responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 5  صفحه : 473
أَقْبَلَ بِظَلَامِهِ. قَالَ الْفَرَّاءُ: الْعَرَبُ تَقُولُ عَسْعَسَ اللَّيْلُ إِذَا أَقْبَلَ، وَعَسْعَسَ اللَّيْلُ إِذَا أَدْبَرَ، وَهَذَا لَا يُنَافِي مَا تَقَدَّمَ عَنْهُ، لِأَنَّهُ حَكَى عَنِ الْمُفَسِّرِينَ أَنَّهُمْ أَجْمَعُوا عَلَى حَمْلِ مَعْنَاهُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ عَلَى أَدْبَرَ، وَإِنْ كَانَ فِي الْأَصْلِ مُشْتَرَكًا بَيْنَ الْإِقْبَالِ وَالْإِدْبَارِ. قَالَ الْمُبَرِّدُ: هُوَ مِنَ الْأَضْدَادِ. قَالَ: وَالْمَعْنَيَانِ يَرْجِعَانِ إِلَى شَيْءٍ وَاحِدٍ، وَهُوَ ابْتِدَاءُ الظَّلَامِ أَوَّلِهِ وَإِدْبَارُهُ فِي آخِرِهِ. قَالَ رُؤْبَةُ بْنُ الْعَجَّاجِ:
يَا هِنْدُ مَا أَسْرَعَ مَا تَعَسْعَسَا ... مِنْ بَعْدِ مَا كَانَ فَتًى تَرَعْرَعَا «1»
وَقَالَ امرؤ القيس:
عسعس حتّى لو يشاء إدّنا ... كان لنا من ناره مقبس
وقوله:
ألمّا على الرّبع القديم بعسعسا «2»
وَالصُّبْحِ إِذا تَنَفَّسَ التنفس الْأَصْلِ: خُرُوجُ النَّسِيمِ مِنَ الْجَوْفِ، وَتَنَفُّسُ الصُّبْحِ: إِقْبَالُهُ لِأَنَّهُ يُقْبِلُ بِرُوحٍ وَنَسِيمٍ، فَجَعَلَ ذَلِكَ تَنَفُّسًا لَهُ مَجَازًا. قَالَ الْوَاحِدِيُّ: تَنَفَّسَ أَيِ امتدّ ضوءه حَتَّى يَصِيرَ نَهَارًا، وَمِنْهُ يُقَالُ لِلنَّهَارِ إِذَا زَادَ: تَنَفَّسَ. وَقِيلَ: إِذا تَنَفَّسَ إِذَا انْشَقَّ وَانْفَلَقَ، وَمِنْهُ تَنَفَّسَتِ الْقَوْسُ، أَيْ:
تَصَدَّعَتْ. ثُمَّ ذَكَرَ سُبْحَانَهُ جَوَابَ الْقَسَمِ فَقَالَ: إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ يَعْنِي جِبْرِيلَ لِكَوْنِهِ نَزَلَ بِهِ مِنْ جِهَةِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَضَافَ الْقَوْلَ إِلَى جِبْرِيلَ لِكَوْنِهِ مُرْسَلًا بِهِ، وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِالرَّسُولِ فِي الْآيَةِ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى. ثُمَّ وَصَفَ الرَّسُولَ الْمَذْكُورَ بِأَوْصَافٍ مَحْمُودَةٍ فَقَالَ: ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ أَيْ: ذِي قُوَّةٍ شَدِيدَةٍ فِي الْقِيَامِ بِمَا كُلِّفَ بِهِ، كَمَا فِي قَوْلِهِ: شَدِيدُ الْقُوى [3] ، وَمَعْنَى عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ أَنَّهُ ذُو رِفْعَةٍ عَالِيَةٍ وَمَكَانَةٍ مَكِينَةٍ عِنْدَ اللَّهِ سبحانه، وهو في محل نصب على حال مِنْ «مَكِينٍ» ، وَأَصْلُهُ الْوَصْفُ فَلَمَّا قُدِّمَ صَارَ حَالًا، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ نَعْتًا لِرَسُولٍ، يُقَالُ: مَكَنَ فُلَانٌ عِنْدَ فُلَانٍ مَكَانَةً، أَيْ: صَارَ ذَا مَنْزِلَةٍ عِنْدَهُ وَمَكَانَةٍ. قَالَ أَبُو صَالِحٍ: مِنْ مَكَانَتِهِ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ أَنَّهُ يَدْخُلُ سَبْعِينَ سُرَادِقًا بِغَيْرِ إِذْنٍ، وَمَعْنَى مُطاعٍ أَنَّهُ مُطَاعٌ بَيْنَ الْمَلَائِكَةِ يَرْجِعُونَ إِلَيْهِ وَيُطِيعُونَهُ ثَمَّ أَمِينٍ قَرَأَ الْجُمْهُورُ بِفَتْحِ «ثَمَّ» عَلَى أَنَّهَا ظَرْفُ مَكَانٍ لِلْبَعِيدِ، وَالْعَامِلُ فِيهِ «مُطَاعٌ» أَوْ مَا بَعْدَهُ، وَالْمَعْنَى: أَنَّهُ مُطَاعٌ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ أَمِينٌ فِيهَا، أَيْ: مُؤْتَمَنٌ عَلَى الْوَحْيِ وَغَيْرِهِ، وَقَرَأَ هُشَيْمٌ وَأَبُو جَعْفَرٍ وَأَبُو حَيْوَةَ بضمها على أنها عاطفة، وَكَانَ الْعَطْفُ بِهَا لِلتَّرَاخِي فِي الرُّتْبَةِ لِأَنَّ مَا بَعْدَهَا أَعْظَمُ مِمَّا قَبْلَهَا، وَمَنْ قَالَ: إن المراد بالرسول محمد

(1) . في لسان العرب: تسعسع بدل تعسعس وسرعرع بدل ترعرع ومعنى «تسعسع» : أدبر وفني. و «السرعرع» :
الشاب الناعم.
(2) . وعجز البيت: كأني أنادي أو أكلم أخرسا.
[3] النجم: 5.
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 5  صفحه : 473
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست