responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 5  صفحه : 572
الْجَمْعُ بَيْنَ الضَّمِيرَيْنِ فِي فِعْلِهَا لِشَيْءٍ وَاحِدٍ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ خَوَاصِّ بَابِ عَلِمَ، وَنَحْوِهِ. قَالَ الْفَرَّاءُ: لَمْ يَقُلْ رَأَى نَفْسَهُ، كَمَا قِيلَ: قَتَلَ نَفْسَهُ لِأَنَّ رَأَى مِنَ الْأَفْعَالِ الَّتِي تُرِيدُ اسْمًا وَخَبَرًا نَحْوَ الظَّنِّ وَالْحُسْبَانِ فَلَا يُقْتَصَرُ فِيهِ عَلَى مَفْعُولٍ وَاحِدٍ، وَالْعَرَبُ تَطْرَحُ النَّفْسَ مِنْ هَذَا الْجِنْسِ تَقُولُ: رَأَيْتُنِي وَحَسِبْتُنِي، وَمَتَى تَرَاكَ خَارِجًا، وَمَتَى تَظُنُّكَ خَارِجًا، قِيلَ: وَالْمُرَادُ هُنَا أَنَّهُ اسْتَغْنَى بِالْعَشِيرَةِ وَالْأَنْصَارِ وَالْأَمْوَالِ. قَرَأَ الْجُمْهُورُ: «أَنْ رَآهُ» بِمَدِّ الْهَمْزَةِ. وَقَرَأَ قُنْبُلٌ عَنِ ابْنِ كَثِيرٍ بِقَصْرِهَا. قَالَ مُقَاتِلٌ: كَانَ أَبُو جَهْلٍ إِذَا أَصَابَ مَالًا زَادَ فِي ثِيَابِهِ وَمَرْكَبِهِ وَطَعَامِهِ وَشَرَابِهِ فَذَلِكَ طُغْيَانُهُ، وَكَذَا قَالَ الْكَلْبِيُّ. ثُمَّ هَدَّدَ سُبْحَانَهُ وَخَوَّفَ، فَقَالَ: إِنَّ إِلى رَبِّكَ الرُّجْعى
أَيِ: الْمَرْجِعَ، وَالرُّجْعَى وَالْمَرْجِعُ وَالرُّجُوعُ: مَصَادِرُ، يُقَالُ: رَجَعَ إِلَيْهِ مَرْجِعًا وَرُجُوعًا وَرُجْعَى، وَتَقَدَّمَ الْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ لِلْقَصْرِ، أَيِ: الرُّجْعَى إِلَيْهِ سُبْحَانَهُ لَا إِلَى غَيْرِهِ أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهى - عَبْداً إِذا صَلَّى قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: الَّذِي يَنْهَى أَبُو جَهْلٍ، وَالْمُرَادُ بِالْعَبْدِ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَفِيهِ تَقْبِيحٌ لِصُنْعِهِ وَتَشْنِيعٌ لِفِعْلِهِ حَتَّى كَأَنَّهُ بِحَيْثُ يَرَاهُ كُلُّ مَنْ تَتَأَتَّى مِنْهُ الرُّؤْيَةُ أَرَأَيْتَ إِنْ كانَ عَلَى الْهُدى يَعْنِي الْعَبْدَ الْمَنْهِيَّ إِذَا صَلَّى، وَهُوَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوى أَيْ: بِالْإِخْلَاصِ وَالتَّوْحِيدِ وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ الَّذِي تُتَّقَى بِهِ النَّارُ أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى يَعْنِي أَبَا جَهْلٍ، كَذَّبَ بِمَا جَاءَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَوَلَّى عَنِ الْإِيمَانِ، وَقَوْلُهُ:
أَرَأَيْتَ فِي الثَّلَاثَةِ الْمَوَاضِعِ بِمَعْنَى: أَخْبِرْنِي لِأَنَّ الرُّؤْيَةَ لَمَّا كَانَتْ سَبَبًا لِلْإِخْبَارِ عَنِ الْمَرْئِيِّ أَجْرَى الِاسْتِفْهَامَ عَنْهَا مَجْرَى الِاسْتِفْهَامِ عَنْ مُتَعَلِّقِهَا، وَالْخِطَابُ لِكُلِّ مَنْ يَصْلُحُ لَهُ. وَقَدْ ذُكِرَ هُنَا أَرَأَيْتَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، وَصَرَّحَ بَعْدَ الثَّالِثَةِ مِنْهَا بِجُمْلَةٍ اسْتِفْهَامِيَّةٍ فَتَكُونُ فِي مَوْضِعِ الْمَفْعُولِ الثَّانِي لَهَا، وَمَفْعُولُهَا الْأَوَّلُ مَحْذُوفٌ، وَهُوَ ضَمِيرٌ يَعُودُ عَلَى الَّذِي يَنْهَى الْوَاقِعِ مَفْعُولًا أَوَّلَ لِأَرَأَيْتَ الْأُولَى، وَمَفْعُولُ أَرَأَيْتَ الْأُولَى الثَّانِي مَحْذُوفٌ، وَهُوَ جُمْلَةٌ اسْتِفْهَامِيَّةٌ كَالْجُمْلَةِ الْوَاقِعَةِ بَعْدَ أَرَأَيْتَ الثَّانِيَةِ، وَأَمَّا أَرَأَيْتَ الثَّانِيَةُ فَلَمْ يُذْكَرْ لَهَا مَفْعُولٌ لا أوّل ولا ثان، حُذِفَ الْأَوَّلُ لِدَلَالَةِ مَفْعُولِ أَرَأَيْتَ الثَّالِثَةِ عَلَيْهِ فقد حذف الثاني من الأولى، وَالْأَوَّلُ مِنَ الثَّالِثَةِ، وَالِاثْنَانِ مِنَ الثَّانِيَةِ، وَلَيْسَ طَلَبُ كُلِّ مَنْ رَأَيْتُ لِلْجُمْلَةِ الِاسْتِفْهَامِيَّةِ عَلَى سَبِيلِ التَّنَازُعِ لِأَنَّهُ يَسْتَدْعِي إِضْمَارًا، وَالْجُمَلُ لَا تضمر، إنما تضمر المفردات، وإنما ذلك مِنْ بَابِ الْحَذْفِ لِلدَّلَالَةِ، وَأَمَّا جَوَابُ الشَّرْطِ المذكورة مَعَ أَرَأَيْتَ فِي الْمَوْضِعَيْنِ الْآخَرَيْنِ. فَهُوَ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ: إِنْ كَانَ عَلَى الْهُدَى أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوَى أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرى وَإِنَّمَا حُذِفَ لِدَلَالَةِ ذِكْرِهِ فِي جَوَابِ الشَّرْطِ الثَّانِي، وَمَعْنَى أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرى أَيْ: يَطَّلِعُ عَلَى أَحْوَالِهِ، فَيُجَازِيهِ بِهَا، فَكَيْفَ اجْتَرَأَ عَلَى مَا اجْتَرَأَ عَلَيْهِ؟ وَالِاسْتِفْهَامُ لِلتَّقْرِيعِ وَالتَّوْبِيخِ، وَقِيلَ: أَرَأَيْتَ الْأُولَى مَفْعُولُهَا الْأَوَّلُ الْمَوْصُولُ، وَمَفْعُولُهَا الثَّانِي الشَّرْطِيَّةُ الْأُولَى بِجَوَابِهَا الْمَحْذُوفِ الْمَدْلُولِ عَلَيْهِ بالمذكور، وأ رأيت فِي الْمَوْضِعَيْنِ تَكْرِيرٌ لِلتَّأْكِيدِ، وَقِيلَ: كُلُّ وَاحِدَةٍ من أرأيت بدل من الأولى، وأَ لَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرى الخبر. قوله:
كَلَّا رَدْعٌ لِلنَّاهِي، وَاللَّامُ فِي قَوْلِهِ: لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ هِيَ الْمُوَطِّئَةُ لِلْقَسَمِ، أَيْ، وَاللَّهِ لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ عَمَّا هُوَ عَلَيْهِ وَلَمْ يَنْزَجِرْ لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِيَةِ السَّفْعُ: الْجَذْبُ الشَّدِيدُ، وَالْمَعْنَى: لَنَأْخُذَنَّ بِنَاصِيَتِهِ وَلَنَجُرَّنَّهُ إِلَى النَّارِ، وَهَذَا كَقَوْلِهِ: فَيُؤْخَذُ بِالنَّواصِي وَالْأَقْدامِ [1] ويقال: سفعت الشيء إذا قبضته وجذبته،

[1] الرّحمن: 41.
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 5  صفحه : 572
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست