responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 5  صفحه : 528
مَا تَلِيقُ أَيْ: مَا تُمْسِكُ. قَالَ الْمُؤَرِّجُ: سَأَلْتُ الْأَخْفَشَ عَنِ الْعِلَّةِ فِي إِسْقَاطِ الْيَاءِ مِنْ يَسْرِ فَقَالَ: لَا أُجِيبُكَ حَتَّى تَبِيتَ عَلَى بَابِ دَارِي سَنَةً، فَبَتَّ عَلَى بَابِ دَارِهِ سَنَةً فَقَالَ: اللَّيْلُ لَا يَسْرِي، وَإِنَّمَا يُسْرَى فِيهِ، فَهُوَ مَصْرُوفٌ عَنْ جِهَتِهِ، وَكُلُّ مَا صَرَفْتَهُ عَنْ جِهَتِهِ بَخَسْتَهُ مِنْ إِعْرَابِهِ، أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِهِ: وَما كانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا [1] وَلَمْ يَقُلْ بَغِيَّةً لِأَنَّهُ صَرَفَهَا مِنْ بَاغِيَةٍ.
وَفِي كَلَامِ الْأَخْفَشِ هَذَا نَظَرٌ، فَإِنَّ صَرْفَ الشَّيْءِ عَنْ مَعْنَاهُ لِسَبَبٍ مِنَ الْأَسْبَابِ لَا يَسْتَلْزِمُ صَرْفَ لَفْظِهِ عَنْ بَعْضِ مَا يَسْتَحِقُّهُ، وَلَوْ صَحَّ ذَلِكَ لَلَزِمَ فِي كُلِّ الْمَجَازَاتِ الْعَقْلِيَّةِ وَاللَّفْظِيَّةِ، وَاللَّازِمُ بَاطِلٌ فَالْمَلْزُومُ مِثْلُهُ، وَالْأَصْلُ ها هنا إِثْبَاتُ الْيَاءِ لِأَنَّهَا لَامُ الْفِعْلِ الْمُضَارِعِ الْمَرْفُوعِ، وَلَمْ تُحْذَفْ لِعِلَّةٍ مِنَ الْعِلَلِ إِلَّا لِاتِّبَاعِ رَسْمِ الْمُصْحَفِ وَمُوَافَقَةِ رُؤُوسِ الْآيِ إِجْرَاءً لِلْفَوَاصِلِ مجرى القوافي، ومعنى وَاللَّيْلِ إِذا يَسْرِ إذا يمضي، كقوله:
وَاللَّيْلِ إِذْ أَدْبَرَ [2] . وَاللَّيْلِ إِذا عَسْعَسَ [3] وَقِيلَ: مَعْنَى يَسْرِ: يَسَارٌ فِيهِ، كَمَا يُقَالُ: لَيْلٌ نَائِمٌ وَنَهَارٌ صَائِمٌ، كَمَا فِي قَوْلِ الشَّاعِرِ [4] :
لَقَدْ لُمْتِنَا يَا أُمَّ غَيْلَانَ فِي السُّرَى ... وَنِمْتِ وَمَا لَيْلُ الْمَطِيِّ بِنَائِمِ
وَبِهَذَا قال الأخفش والقتبي وَغَيْرُهُمَا مِنْ أَهْلِ الْمَعَانِي، وَبِالْأَوَّلِ قَالَ جُمْهُورُ الْمُفَسِّرِينَ. وَقَالَ قَتَادَةُ وَأَبُو الْعَالِيَةِ: وَاللَّيْلِ إِذا يَسْرِ أي جاء وأقبل. وقال النَّخَعِيُّ: أَيِ اسْتَوَى. قَالَ عِكْرِمَةُ وَقَتَادَةُ وَالْكَلْبِيُّ ومحمد ابن كَعْبٍ: هِيَ لَيْلَةُ الْمُزْدَلِفَةِ خَاصَّةً لِاخْتِصَاصِهَا بِاجْتِمَاعِ النَّاسِ فِيهَا لِطَاعَةِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ، وَقِيلَ: لَيْلَةُ الْقَدْرِ لِسَرَايَةِ الرَّحْمَةِ فِيهَا. وَالرَّاجِحُ عَدَمُ تَخْصِيصِ لَيْلَةٍ مِنَ اللَّيَالِي دُونَ أُخْرَى هَلْ فِي ذلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ هَذَا الِاسْتِفْهَامُ لِتَقْرِيرِ تَعْظِيمِ مَا أَقْسَمَ سُبْحَانَهُ بِهِ وَتَفْخِيمِهِ مِنْ هَذِهِ الْأُمُورِ الْمَذْكُورَةِ، وَالْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ:
ذلِكَ إِلَى تِلْكَ الْأُمُورِ، وَالتَّذْكِيرُ بِتَأْوِيلِ الْمَذْكُورِ، أَيْ: هَلْ فِي ذَلِكَ الْمَذْكُورِ، مِنَ الْأُمُورِ الَّتِي أَقْسَمْنَا بِهَا قَسَمٌ، أَيْ مُقْسَمٌ بِهِ حَقِيقٌ بِأَنْ تُؤَكَّدَ بِهِ الْأَخْبَارُ لِذِي حِجْرٍ أَيْ: عَقْلٍ وَلُبٍّ، فَمَنْ كَانَ ذَا عَقْلٍ وَلُبٍّ عَلِمَ أَنَّ مَا أَقْسَمَ اللَّهُ بِهِ مِنْ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ حَقِيقٌ بِأَنْ يُقْسَمَ بِهِ، وَمِثْلُ هَذَا قوله: وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ [5] . قَالَ الْحَسَنُ: لِذِي حِجْرٍ أَيْ: لِذِي حِلْمٍ. وَقَالَ أَبُو مَالِكٍ: لِذِي سِتْرٍ مِنَ النَّاسِ. وَقَالَ الْجُمْهُورُ: الْحِجْرُ: الْعَقْلُ. قَالَ الْفَرَّاءُ: الْكُلُّ يَرْجِعُ إِلَى مَعْنًى وَاحِدٍ، لِذِي عَقْلٍ وَلِذِي حِلْمٍ وَلِذِي سِتْرٍ، الْكُلُّ بِمَعْنَى الْعَقْلِ. وَأَصْلُ الْحِجْرِ: الْمَنْعُ، يُقَالُ لِمَنْ مَلَكَ نَفْسَهُ وَمَنَعَهَا: إِنَّهُ لَذُو حِجْرٍ، وَمِنْهُ سُمِّيَ الْحَجَرُ لِامْتِنَاعِهِ بِصَلَابَتِهِ، وَمِنْهُ حَجَرَ الْحَاكِمُ عَلَى فُلَانٍ، أَيْ: مَنَعَهُ. قَالَ وَالْعَرَبُ تَقُولُ: إِنَّهُ لَذُو حِجْرٍ إِذَا كَانَ قَاهِرًا لِنَفْسِهِ ضَابِطًا لَهَا. ثُمَّ ذَكَرَ سُبْحَانَهُ عَلَى طَرِيقَةِ الِاسْتِشْهَادِ مَا وَقَعَ مِنْ عَذَابِهِ عَلَى بَعْضِ طَوَائِفِ الْكُفَّارِ بِسَبَبِ كُفْرِهِمْ وَعِنَادِهِمْ وَتَكْذِيبِهِمْ لِلرُّسُلِ تَحْذِيرًا لِلْكُفَّارِ فِي عَصْرِ نَبِيِّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَخْوِيفًا لهم أن يصيبهم ما أصابهم

[1] مريم: 28.
[2] المدثر: 33.
[3] التكوير: 17.
[4] هو جرير.
[5] الواقعة: 76.
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 5  صفحه : 528
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست