responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 5  صفحه : 594
وَخَبَرٌ، وَالْجُمْلَةُ فِي مَحَلِّ نَصْبٍ عَلَى أَنَّهَا الْمَفْعُولُ الثَّانِي وَالْمَعْنَى: وَأَيُّ شَيْءٍ أَعْلَمَكَ مَا شَأْنُ الْقَارِعَةِ؟ ثُمَّ بَيَّنَ سُبْحَانَهُ مَتَّى تَكُونُ الْقَارِعَةُ فَقَالَ: يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَراشِ الْمَبْثُوثِ وَانْتِصَابُ الظَّرْفِ بِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ تَدُلُّ عَلَيْهِ الْقَارِعَةُ، أَيْ: تُقَرِّعُهُمْ يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ ... إِلَخْ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَنْصُوبًا بِتَقْدِيرِ اذْكُرْ. وَقَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ وَمَكِّيٌّ وَأَبُو الْبَقَاءِ: هُوَ مَنْصُوبٌ بِنَفْسِ الْقَارِعَةِ، وَقِيلَ: هُوَ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ، وَإِنَّمَا نصب لإضافته إلى الفعل، فالفتحة فتحة بناء لا فتحة إعراب، أي: هي يوم يكون ... إلخ، وقيل التَّقْدِيرُ: سَتَأْتِيكُمُ الْقَارِعَةُ يَوْمُ يَكُونُ. وَقَرَأَ زَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ بِرَفْعِ يَوْمُ عَلَى الْخَبَرِيَّةِ لِلْمُبْتَدَأِ الْمُقَدَّرِ. وَالْفَرَاشُ: الطَّيْرُ الَّذِي تَرَاهُ يَتَسَاقَطُ فِي النَّارِ وَالسِّرَاجِ، وَالْوَاحِدَةُ: فَرَاشَةٌ، كَذَا قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ وَغَيْرُهُ. قَالَ الْفَرَّاءُ: الْفَرَاشُ: هُوَ الطَّائِرُ مِنْ بَعُوضٍ وَغَيْرِهِ. وَمِنْهُ الْجَرَادُ. قَالَ: وَبِهِ يُضْرَبُ الْمَثَلُ فِي الطَّيْشِ وَالْهَوَجِ، يُقَالُ: أَطْيَشُ مِنْ فَرَاشَةٍ، وَأَنْشَدَ:
فَرَاشَةُ الْحِلْمِ فِرْعَوْنُ الْعَذَابِ وَإِنْ ... يُطْلَبْ نَدَاهُ فَكَلْبٌ دُونَهُ كَلْبُ
وَقَوْلٌ آخَرُ:
وَقَدْ كَانَ أَقْوَامٌ رُدِّدَتْ حُلُومُهُمْ ... عَلَيْهِمْ وَكَانُوا كَالْفَرَاشِ مِنَ الْجَهْلِ
وَالْمُرَادُ بِالْمَبْثُوثِ الْمُتَفَرِّقُ الْمُنْتَشِرُ، يُقَالُ بَثَّهُ: إِذَا فَرَّقَهُ، وَمِثْلُ هَذَا قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ فِي آيَةٍ أُخْرَى: كَأَنَّهُمْ جَرادٌ مُنْتَشِرٌ [1] وَقَالَ الْمَبْثُوثِ وَلَمْ يَقُلِ الْمَبْثُوثَةِ، لِأَنَّ الْكُلَّ جَائِزٌ كَمَا فِي قَوْلِهِ: أَعْجازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ [2] وأَعْجازُ نَخْلٍ خاوِيَةٍ [3] وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُ وَجْهِ ذَلِكَ وَتَكُونُ الْجِبالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ أَيْ:
كَالصُّوفِ الْمُلَوَّنِ بِالْأَلْوَانِ الْمُخْتَلِفَةِ الَّذِي نُفِشَ بِالنَّدْفِ، وَالْعِهْنُ عِنْدَ أَهْلِ اللُّغَةِ: الصُّوفُ الْمَصْبُوغُ بِالْأَلْوَانِ الْمُخْتَلِفَةِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُ هَذَا فِي سُورَةِ سَأَلَ سَائِلٌ، وَقَدْ وَرَدَ فِي الْكِتَابِ الْعَزِيزِ أَوْصَافٌ لِلْجِبَالِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَقَدْ قَدَّمْنَا بَيَانَ الْجَمْعِ بَيْنَهَا. ثُمَّ ذَكَرَ سُبْحَانَهُ أَحْوَالَ النَّاسِ وَتَفَرُّقَهُمْ فَرِيقَيْنِ عَلَى جِهَةِ الْإِجْمَالِ فَقَالَ: فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ- فَهُوَ فِي عِيشَةٍ راضِيَةٍ قَدْ تَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِي الْمِيزَانِ فِي سُورَةِ الْأَعْرَافِ وَسُورَةِ الْكَهْفِ وَسُورَةِ الْأَنْبِيَاءِ.
وَقَدِ اخْتُلِفَ فِيهَا هُنَا، فَقِيلَ: هِيَ جَمْعٌ مَوْزُونٌ، وَهُوَ الْعَمَلُ الَّذِي لَهُ وَزْنٌ وَخَطَرٌ عِنْدَ اللَّهِ، وَبِهِ قَالَ الْفَرَّاءُ وَغَيْرُهُ، وَقِيلَ: هِيَ جَمْعُ مِيزَانٍ، وَهُوَ الْآلَةُ الَّتِي تُوضَعُ فِيهَا صَحَائِفُ الْأَعْمَالِ، وَعَبَّرَ عَنْهُ بِلَفْظِ الْجَمْعِ، كَمَا يُقَالُ لِكُلِّ حَادِثَةٍ مِيزَانٌ، وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِالْمَوَازِينِ الْحُجَجُ وَالدَّلَائِلُ، كَمَا فِي قَوْلُ الشَّاعِرِ:
قَدْ كُنْتُ قَبْلَ لِقَائِكُمْ ذَا مَرَّةٍ ... عِنْدِي لِكُلِّ مُخَاصِمٍ مِيزَانُهُ
وَمَعْنَى عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ: مَرَضِيَّةٌ يَرْضَاهَا صاحبها. قال الزجاج: أي ذات رضى يَرْضَاهَا صَاحِبُهَا، وَقِيلَ:
«عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ» أَيْ: فَاعِلَةٍ للرضى، وَهُوَ اللِّينُ، وَالِانْقِيَادُ لِأَهْلِهَا. وَالْعِيشَةُ: كَلِمَةٌ تَجْمَعُ النِّعَمَ الَّتِي فِي الْجَنَّةِ وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ أَيْ: رَجَحَتْ سَيِّئَاتُهُ عَلَى حَسَنَاتِهِ أَوْ لَمْ تَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ يَعْتَدُّ بِهَا فَأُمُّهُ هاوِيَةٌ

[1] القمر: 7.
[2] القمر: 20.
[3] الحاقة: 7.
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 5  صفحه : 594
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست