responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 5  صفحه : 342
وَالْمَعْنَى: إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ، وَهُوَ تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ عَلَى لِسَانِهِ وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنا بَعْضَ الْأَقاوِيلِ أَيْ: وَلَوْ تَقَوَّلَ ذَلِكَ الرَّسُولُ، وَهُوَ مُحَمَّدٌ، أَوْ جِبْرِيلُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ، وَالتَّقَوُّلُ: تَكَلُّفُ الْقَوْلِ، وَالْمَعْنَى:
لَوْ تَكَلَّفَ ذَلِكَ وَجَاءَ بِهِ مِنْ جِهَةِ نَفْسِهِ، وَسُمِّي الِافْتِرَاءُ تَقَوُّلًا لِأَنَّهُ قَوْلٌ مُتَكَلَّفٌ، وَكُلُّ كَاذِبٍ يَتَكَلَّفُ مَا يَكْذِبُ بِهِ. قَرَأَ الْجُمْهُورُ: تَقَوَّلَ مَبْنِيًّا لِلْفَاعِلِ. وَقُرِئَ مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ مَعَ رَفْعِ بَعْضٍ. وَقَرَأَ ابْنُ ذَكْوَانَ وَلَوْ يَقُولُ عَلَى صِيغَةِ الْمُضَارِعِ، وَالْأَقَاوِيلُ: جَمْعُ أَقْوَالٍ، وَالْأَقْوَالُ: جَمْعُ قَوْلٍ لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ أَيْ: بِيَدِهِ الْيَمِينِ، قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: إِنَّ هَذَا الْكَلَامَ خَرَجَ مَخْرَجَ الْإِذْلَالِ عَلَى عَادَةِ النَّاسِ فِي الْأَخْذِ بِيَدِ مَنْ يُعَاقَبُ.
وَقَالَ الْفَرَّاءُ وَالْمُبَرِّدُ وَالزَّجَّاجُ وَابْنُ قُتَيْبَةَ: لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ أَيْ: بِالْقُوَّةِ وَالْقُدْرَةِ. قَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: وَإِنَّمَا أَقَامَ الْيَمِينَ مَقَامَ الْقُوَّةِ لِأَنَّ قُوَّةَ كُلِّ شَيْءٍ فِي مَيَامِنِهِ، وَمِنْ هَذَا قَوْلُ الشَّاعِرِ [1] :
إِذَا مَا رَايَةٌ نُصِبَتْ لِمَجْدٍ ... تَلَقَّاهَا عَرَابَةُ [2] بِالْيَمِينِ
وَقَوْلُ الْآخَرِ:
وَلَمَّا رَأَيْتُ الشَّمْسَ أَشْرَقَ نُورُهَا ... تَنَاوَلْتُ مِنْهَا حَاجَتِي بِيَمِينِي
ثُمَّ لَقَطَعْنا مِنْهُ الْوَتِينَ الوتين: عرق يجري في الظهر حتى يتّصل بِالْقَلْبِ، وَهُوَ تَصْوِيرٌ لِإِهْلَاكِهِ بِأَفْظَعَ مَا يَفْعَلُهُ الْمُلُوكُ بِمَنْ يَغْضَبُونَ عَلَيْهِ. قَالَ الْوَاحِدِيُّ: وَالْمُفَسِّرُونَ يَقُولُونَ: إِنَّهُ نِيَاطُ الْقَلْبِ انْتَهَى. وَمِنْ هَذَا قَوْلُ الشَّاعِرِ:
إِذَا بَلَّغْتِنِي وَحَمَلْتِ رَحْلِي ... عَرَابَةَ فَاشْرَقِي [3] بِدَمِ الْوَتِينِ
فَما مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حاجِزِينَ أَيْ: لَيْسَ مِنْكُمْ أَحَدٌ يَحْجُزُنَا عَنْهُ وَيَدْفَعُنَا مِنْهُ، فَكَيْفَ يَتَكَلَّفُ الْكَذِبَ عَلَى اللَّهِ لِأَجْلِكُمْ مَعَ عِلْمِهِ أَنَّهُ لَوْ تَكَلَّفَ ذَلِكَ لَعَاقَبْنَاهُ، وَلَا تَقْدِرُونَ عَلَى الدَّفْعِ مِنْهُ، والحجز: المنع، وحاجِزِينَ صِفَةٌ لِأَحَدٍ، أَوْ خَبَرٌ لِمَا الْحِجَازِيَّةِ وَإِنَّهُ لَتَذْكِرَةٌ لِلْمُتَّقِينَ أَيْ: إِنَّ الْقُرْآنَ لَتَذْكِرَةٌ لِأَهْلِ التَّقْوَى لِأَنَّهُمُ الْمُنْتَفِعُونَ بِهِ وَإِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ مِنْكُمْ مُكَذِّبِينَ أَيْ: أَنَّ بَعْضَكُمْ يَكْذِبُ بِالْقُرْآنِ فَنَحْنُ نُجَازِيهِمْ عَلَى ذَلِكَ، وَفِي هَذَا وَعِيدٌ شَدِيدٌ وَإِنَّهُ لَحَسْرَةٌ عَلَى الْكافِرِينَ أَيْ: وَإِنَّ الْقُرْآنَ لَحَسْرَةٌ وَنَدَامَةٌ عَلَى الْكَافِرِينَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ مُشَاهَدَتِهِمْ لِثَوَابِ الْمُؤْمِنِينَ، وَقِيلَ: هِيَ حَسْرَتُهُمْ فِي الدُّنْيَا حِينَ لَمْ يَقْدِرُوا عَلَى مُعَارَضَتِهِ عِنْدَ تَحَدِّيهِمْ بِأَنْ يَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَإِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ أَيْ: وَإِنَّ الْقُرْآنَ لِكَوْنِهِ من عند الله حقّ فلا يحوم حَوْلَهُ رَيْبٌ، وَلَا يَتَطَرَّقُ إِلَيْهِ شَكٌّ فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ أَيْ: نَزِّهْهُ عَمَّا لَا يَلِيقُ بِهِ، وَقِيلَ: فَصَلِّ لِرَبِّكَ، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى.

[1] هو الشّماخ.
[2] هو عرابة بن أوس الأوسي الأنصاري، من سادات المدينة الأجواد، أدرك حياة النبي صلّى الله عليه وسلّم، وأسلم، وتوفي بالمدينة.
[3] «شرق» : غصّ.
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 5  صفحه : 342
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست