصِّحَّةِ وَالْفَرَاغِ، وَقِيلَ: عَنِ الْإِدْرَاكِ بِالْحَوَاسِّ، وَقِيلَ:
عَنْ مَلَاذِّ الْمَأْكُولِ وَالْمَشْرُوبِ، وَقِيلَ: عَنِ الْغَدَاءِ وَالْعَشَاءِ، وَقِيلَ: عَنْ بَارِدِ الشَّرَابِ وَظِلَالِ الْمَسَاكِنِ، وَقِيلَ:
عَنِ اعْتِدَالِ الْخُلُقِ، وَقِيلَ: عَنْ لَذَّةِ النَّوْمِ، وَالْأَوْلَى الْعُمُومُ كَمَا ذَكَرْنَا.
وَقَدْ أَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ فِي قَوْلِهِ: أَلْهاكُمُ التَّكاثُرُ قَالَ: نَزَلَتْ فِي قَبِيلَتَيْنِ مِنْ قَبَائِلِ الْأَنْصَارِ فِي بَنِي حَارِثَةَ وَبَنِي الْحَارِثِ تَفَاخَرُوا وَتَكَاثَرُوا، فَقَالَتْ إِحْدَاهُمَا: فِيكُمْ مِثْلُ فُلَانٍ وَفُلَانٍ، وَقَالَ الْآخَرُونَ مِثْلَ ذَلِكَ. تَفَاخَرُوا بِالْأَحْيَاءِ. ثُمَّ قَالُوا: انْطَلِقُوا بِنَا إِلَى الْقُبُورِ، فَجَعَلَتْ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ تَقُولُ:
فِيكُمْ مِثْلُ فُلَانٍ يُشِيرُونَ إِلَى الْقَبْرِ، وَمِثْلُ فُلَانٍ، وَفَعَلَ الْآخَرُونَ كَذَلِكَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: أَلْهاكُمُ التَّكاثُرُ- حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقابِرَ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيمَا زُرْتُمْ عِبْرَةٌ وَشُغُلٌ. وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ:
أَلْهاكُمُ التَّكاثُرُ قَالَ: فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلْهاكُمُ التَّكاثُرُ يَعْنِي عَنِ الطَّاعَةِ حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقابِرَ يَقُولُ: حَتَّى يَأْتِيَكُمُ الْمَوْتُ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ يعني لو دَخَلْتُمْ قُبُورَكُمْ ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ يَقُولُ: لَوْ قَدْ خَرَجْتُمْ مِنْ قُبُورِكُمْ إِلَى مَحْشَرِكُمْ كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ قَالَ: لَوْ قَدْ وَقَفْتُمْ عَلَى أَعْمَالِكُمْ بَيْنَ يَدَيْ رَبِّكُمْ لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ وَذَلِكَ أَنَّ الصِّرَاطَ يُوضَعُ وَسَطَ جَهَنَّمَ، فَنَاجٍ مُسْلِمٌ، وَمَخْدُوشٌ مُسْلِمٌ، وَمَكْدُوشٌ فِي نار جهنم ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ يَعْنِي شِبَعَ الْبُطُونِ، وَبَارِدَ الشرب، وَظِلَالَ الْمَسَاكِنِ، وَاعْتِدَالَ الْخَلْقِ، وَلَذَّةَ النَّوْمِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْ عِيَاضِ بْنِ غَنْمٍ مَرْفُوعًا نَحْوَهُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الشُّعَبِ، عَنِ ابْنِ عباس في قوله: ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ قَالَ:
صِحَّةُ الْأَبْدَانِ وَالْأَسْمَاعِ وَالْأَبْصَارِ، وَهُوَ أَعْلَمُ بِذَلِكَ مِنْهُمْ، وَهُوَ قَوْلِهِ: إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤادَ كُلُّ

نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 5  صفحه : 598
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست