responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 5  صفحه : 558
كَأَحْلَامِ نَائِمٍ، أَوْ كَظِلٍّ زَائِلٍ، لَمْ تَكُنْ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْآخِرَةِ شَيْئًا وَلَمَّا كَانَتْ طَرِيقًا إِلَى الْآخِرَةِ وَسَبَبًا لِنَيْلِ مَا أَعَدَّهُ اللَّهُ لِعِبَادِهِ الصَّالِحِينَ مِنَ الْخَيْرِ الْعَظِيمِ بِمَا يَفْعَلُونَهُ فِيهَا مِنَ الْأَعْمَالِ الْمُوجِبَةِ لِلْفَوْزِ بِالْجَنَّةِ كَانَ فِيهَا خَيْرٌ فِي الْجُمْلَةِ مِنْ هَذِهِ الْحَيْثِيَّةِ. وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى هَذِهِ اللَّامُ قِيلَ: هِيَ لَامُ الِابْتِدَاءِ دَخَلَتْ عَلَى الْخَبَرِ لِتَأْكِيدِ مَضْمُونِ الْجُمْلَةِ، وَالْمُبْتَدَأُ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ: وَلَأَنْتَ سَوْفَ يُعْطِيكَ إِلَخْ، وَلَيْسَتْ لِلْقَسَمِ لِأَنَّهَا لَا تَدْخُلُ عَلَى الْمُضَارِعِ إِلَّا مَعَ النُّونِ الْمُؤَكِّدَةِ، وَقِيلَ: هِيَ لِلْقَسَمِ. قَالَ أَبُو عَلِيٍّ الْفَارِسِيُّ: لَيْسَتْ هَذِهِ اللَّامُ هِيَ الَّتِي فِي قَوْلِكَ: إِنَّ زَيْدًا لَقَائِمٌ، بَلْ هِيَ الَّتِي فِي قَوْلِكَ: لَأَقُومَنَّ، وَنَابَتْ سَوْفَ عَنْ إِحْدَى نُونَيِ التَّأْكِيدِ، فَكَأَنَّهُ قَالَ: وَلَيُعْطِيَنَّكَ. قِيلَ: الْمَعْنَى: وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ الْفَتْحَ فِي الدُّنْيَا وَالثَّوَابَ فِي الْآخِرَةِ فَتَرْضَى.
وَقِيلَ: الْحَوْضُ وَالشَّفَاعَةُ، وَقِيلَ: أَلْفُ قَصْرٍ مِنْ لُؤْلُؤٍ أَبْيَضَ تُرَابُهُ الْمِسْكُ، وَقِيلَ: غَيْرُ ذَلِكَ. وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ سُبْحَانَهُ يُعْطِيهِ مَا يَرْضَى بِهِ مِنْ خَيْرَيِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَمِنْ أَهَمِّ ذَلِكَ عِنْدَهُ وَأَقْدَمِهِ لَدَيْهِ قَبُولُ شَفَاعَتِهِ لِأُمَّتِهِ.
أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوى هذا شروع فِي تِعْدَادِ مَا أَفَاضَهُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ عَلَيْهِ مِنَ النِّعَمِ، أَيْ: وَجَدَكَ يَتِيمًا لَا أَبَ لَكَ فَآوَى، أَيْ: جَعَلَ لَكَ مَأْوًى تَأْوِي إِلَيْهِ، قَرَأَ الْجُمْهُورُ: «فَآوَى» بِأَلِفٍ بَعْدَ الْهَمْزَةِ رُبَاعِيًّا، مِنْ آوَاهُ يُؤْوِيهِ، وَقَرَأَ أَبُو الْأَشْهَبِ: «فَأَوَى» ثُلَاثِيًّا، وَهُوَ إِمَّا بِمَعْنَى الرُّبَاعِيِّ، أَوْ هُوَ مِنْ أَوَى لَهُ إِذَا رَحِمَهُ.
وَعَنْ مُجَاهِدٍ مَعْنَى الْآيَةِ: أَلَمْ يَجِدْكَ وَاحِدًا فِي شَرَفِكَ لَا نَظِيرَ لَكَ فَآوَاكَ اللَّهُ بِأَصْحَابٍ يَحْفَظُونَكَ وَيَحُوطُونَكَ، فَجَعَلَ يَتِيمًا مِنْ قَوْلِهِمْ: دُرَّةٌ يَتِيمَةٌ، وَهُوَ بِعِيدٌ جِدًّا، وَالْهَمْزَةُ لِإِنْكَارِ النَّفْيِ وَتَقْرِيرِ الْمَنْفِيِّ عَلَى أَبْلَغِ وَجْهٍ، فَكَأَنَّهُ قَالَ: قَدْ وَجَدَكَ يَتِيمًا فَآوَى، وَالْوُجُودُ بِمَعْنَى الْعِلْمِ، وَيَتِيمًا مَفْعُولُهُ الثَّانِي، وَقِيلَ: بِمَعْنَى الْمُصَادَفَةِ، وَيَتِيمًا حَالٌ مِنْ مَفْعُولِهِ وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدى مَعْطُوفٌ عَلَى الْمُضَارِعِ الْمَنْفِيِّ، وَقِيلَ: هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى مَا يَقْتَضِيهِ الْكَلَامُ الَّذِي قَبْلَهُ كَمَا ذَكَرْنَا، أَيْ: قَدْ وَجَدَكَ يَتِيمًا فَآوَى وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى، وَالضَّلَالُ هُنَا بِمَعْنَى الْغَفْلَةِ، كَمَا فِي قوله: لا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنْسى [1] وَكَمَا فِي قَوْلِهِ: وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغافِلِينَ [2] وَالْمَعْنَى: أَنَّهُ وَجَدَكَ غَافِلًا عَمَّا يُرَادُ بِكَ مِنْ أَمْرِ النُّبُوَّةِ، وَاخْتَارَ هَذَا الزَّجَّاجُ. وَقِيلَ: مَعْنَى ضَالًّا: لَمْ تَكُنْ تَدْرِي الْقُرْآنَ وَلَا الشَّرَائِعَ فَهَدَاكَ لِذَلِكَ. وَقَالَ الْكَلْبِيُّ وَالسُّدِّيُّ وَالْفَرَّاءُ: وَجَدَكَ فِي قَوْمِ ضَلَالٍ فَهَدَاهُمُ اللَّهُ لَكَ. وَقِيلَ: وَجَدَكَ طَالِبًا لِلْقِبْلَةِ فَهَدَاكَ إِلَيْهَا كَمَا فِي قَوْلِهِ: قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّماءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضاها [3] وَيَكُونُ الضَّلَالُ بِمَعْنَى الطَّلَبِ. وَقِيلَ: وَجَدَكَ ضَائِعًا فِي قَوْمِكَ فَهَدَاكَ إِلَيْهِ، وَيَكُونُ الضَّلَالُ بِمَعْنَى الضَّيَاعِ. وَقِيلَ: وَجَدَكَ مُحِبًّا لِلْهِدَايَةِ فَهَدَاكَ إِلَيْهَا، وَيَكُونُ الضَّلَالُ بِمَعْنَى الْمَحَبَّةِ، وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
عَجَبًا لِعَزَّةَ فِي اخْتِيَارِ قَطِيعَتِي ... بَعْدَ الضَّلَالِ فَحَبْلُهَا قَدْ أَخْلَقَا
وَقِيلَ: وَجَدَكَ ضَالًّا فِي شِعَابِ مَكَّةَ فَهَدَاكَ، أَيْ: رَدَّكَ إِلَى جَدِّكَ عبد المطلب وَوَجَدَكَ عائِلًا فَأَغْنى

[1] طه: 52.
[2] يوسف: 3.
[3] البقرة: 144.
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 5  صفحه : 558
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست