responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 5  صفحه : 480
«رَكَّبَكَ» ، وَعَلَى «كَلَّا» قَبِيحٌ، وَالْمَعْنَى: بَلْ تُكَذِّبُونَ يا أهل مكة بالدين، أي: بالحساب، وبل لِنَفْيِ شَيْءٍ تَقَدَّمَ وَتَحْقِيقِ غَيْرِهِ، وَإِنْكَارِ الْبَعْثِ قَدْ كَانَ مَعْلُومًا عِنْدَهُمْ وَإِنْ لَمْ يَجْرِ لَهُ ذِكْرٌ. قَالَ الْفَرَّاءُ: كَلَّا لَيْسَ الْأَمْرُ كَمَا غُرِرْتَ بِهِ. قَرَأَ الْجُمْهُورُ: «تُكَذِّبُونَ» بِالْفَوْقِيَّةِ عَلَى الْخِطَابِ. وَقَرَأَ الْحَسَنُ وَأَبُو جَعْفَرٍ وَشَيْبَةُ بِالتَّحْتِيَّةِ عَلَى الْغَيْبَةِ، وَجُمْلَةُ وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحافِظِينَ فِي مَحَلِّ نَصْبٍ عَلَى الْحَالِ مِنْ فَاعِلِ تُكَذِّبُونَ، أَيْ: تُكَذِّبُونَ، وَالْحَالُ أَنَّ عَلَيْكُمْ مَنْ يَدْفَعُ تَكْذِيبَكُمْ، وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ مُسْتَأْنَفَةً مَسُوقَةً لِبَيَانِ مَا يُبْطِلُ تَكْذِيبَهُمْ، وَالْحَافِظِينَ الرُّقَبَاءَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ الَّذِينَ يَحْفَظُونَ عَلَى الْعِبَادِ أَعْمَالَهُمْ وَيَكْتُبُونَهَا فِي الصُّحُفِ. وَوَصَفَهُمْ سُبْحَانَهُ بِأَنَّهُمْ كِرَامٌ لَدَيْهِ يَكْتُبُونَ مَا يَأْمُرُهُمْ بِهِ مِنْ أَعْمَالِ الْعِبَادِ، وَجُمْلَةُ يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ فِي مَحَلِّ نَصْبٍ عَلَى الْحَالِ مِنْ ضَمِيرِ كَاتِبِينَ، أَوْ عَلَى النَّعْتِ، أَوْ مُسْتَأْنَفَةٌ. قَالَ الرَّازِّيُّ: وَالْمَعْنَى التَّعْجِيبُ مِنْ حَالِهِمْ، كَأَنَّهُ قَالَ: إِنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ، وَمَلَائِكَةُ اللَّهِ مُوَكَّلُونَ بِكُمْ يَكْتُبُونَ أَعْمَالَكُمْ حَتَّى تُحَاسَبُوا بِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَنَظِيرُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمالِ قَعِيدٌ- مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ [1] . ثُمَّ بَيَّنَ سُبْحَانَهُ حَالَ الْفَرِيقَيْنِ فَقَالَ: إِنَّ الْأَبْرارَ لَفِي نَعِيمٍ- وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ وَالْجُمْلَةُ مُسْتَأْنَفَةٌ لِتَقْرِيرِ هَذَا الْمَعْنَى الَّذِي سِيقَتْ لَهُ، وَهِيَ كَقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ [2] وَقَوْلُهُ: يَصْلَوْنَها يَوْمَ الدِّينِ صِفَةٌ لِجَحِيمٍ وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ فِي مَحَلِّ نَصْبٍ عَلَى الْحَالِ مِنَ الضَّمِيرِ فِي مُتَعَلِّقِ الْجَارِّ وَالْمَجْرُورِ، أَوْ مُسْتَأْنَفَةٌ جَوَابُ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ، كَأَنَّهُ قِيلَ: مَا حَالُهُمْ؟ فَقِيلَ يَصْلَوْنَها يَوْمَ الدِّينِ أَيْ يَوْمَ الْجَزَاءِ الَّذِي كَانُوا يُكَذِّبُونَ بِهِ، وَمَعْنَى يَصْلَوْنَهَا: أَنَّهُمْ يَلْزَمُونَهَا مُقَاسِينَ لِوَهَجِهَا وَحَرِّهَا يَوْمَئِذٍ. قَرَأَ الْجُمْهُورُ: «يَصْلَوْنَهَا» مُخَفَّفًا مَبْنِيًّا لِلْفَاعِلِ، وَقُرِئَ بِالتَّشْدِيدِ مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ وَما هُمْ عَنْها بِغائِبِينَ أَيْ: لَا يُفَارِقُونَهَا أَبَدًا وَلَا يَغِيبُونَ عَنْهَا، بَلْ هُمْ فِيهَا، وَقِيلَ الْمَعْنَى: وَمَا كَانُوا غَائِبِينَ عَنْهَا قَبْلَ ذَلِكَ بِالْكُلِّيَّةِ بَلْ كَانُوا يَجِدُونَ حَرَّهَا فِي قُبُورِهِمْ.
ثُمَّ عَظَّمَ سُبْحَانَهُ ذَلِكَ الْيَوْمَ فَقَالَ: وَما أَدْراكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ ثُمَّ مَا أَدْراكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ أَيْ: يَوْمُ الْجَزَاءِ وَالْحِسَابِ، وَكَرَّرَهُ تَعْظِيمًا لِقَدْرِهِ وَتَفْخِيمًا لِشَأْنِهِ، وَتَهْوِيلًا لِأَمْرِهِ كَمَا فِي قَوْلِهِ: الْقارِعَةُ- مَا الْقارِعَةُ- وَما أَدْراكَ مَا الْقارِعَةُ [3] والْحَاقَّةُ- مَا الْحَاقَّةُ- وَما أَدْراكَ مَا الْحَاقَّةُ [4] وَالْمَعْنَى: أَيُّ شَيْءٍ جَعَلَكَ دَارِيًا مَا يَوْمُ الدِّينِ. قَالَ الْكَلْبِيُّ: الْخِطَابُ لِلْإِنْسَانِ الْكَافِرِ. ثُمَّ أَخْبَرَ سُبْحَانَهُ عَنِ الْيَوْمِ فَقَالَ: يَوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ قَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ وَأَبُو عَمْرٍو بِرَفْعِ «يَوْمُ» عَلَى أَنَّهُ بَدَلٌ مِنْ يَوْمُ الدِّينِ، أَوْ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ. وَقَرَأَ أَبُو عَمْرٍو فِي رِوَايَةٍ: «يَوْمٌ» بِالتَّنْوِينِ، وَالْقَطْعِ عَنِ الْإِضَافَةِ. وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِفَتْحِهِ عَلَى أَنَّهَا فَتْحَةُ إِعْرَابٍ بِتَقْدِيرِ أَعْنِي أَوْ أَذْكُرُ، فَيَكُونُ مَفْعُولًا بِهِ، أَوْ عَلَى أَنَّهَا فَتْحَةُ بِنَاءٍ لِإِضَافَتِهِ إِلَى الْجُمْلَةِ عَلَى رَأْيِ الْكُوفِيِّينَ، وَهُوَ فِي مَحَلِّ رَفْعٍ عَلَى أَنَّهُ خَبْرٌ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ، أَوْ عَلَى أَنَّهُ بَدَلٌ مِنْ يَوْمِ الدِّينِ. قَالَ الزَّجَّاجُ:
يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ إِلَّا أَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى الْفَتْحِ لِإِضَافَتِهِ إِلَى قَوْلِهِ: لَا تَمْلِكُ وَمَا أُضِيفَ إِلَى غَيْرِ الْمُتَمَكِّنِ فَقَدْ يُبْنَى عَلَى الْفَتْحِ، وَإِنْ كَانَ فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ، وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ إِنَّمَا تجوز عند الخليل وسيبويه إذا

[1] ق: 17- 18.
[2] الشورى: 17.
[3] القارعة: 1- 3. [.....]
[4] الحاقة: 1- 3.
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 5  صفحه : 480
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست