responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 5  صفحه : 484
أَعْنِي، أَوْ هُوَ فِي مَحَلِّ رَفْعٍ عَلَى أَنَّهُ خَبْرٌ لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ، أَوْ فِي مَحَلِّ جَرٍّ عَلَى الْبَدَلِ مِنْ لَفْظِ لِيَوْمٍ، وَإِنَّمَا بُنِيَ عَلَى الْفَتْحِ فِي هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ لِإِضَافَتِهِ إِلَى الْفِعْلِ. قَالَ الزَّجَّاجُ: «يَوْمَ» مَنْصُوبٌ بِقَوْلِهِ «مَبْعُوثُونَ» ، الْمَعْنَى:
أَلَا يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ يُبْعَثُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَمَعْنَى يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ: يَوْمَ يَقُومُونَ مِنْ قُبُورِهِمْ لِأَمْرِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، أَوْ لِجَزَائِهِ، أَوْ لِحِسَابِهِ، أَوْ لِحُكْمِهِ وَقَضَائِهِ. وَفِي وَصْفِ الْيَوْمِ بِالْعِظَمِ مَعَ قِيَامِ النَّاسِ لِلَّهِ خَاضِعِينَ فِيهِ وَوَصَفِهِ سُبْحَانَهُ بِكَوْنِهِ رَبَّ الْعَالَمِينَ دَلَالَةٌ عَلَى عِظَمِ ذَنَبِ التَّطْفِيفِ، وَمَزِيدِ إِثْمِهِ وَفَظَاعَةِ عِقَابِهِ. وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ قِيَامَهُمْ فِي رَشْحِهِمْ إِلَى أَنْصَافِ آذَانِهِمْ، وَقِيلَ: الْمُرَادُ قِيَامُهُمْ بِمَا عَلَيْهِمْ مِنْ حُقُوقِ الْعِبَادِ، وَقِيلَ:
الْمُرَادُ قِيَامُ الرُّسُلِ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ للقضاء، والأوّل أولى. قوله: كَلَّا هِيَ لِلرَّدْعِ وَالزَّجْرِ لِلْمُطَفِّفِينَ الْغَافِلِينَ عَنِ الْبَعْثِ وَمَا بَعْدَهُ. ثُمَّ اسْتَأْنَفَ فَقَالَ: إِنَّ كِتابَ الفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ أَنَّ كَلَّا بِمَعْنَى حَقًّا مُتَّصِلَةٌ بِمَا بَعْدَهَا عَلَى مَعْنَى: حَقًّا إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ، وَسِجِّينٌ هُوَ مَا فَسَّرَهُ بِهِ سُبْحَانَهُ مِنْ قَوْلِهِ: وَما أَدْراكَ مَا سِجِّينٌ- كِتابٌ مَرْقُومٌ فَأَخْبَرَ بِهَذَا أَنَّهُ كِتَابٌ مَرْقُومٌ، أَيْ: مَسْطُورٌ، قِيلَ: هُوَ كِتَابٌ جَامِعٌ لِأَعْمَالِ الشَّرِّ الصَّادِرِ مِنَ الشَّيَاطِينِ وَالْكَفَرَةِ وَالْفَسَقَةِ، وَلَفْظُ سِجِّينٍ عَلَمٌ لَهُ. وَقَالَ قَتَادَةُ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَمُقَاتِلٌ وَكَعْبٌ: إِنَّهُ صَخْرَةٌ تَحْتَ الْأَرْضِ السَّابِعَةِ تُقْلَبُ فَيُجْعَلُ كِتَابُ الْفُجَّارِ تَحْتَهَا، وَبِهِ قَالَ مُجَاهِدٌ، فَيَكُونُ فِي الْكَلَامِ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ مُضَافٌ مَحْذُوفٌ، وَالتَّقْدِيرُ: مَحَلُّ كِتَابٍ مَرْقُومٍ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ وَالْأَخْفَشُ وَالْمُبَرِّدُ وَالزَّجَّاجُ لَفِي سِجِّينٍ لَفِي حَبْسٍ وَضِيقٍ شَدِيدٍ، وَالْمَعْنَى: كَأَنَّهُمْ فِي حَبْسٍ، جَعَلَ ذَلِكَ دَلِيلًا عَلَى خَسَاسَةِ مَنْزِلَتِهِمْ وَهَوَانِهَا. قَالَ الْوَاحِدِيُّ: ذَكَرَ قَوْمٌ أَنَّ قَوْلَهُ: كِتابٌ مَرْقُومٌ تفسير لسجين، وَهُوَ بَعِيدٌ لِأَنَّهُ لَيْسَ السِّجِّينُ مِنَ الْكِتَابِ فِي شَيْءٍ عَلَى مَا حَكَيْنَاهُ عَنِ الْمُفَسِّرِينَ، وَالْوَجْهُ أَنْ يُجْعَلَ بَيَانًا لِكِتَابٍ الْمَذْكُورِ فِي قَوْلِهِ: إِنَّ كِتابَ الفُجَّارِ عَلَى تَقْدِيرِ هُوَ كِتَابٌ مَرْقُومٌ، أَيْ: مَكْتُوبٌ قَدْ بُيِّنَتْ حُرُوفُهُ. انْتَهَى. وَالْأَوْلَى مَا ذَكَرْنَاهُ، وَيَكُونُ الْمَعْنَى: إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ الَّذِينَ مِنْ جُمْلَتِهِمُ الْمُطَفِّفُونَ، أَيْ: مَا يُكْتَبَ مِنْ أَعْمَالِهِمْ أَوْ كِتَابَةِ أَعْمَالِهِمْ لَفِي ذَلِكَ الْكِتَابِ الْمُدَوِّنِ لِلْقَبَائِحِ الْمُخْتَصِّ بِالشَّرِّ، وَهُوَ سِجِّينٌ. ثُمَّ ذَكَرَ مَا يَدُلُّ عَلَى تَهْوِيلِهِ وَتَعْظِيمِهِ، فَقَالَ: وَما أَدْراكَ مَا سِجِّينٌ ثُمَّ بَيَّنَهُ بِقَوْلِهِ: كِتابٌ مَرْقُومٌ. قَالَ الزَّجَّاجُ: مَعْنَى قَوْلِهِ: وَما أَدْراكَ مَا سِجِّينٌ لَيْسَ ذَلِكَ مِمَّا كُنْتَ تَعْلَمُهُ أَنْتَ وَلَا قَوْمُكَ. قَالَ قَتَادَةُ: وَمَعْنَى مَرْقُومٌ: رُقِمَ لَهُمْ بِشَرٍّ، كَأَنَّهُ أُعْلِمَ بِعَلَامَةٍ يُعْرَفُ بِهَا أَنَّهُ كَافِرٌ. وَكَذَا قَالَ مُقَاتِلٌ. وَقَدْ اخْتَلَفُوا فِي نُونِ سِجِّينٍ، فَقِيلَ: هِيَ أَصْلِيَّةٌ وَاشْتِقَاقُهُ مِنَ السِّجْنِ، وَهُوَ الْحَبْسُ، وَهُوَ بِنَاءُ مُبَالِغَةٍ كَخِمِّيرٍ وَسِكِّيرٍ وَفِسِّيقٍ، مِنَ الْخَمْرِ وَالسُّكْرِ وَالْفِسْقِ. وَكَذَا قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ وَالْمُبَرِّدُ وَالزَّجَّاجُ. قَالَ الْوَاحِدِيُّ: وَهَذَا ضَعِيفٌ لِأَنَّ الْعَرَبَ مَا كَانَتْ تَعْرِفُ سِجِّينًا. وَيُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّ رِوَايَةَ هَؤُلَاءِ الْأَئِمَّةِ تَقُومُ بِهَا الْحُجَّةُ، وَتَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مِنْ لُغَةِ الْعَرَبِ، وَمِنْهُ قَوْلُ ابْنُ مُقْبِلٍ:
وَرُفْقَةٌ يَضْرِبُونَ الْبَيْضَ ضَاحِيَةً ... ضَرْبًا تَوَاصَتْ بِهِ الْأَبْطَالُ سِجِّينَا
وَقِيلَ: النُّونُ بَدَلٌ مِنَ اللَّامِ، وَالْأَصْلُ: سِجِّيلٌ مُشْتَقًّا مِنَ السِّجِلِّ، وَهُوَ الْكِتَابُ. قَالَ ابْنَ عَطِيَّةَ:
مَنْ قَالَ إِنَّ سِجِّينًا مَوْضِعٌ فَكِتَابٌ مَرْفُوعٌ عَلَى أَنَّهُ خَبَرُ إِنَّ، وَالظَّرْفُ وَهُوَ قَوْلُهُ: لَفِي سِجِّينٍ مُلْغًى، وَمَنْ جَعَلَهُ عِبَارَةً عن الكتاب، فكتاب خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ، التَّقْدِيرُ: هُوَ كِتَابٌ، وَيَكُونُ هَذَا الْكَلَامُ مُفَسِّرًا

نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 5  صفحه : 484
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست