responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 5  صفحه : 378
قوله: يا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ أَصْلُهُ الْمُتَزَمِّلُ فَأُدْغِمَتِ التَّاءُ فِي الزَّايِ، وَالتَّزَمُّلُ: التَّلَفُّفُ فِي الثَّوْبِ. قَرَأَ الْجُمْهُورُ: «الْمُزَّمِّلُ» بِالْإِدْغَامِ. وَقَرَأَ أُبَيٌّ: «الْمُتَزَمِّلُ» عَلَى الْأَصْلِ. وَقَرَأَ عِكْرِمَةُ بِتَخْفِيفِ الزَّايِ، وَمِثْلُ هَذِهِ الْقِرَاءَةِ قَوْلُ امْرِئِ الْقَيْسِ:
كَأَنَّ ثَبِيرًا فِي أَفَانِينَ وَبْلِهِ ... كبير أناس في بجاد مُزَّمِّلِ
وَهَذَا الْخِطَابُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي مَعْنَاهُ، فَقَالَ جَمَاعَةٌ: إِنَّهُ كَانَ يَتَزَمَّلُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِثِيَابِهِ فِي أَوَّلِ مَا جَاءَهُ جِبْرِيلُ بِالْوَحْيِ فِرَقًا مِنْهُ حَتَّى أَنِسَ بِهِ، وَقِيلَ: الْمَعْنَى: يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ بِالنُّبُوَّةِ وَالْمُلْتَزِمُ لِلرِّسَالَةِ. وَبِهَذَا قَالَ عِكْرِمَةُ وَكَانَ يَقْرَأُ يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ بِتَخْفِيفِ الزَّايِ وَفَتْحِ الْمِيمِ مُشَدَّدَةً اسْمُ مَفْعُولٍ. وَقِيلَ الْمَعْنَى: يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ بِالْقُرْآنِ. وَقَالَ الضَّحَّاكُ: تَزَمَّلَ بِثِيَابِهِ لِمَنَامِهِ، وَقِيلَ: بَلَغَهُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ سُوءُ قَوْلٍ، فَتَزَمَّلَ فِي ثِيَابِهِ وَتَدَثَّرَ، فنزلت يا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ ويا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ. وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا سَمِعَ صَوْتَ الْمَلِكَ وَنَظَرَ إِلَيْهِ أَخَذَتْهُ الرِّعْدَةُ، فَأَتَى أَهْلَهُ وَقَالَ: زَمَّلُونِي دَثِّرُونِي، وَكَانَ خِطَابُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَذَا الْخِطَابِ فِي أَوَّلِ نُزُولِ الْوَحْيِ.
ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ خُوطِبَ بِالنُّبُوَّةِ وَالرِّسَالَةِ. قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا أَيْ: قُمْ لِلصَّلَاةِ فِي اللَّيْلِ. قَرَأَ الْجُمْهُورُ:
قُمِ بِكَسْرِ الْمِيمِ لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ. وقرأ أبو السّمّال بِضَمِّهَا اتِّبَاعًا لِضَمَّةِ الْقَافِ. قَالَ عُثْمَانُ بْنُ جِنِّي:
الْغَرَضُ بِهَذِهِ الْحَرَكَةِ الْهَرَبُ مِنَ الْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ، فَبِأَيِّ حَرَكَةٍ تُحَرِّكُ فَقَدْ وَقَعَ الْغَرَضُ. وَانْتِصَابُ اللَّيْلِ عَلَى الظَّرْفِيَّةِ. وَقِيلَ: إِنَّ مَعْنَى قُمْ: صِلِّ، عَبَّرَ بِهِ عَنْهُ وَاسْتُعِيرَ لَهُ. وَاخْتُلِفَ: هَلْ كَانَ هَذَا الْقِيَامُ الَّذِي أَمَرَ بِهِ فَرْضًا عَلَيْهِ أَوْ نَفْلًا؟ وَسَيَأْتِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مَا رُوِيَ فِي ذَلِكَ. وَقَوْلُهُ: إِلَّا قَلِيلًا اسْتِثْنَاءٌ مِنَ اللَّيْلِ، أَيْ:
صَلِّ اللَّيْلَ كُلَّهُ إِلَّا يَسِيرًا مِنْهُ، وَالْقَلِيلُ مِنَ الشَّيْءِ: هُوَ مَا دُونَ النِّصْفِ، وَقِيلَ: مَا دُونَ السُّدْسِ. وَقِيلَ:
مَا دُونَ الْعُشْرِ. وَقَالَ مُقَاتِلٌ وَالْكَلْبِيُّ: الْمُرَادُ بِالْقَلِيلِ هُنَا الثُّلْثُ، وَقَدْ أَغْنَانَا عَنْ هَذَا الِاخْتِلَافِ قَوْلُهُ:
نِصْفَهُ إِلَخْ، وَانْتِصَابُ «نِصْفَهُ» عَلَى أَنَّهُ بَدَلٌ مِنَ اللَّيْلِ. قَالَ الزَّجَّاجُ: «نِصْفَهُ» بَدَلٌ مِنَ اللَّيْلِ، وَ «إِلَّا قَلِيلًا» اسْتِثْنَاءٌ مِنَ النِّصْفِ، وَالضَّمِيرُ فِي «منه» و «عليه» عَائِدٌ إِلَى النِّصْفِ. وَالْمَعْنَى: قُمْ نِصْفَ اللَّيْلِ، أو انقص من النصف قليلا إلى الثلث، أَوْ زِدْ عَلَيْهِ قَلِيلًا إِلَى الثُّلْثَيْنِ، فَكَأَنَّهُ قَالَ: قُمْ ثُلْثَيِ اللَّيْلِ، أَوْ نِصْفَهُ، أَوْ ثُلْثَهُ. وَقِيلَ: إِنَّ «نِصْفَهُ» بَدَلٌ مِنْ قَوْلِهِ «قَلِيلًا» ، فَيَكُونُ الْمَعْنَى: قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا نِصْفَهُ، أَوْ أَقَلَّ مَنْ نِصْفِهِ، أَوْ أَكْثَرَ مَنْ نِصْفِهِ، قَالَ الْأَخْفَشُ: نِصْفَهُ أَيْ: أَوْ نِصْفَهُ، كَمَا يُقَالُ: أَعْطِهِ دِرْهَمًا، دِرْهَمَيْنِ، ثَلَاثَةً، يُرِيدُ أَوْ دِرْهَمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً. قَالَ الْوَاحِدِيُّ: قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: أَوِ انْقُصْ مِنَ النِّصْفِ قَلِيلًا إِلَى الثُّلُثِ، أَوْ زِدْ عَلَى النِّصْفِ إِلَى الثُّلُثَيْنِ، جُعِلَ لَهُ سَعَةٌ فِي مُدَّةِ قِيَامِهِ فِي اللَّيْلِ، وَخَيَّرَهُ فِي هَذِهِ السَّاعَاتِ لِلْقِيَامِ، فَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَطَائِفَةٌ مَعَهُ يَقُومُونَ عَلَى هَذِهِ الْمَقَادِيرِ، وَشَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ، فَكَانَ الرَّجُلُ لَا يَدْرِي كَمْ صَلَّى، أَوْ كَمْ بَقِيَ مِنَ اللَّيْلِ، فَكَانَ يَقُومُ اللَّيْلَ كُلَّهُ حَتَّى خَفَّفَ اللَّهُ عَنْهُمْ، وَقِيلَ: الضَّمِيرَانِ في «منه» و «عليه» رَاجِعَانِ لِلْأَقَلِّ مِنَ النِّصْفِ، كَأَنَّهُ قَالَ: قُمْ أَقَلَّ مِنْ نِصْفِهِ، أَوْ قُمْ أَنْقَصَ مِنْ ذَلِكَ الْأَقَلِّ، أَوْ أَزْيَدَ مِنْهُ قَلِيلًا، وَهُوَ بِعِيدٌ جِدًّا، وَالظَّاهِرُ أَنَّ «نِصْفَهُ» بَدَلٌ مِنْ «قَلِيلًا» ، وَالضَّمِيرَانِ رَاجِعَانِ إِلَى النِّصْفِ الْمُبْدَلِ مِنْ «قليلا» .

نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 5  صفحه : 378
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست