responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 5  صفحه : 434
تَهَكُّمًا بِهِمْ فَقَالَ: لَا ظَلِيلٍ وَلا يُغْنِي مِنَ اللَّهَبِ أَيْ: لَا يُظِلُّ مِنَ الْحَرِّ وَلَا يُغْنِي مِنَ اللَّهَبِ. قَالَ الْكَلْبِيُّ:
لَا يَرُدُّ حَرَّ جَهَنَّمَ عَنْكُمْ. ثُمَّ وَصَفَ سُبْحَانَهُ النَّارَ فَقَالَ: إِنَّها تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ أَيْ: كُلُّ شَرَرَةٍ مِنْ شَرَرِهَا الَّتِي تَرْمِي بِهَا كَالْقَصْرِ مِنَ الْقُصُورِ فِي عِظَمِهَا، وَالشَّرَرُ: مَا تَطَايَرَ مِنَ النَّارِ مُتَفَرِّقًا، وَالْقَصْرُ: الْبِنَاءُ الْعَظِيمُ. وَقِيلَ: الْقَصْرُ جَمْعُ قَصْرَةٍ سَاكِنَةِ الصَّادِ، مِثْلَ جمر وجمرة، وَتَمْرٌ وَتَمْرَةٌ، وَهِيَ الْوَاحِدَةُ مِنْ جَزْلِ الْحَطَبِ الْغَلِيظِ. قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَالضَّحَّاكُ: وَهِيَ أُصُولُ الشَّجَرِ الْعِظَامُ، وَقِيلَ: أَعْنَاقُهُ. قَرَأَ الْجُمْهُورُ:
«كَالْقَصْرِ» بِإِسْكَانِ الصَّادِ، وَهُوَ وَاحِدُ الْقُصُورِ كَمَا تَقَدَّمَ. وَقَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٌ وَحُمَيْدٌ وَالسُّلَمِيُّ بِفَتْحِ الصَّادِ، أَيْ: أَعْنَاقُ النَّخْلِ، وَالْقَصَرَةُ: الْعُنُقُ، جَمْعُهُ قَصْرٌ وَقَصَرَاتٌ. وَقَالَ قَتَادَةٌ: أَعْنَاقُ الْإِبِلِ. وقرأ سعيد ابن جُبَيْرٍ بِكَسْرِ الْقَافِ وَفَتْحِ الصَّادِ، وَهِيَ أَيْضًا جَمْعُ قَصْرَةٍ مِثْلَ بَدْرٍ وَبَدْرَةٍ، وَقَصْعٍ وَقَصْعَةٍ. وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ:
«بِشَرَرٍ» بِفَتْحِ الشِّينِ. وَقَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَابْنُ مِقْسَمٍ بِكَسْرِهَا مَعَ أَلِفٍ بَيْنَ الراءين. وقرأ عيسى كذلك إلا أنه يفتح الشِّينِ، وَهِيَ لُغَاتٌ، ثُمَّ شَبَّهَ الشَّرَرَ بِاعْتِبَارِ لونه فقال: كَأَنَّهُ جِمالَتٌ صُفْرٌ وَهِيَ جَمْعُ جِمَالٍ، وَهِيَ الْإِبِلُ، أَوْ جَمْعُ جَمَّالَةٍ. قَرَأَ الْجُمْهُورُ: «جِمَالَاتٌ» بِكَسْرِ الْجِيمِ. وَقَرَأَ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ وَحَفْصٌ «جِمَالَةٌ» جَمْعُ جَمَلٍ. وَقَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَالْحَسَنُ وَابْنُ جُبَيْرٍ وَقَتَادَةُ وَأَبُو رَجَاءَ «جُمَالَاتٌ» بِضَمِّ الْجِيمِ، وَهِيَ حِبَالُ السُّفُنِ. قَالَ الْوَاحِدِيُّ: وَالصُّفْرُ مَعْنَاهَا السُّودُ فِي قَوْلِ الْمُفَسِّرِينَ. قَالَ الْفَرَّاءُ: الصُّفْرُ: سَوَادُ الْإِبِلِ، لَا يُرَى أَسْوَدُ مِنَ الْإِبِلِ إِلَّا وَهُوَ مُشْرَبٌ صُفْرَةً، لِذَلِكَ سَمَّتِ الْعَرَبُ سُودَ الْإِبِلِ صُفْرًا. قِيلَ: وَالشَّرَرُ إِذَا تَطَايَرَ وَسَقَطَ وَفِيهِ بقية من لون النار أشبه بِالْإِبِلِ السُّودِ. وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
تِلْكَ خَيْلِي منه وَتِلْكَ رِكَابِي ... هُنَّ صُفْرٌ أَوْلَادُهَا كَالزَّبِيبِ
أَيْ: هُنَّ سُودٌ، قِيلَ: وَهَذَا الْقَوْلُ مُحَالٌ فِي اللُّغَةِ أَنْ يَكُونَ شَيْءٌ يَشُوبُهُ شَيْءٌ قَلِيلٌ، فَيُنْسَبُ كُلُّهُ إِلَى ذَلِكَ الشَّائِبِ، فَالْعَجَبُ لِمَنْ قال بهذا، وقد قال تعالى: جِمالَتٌ صُفْرٌ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ وَجْهَهُ: أَنَّ النَّارَ خُلِقَتْ مِنَ النُّورِ فَهِيَ مُضِيئَةٌ، فَلَمَّا خَلَقَ اللَّهُ جَهَنَّمَ، وَهِيَ مَوْضِعُ النَّارِ حُشِيَ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ بِتِلْكَ النَّارِ، وَبَعَثَ إِلَيْهَا سُلْطَانَهُ وَغَضَبَهُ فَاسْوَدَّتْ مِنْ سُلْطَانِهِ وَازْدَادَتْ سَوَادًا، وَصَارَتْ أَشَدَّ سَوَادًا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، فَيَكُونُ شَرَرُهَا أَسْوَدَ لِأَنَّهُ مِنْ نَارٍ سَوْدَاءَ.
قُلْتُ: وَهَذَا الْجَوَابُ لَا يَدْفَعُ مَا قَالَهُ الْقَائِلُ لِأَنَّ كَلَامَهُ بِاعْتِبَارِ مَا وَقَعَ فِي الْكِتَابِ الْعَزِيزِ هُنَا مِنْ وَصْفِهَا بِكَوْنِهَا صَفْرَاءَ، فَلَوْ كَانَ الْأَمْرُ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُجِيبُ مِنِ اسْوِدَادِ النَّارِ، وَاسْوِدَادِ شَرَرِهَا، لَقَالَ اللَّهُ: كَأَنَّهَا جِمَالَاتٌ سُودٌ، وَلَكِنْ إِذَا كَانَتِ الْعَرَبُ تُسَمِّي الْأَسْوَدَ أَصْفَرَ لَمْ يَبْقَ إِشْكَالٌ، لِأَنَّ الْقُرْآنَ نَزَلَ بِلُغَتِهِمْ، وَقَدْ نَقَلَ الثِّقَاتُ عَنْهُمْ ذَلِكَ، فَكَانَ مَا فِي الْقُرْآنِ هُنَا وَارِدًا عَلَى هَذَا الِاسْتِعْمَالِ الْعَرَبِيِّ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ لِرُسُلِ اللَّهِ وَآيَاتِهِ هَذَا يَوْمُ لَا يَنْطِقُونَ أَيْ: لَا يَتَكَلَّمُونَ، قَالَ الْوَاحِدِيُّ: قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: فِي يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَوَاقِفُ، فَفِي بَعْضِهَا يَتَكَلَّمُونَ، وَفِي بَعْضِهَا يُخْتَمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ فَلَا يَتَكَلَّمُونَ، وَقَدْ قَدَّمْنَا الْجَمْعَ بِهَذَا فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ.
وَقِيلَ: إِنَّ هَذَا إِشَارَةٌ إِلَى وَقْتِ دُخُولِهِمُ النَّارَ وَهُمْ عِنْدَ ذَلِكَ لَا يَنْطِقُونَ لِأَنَّ مَوَاقِفَ السُّؤَالِ وَالْحِسَابِ قَدِ انْقَضَتْ. وَقَالَ الْحَسَنُ: لَا يَنْطِقُونَ بِحُجَّةٍ وَإِنْ كَانُوا يَنْطِقُونَ. قَرَأَ الْجُمْهُورُ بِرَفْعِ «يَوْمٌ» عَلَى أَنَّهُ خبر لاسم

نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 5  صفحه : 434
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست