responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 5  صفحه : 432
يُوجِبُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى: أَهْلَكْنَا الْأَوَّلِينَ ثُمَّ أَتْبَعْنَاهُمُ الْآخَرِينَ فِي الْإِهْلَاكِ. وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّ إِهْلَاكَ الْآخَرِينَ لَمْ يَقَعْ بَعْدُ. وَيَدُلُّ عَلَى الرفع قراءة ابن مسعود «ثم سنتبعهم الآخرين» . وقرأ الأعرج والعباس عن أبي عمرو و «نُتْبِعْهُمْ» بِالْجَزْمِ عَطْفًا عَلَى «نُهْلِكْ» . قَالَ شِهَابُ الدِّينِ: عَلَى جَعْلِ الْفِعْلِ مَعْطُوفًا عَلَى مَجْمُوعِ الْجُمْلَةِ مِنْ قَوْلِهِ: «أَلَمْ نُهْلِكِ» . كَذلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ أَيْ: مِثْلَ ذَلِكَ الْفِعْلِ الْفَظِيعِ نَفْعَلُ بِهِمْ، يُرِيدُ مَنْ يُهْلِكُهُ فِيمَا بَعْدُ، وَالْكَافُ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ عَلَى النَّعْتِ لِمَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ، أَيْ: مِثْلَ ذَلِكَ الْإِهْلَاكِ نَفْعَلُ بِكُلِّ مُشْرِكٍ إِمَّا فِي الدُّنْيَا أَوْ فِي الْآخِرَةِ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ أَيْ: وَيْلٌ يَوْمَ ذَلِكَ الْإِهْلَاكِ لِلْمُكَذِّبِينَ بِكُتُبِ اللَّهِ وَرُسُلِهِ، قِيلَ: الْوَيْلُ الْأَوَّلُ لِعَذَابِ الْآخِرَةِ، وَهَذَا لِعَذَابِ الدُّنْيَا أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ ماءٍ مَهِينٍ أَيْ:
ضَعِيفٍ حَقِيرٍ، وَهُوَ النُّطْفَةُ فَجَعَلْناهُ فِي قَرارٍ مَكِينٍ أَيْ: مَكَانٍ حَرِيزٍ، وَهُوَ الرَّحِمُ إِلى قَدَرٍ مَعْلُومٍ أَيْ: إِلَى مِقْدَارٍ مَعْلُومٍ، وَهُوَ مُدَّةُ الْحَمْلِ، وَقِيلَ: إِلَى أَنْ يُصَوَّرَ فَقَدَرْنا قَرَأَ الْجُمْهُورُ: «فَقَدَرْنَا» بِالتَّخْفِيفِ. وَقَرَأَ نَافِعٌ وَالْكِسَائِيُّ بِالتَّشْدِيدِ مِنَ التَّقْدِيرِ. قَالَ الْكِسَائِيُّ وَالْفَرَّاءُ: وَهُمَا لُغَتَانِ بِمَعْنًى، تَقُولُ:
قَدَرْتُ كَذَا، وَقَدَّرْتُهُ فَنِعْمَ الْقادِرُونَ أَيْ: نِعْمَ الْمُقَدِّرُونَ نَحْنُ، قِيلَ: الْمَعْنَى: قَدَرْنَاهُ قَصِيرًا أَوْ طَوِيلًا، وَقِيلَ: مَعْنَى قَدَرْنَا مُلْكَنَا وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ بِقُدْرَتِنَا عَلَى ذَلِكَ. ثُمَّ بَيَّنَ لَهُمْ بَدِيعَ صُنْعِهِ وَعَظِيمَ قُدْرَتِهِ لِيَعْتَبِرُوا، فَقَالَ: أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفاتاً مَعْنَى الْكَفْتُ فِي اللُّغَةِ: الضَّمُّ وَالْجَمْعُ، يُقَالُ: كَفَتَ الشَّيْءَ إِذَا ضَمَّهُ وَجَمَعَهُ، وَمِنْ هَذَا يُقَالُ لِلْجِرَابِ وَالْقِدْرِ: كَفْتٌ، وَالْمَعْنَى: أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ ضَامَّةً لِلْأَحْيَاءِ عَلَى ظَهْرِهَا وَالْأَمْوَاتِ فِي بَاطِنِهَا تَضُمُّهُمْ وَتَجْمَعُهُمْ. قَالَ الْفَرَّاءُ: يُرِيدُ تَكْفِتُهُمْ أَحْيَاءً عَلَى ظَهْرِهَا فِي دُورِهِمْ وَمَنَازِلِهِمْ، وَتَكْفِتُهُمْ أَمْوَاتًا فِي بَطْنِهَا، أَيْ: تَحُوزُهُمْ، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ: أَحْياءً وَأَمْواتاً وَأَنْشَدَ سِيبَوَيْهِ:
كِرَامٌ حِينَ تَنْكَفِتُ الْأَفَاعِي ... إِلَى أَجْحَارِهِنَّ مِنَ الصَّقِيعِ
قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: كِفاتاً أَوْعِيَةً، وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
فَأَنْتَ الْيَوْمَ فَوْقَ الْأَرْضِ حيّا ... وأنت غدا تضمّك فِي كِفَاتِ
أَيْ: فِي قَبْرٍ، وَقِيلَ: مَعْنَى جَعْلِهَا كِفَاتًا أَنَّهُ يُدْفَنُ فِيهَا مَا يَخْرُجُ من الإنسان من الفضلات. قال الْأَخْفَشُ وَأَبُو عُبَيْدَةَ: الْأَحْيَاءُ وَالْأَمْوَاتُ وَصْفَانِ لِلْأَرْضِ، أَيِ: الْأَرْضُ مُنْقَسِمَةٌ إِلَى حَيٍّ وَهُوَ الَّذِي يَنْبُتُ، وَإِلَى مَيِّتٍ وَهُوَ الَّذِي لَا يَنْبُتُ. قَالَ الْفَرَّاءُ: انْتِصَابُ أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا بِوُقُوعِ الْكِفَاتِ عَلَيْهِ، أَيْ: أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفَاتَ أَحْيَاءٍ وَأَمْوَاتٍ، فَإِذَا نُوِّنَ نُصِبَ مَا بَعْدَهُ، وَقِيلَ: نصبا على الحال من الأرض، أي: وَمِنْهَا كَذَا، وَقِيلَ:
هُوَ مَصْدَرٌ نُعِتَ بِهِ لِلْمُبَالَغَةِ. وَقَالَ الْأَخْفَشُ: كِفَاتًا جَمْعُ كَافِتَةٍ، وَالْأَرْضُ يُرَادُ بِهَا الْجَمْعُ فَنُعِتَتْ بِالْجَمْعِ.
وَقَالَ الْخَلِيلُ: التكفيت: تَقْلِيبُ الشَّيْءِ ظَهْرًا لِبَطْنٍ أَوْ بَطْنًا لِظَهْرٍ، وَيُقَالُ: انْكَفَتَ الْقَوْمُ إِلَى مَنَازِلَهُمْ، أَيْ:
ذَهَبُوا وَجَعَلْنا فِيها رَواسِيَ شامِخاتٍ أَيْ: جِبَالًا طُوَالًا، وَالرَّوَاسِي: الثَّوَابِتُ، وَالشَّامِخَاتُ: الطُّوَالُ، وَكُلُّ عَالٍ فَهُوَ شَامِخٌ وَأَسْقَيْناكُمْ مَاءً فُراتاً أَيْ: عَذْبًا، وَالْفُرَاتُ: الْمَاءُ الْعَذْبُ يُشْرَبُ مِنْهُ وَيُسْقَى بِهِ.
قَالَ مُقَاتِلٌ: وَهَذَا كُلُّهُ أَعْجَبُ مِنَ الْبَعْثِ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ بِمَا أَنْعَمْنَا عَلَيْهِمْ مَنْ نِعَمِنَا الَّتِي هَذِهِ مِنْ جُمْلَتِهَا.

نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 5  صفحه : 432
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست