responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 5  صفحه : 335
وَقَالَ الْمُبَرِّدُ: هُوَ مِنْ قَوْلِكِ: حَسَمْتُ الشَّيْءَ إِذَا قَطَعْتُهُ وَفَصَلْتُهُ عَنْ غَيْرِهِ، وَقِيلَ: الْحَسْمُ:
الِاسْتِئْصَالُ، وَيُقَالُ لِلسَّيْفِ حُسَامٌ لِأَنَّهُ يَحْسِمُ الْعَدُوَّ عَمَّا يُرِيدُهُ مِنْ بُلُوغِ عَدَاوَتِهِ، وَالْمَعْنَى: أَنَّهَا حَسَمَتْهُمْ، أَيْ: قَطَعَتْهُمْ وَأَذْهَبَتْهُمْ، وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
فَأَرْسَلَتْ رِيحًا دَبُورًا عَقِيمًا ... فَدَارَتْ عَلَيْهِمْ فَكَانَتْ حُسُومًا
قَالَ ابْنُ زَيْدٍ: أَيْ حَسَمَتْهُمْ فَلَمْ تُبْقِ مِنْهُمْ أَحَدًا. وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: حَسَمَتِ الْأَيَّامَ وَاللَّيَالِيَ حَتَّى اسْتَوْفَتْهَا، لِأَنَّهَا بَدَأَتْ بِطُلُوعِ الشَّمْسِ مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ وَانْقَطَعَتْ بِغُرُوبِ الشَّمْسِ مِنْ آخِرِ يَوْمٍ. وَقَالَ اللَّيْثُ: الْحُسُومُ هِيَ الشُّؤْمُ، أَيْ: تَحْسِمُ الْخَيْرَ عَنْ أَهْلِهَا، كقوله: فِي أَيَّامٍ نَحِساتٍ [1] .
وَاخْتُلِفَ فِي أَوَّلِهَا، فَقِيلَ: غَدَاةَ الْأَحَدِ، وَقِيلَ: غَدَاةَ الْجُمُعَةِ، وَقِيلَ: غَدَاةَ الْأَرْبِعَاءِ. قَالَ وَهْبٌ: وَهَذِهِ الْأَيَّامُ هِيَ الَّتِي تُسَمِّيهَا الْعَرَبُ أَيَّامَ الْعَجُوزِ، كَانَ فِيهَا بَرْدٌ شَدِيدٌ وَرِيحٌ شَدِيدَةٌ، وَكَانَ أَوَّلُهَا يَوْمَ الْأَرْبِعَاءَ، وَآخِرُهَا يَوْمَ الْأَرْبِعَاءَ. فَتَرَى الْقَوْمَ فِيها صَرْعى الْخِطَابُ لِكُلِّ مَنْ يَصْلُحُ لَهُ عَلَى تَقْدِيرِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ حَاضِرًا حِينَئِذٍ لَرَأَى ذَلِكَ، وَالضَّمِيرُ فِي فِيهَا يَعُودُ إِلَى اللَّيَالِي وَالْأَيَّامِ، وَقِيلَ: إِلَى مَهَابِّ الريح، والأوّل أَوْلَى. وَصَرْعَى:
جَمْعُ صَرِيعٍ، يَعْنِي: مَوْتَى كَأَنَّهُمْ أَعْجازُ نَخْلٍ خاوِيَةٍ أَيْ: أُصُولُ نَخْلٍ سَاقِطَةٍ، أَوْ بَالِيَةٍ، وَقِيلَ: خَالِيَةٌ لَا جَوْفَ فِيهَا، وَالنَّخْلُ يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ، وَمَثْلُهُ قَوْلُهُ: كَأَنَّهُمْ أَعْجازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ [2] وَقَدْ تَقَدَّمَ تَفْسِيرُهُ، وَهُوَ إِخْبَارٌ عَنْ عِظَمِ أَجْسَامِهِمْ. قَالَ يَحْيَى بْنُ سَلَامٍ: إِنَّمَا قَالَ خاوية لأن أبدانهم خوت مِنْ أَرْوَاحِهِمْ مِثْلَ النَّخْلِ الْخَاوِيَةِ فَهَلْ تَرى لَهُمْ مِنْ باقِيَةٍ أَيْ: مِنْ فِرْقَةٍ بَاقِيَةٍ، أَوْ مِنْ نَفْسٍ بَاقِيَةٍ، أَوْ مِنْ بَقِيَّةٍ، عَلَى أَنَّ بَاقِيَةٍ مَصْدَرٌ كَالْعَاقِبَةِ وَالْعَافِيَةِ. قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: أَقَامُوا سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ أَحْيَاءً فِي عَذَابِ الرِّيحِ، فَلَمَّا أَمْسَوْا فِي الْيَوْمِ الثَّامِنِ مَاتُوا، فَاحْتَمَلَتْهُمُ الرِّيحُ فَأَلْقَتْهُمْ فِي الْبَحْرِ وَجاءَ فِرْعَوْنُ وَمَنْ قَبْلَهُ أَيْ: مِنَ الْأُمَمِ الْكَافِرَةِ.
قَرَأَ الْجُمْهُورُ قَبْلَهُ بِفَتْحِ الْقَافِ وَسُكُونِ الْبَاءِ، أَيْ: وَمَنْ تَقَدَّمَهُ مِنَ الْقُرُونِ الْمَاضِيَةِ وَالْأُمَمِ الْخَالِيَةِ، وَقَرَأَ أَبُو عَمْرٍو وَالْكِسَائِيُّ بِكَسْرِ الْقَافِ وَفَتْحِ الْبَاءِ، أَيْ: وَمَنْ هُوَ فِي جِهَتِهِ مِنْ أَتْبَاعِهِ، وَاخْتَارَ أَبُو حَاتِمٍ وَأَبُو عُبَيْدٍ الْقِرَاءَةَ الثَّانِيَةَ لِقِرَاءَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَأُبَيٍّ «وَمَنْ مَعَهُ» ، وَلِقِرَاءَةِ أَبِي مُوسَى «وَمَنْ تلقاءه» وَالْمُؤْتَفِكاتُ قَرَأَ الْجُمْهُورُ: الْمُؤْتَفِكاتُ بِالْجَمْعِ وَهِيَ قُرَى قَوْمِ لُوطٍ، وَقَرَأَ الْحَسَنُ وَالْجَحْدَرِيُّ: الْمُؤْتَفِكَةُ بِالْإِفْرَادِ، وَاللَّامُ لِلْجِنْسِ، فَهِيَ فِي مَعْنَى الْجَمْعِ، وَالْمَعْنَى: وَجَاءَتِ الْمُؤْتَفِكَاتُ بِالْخاطِئَةِ أَيْ: بِالْفِعْلَةِ الْخَاطِئَةِ، أَوِ الْخَطَأِ عَلَى أَنَّهَا مَصْدَرٌ. وَالْمُرَادُ أَنَّهَا جَاءَتْ بِالشِّرْكِ وَالْمَعَاصِي. قَالَ مُجَاهِدٌ: بِالْخَطَايَا. وَقَالَ الْجُرْجَانِيُّ: بِالْخَطَأِ الْعَظِيمِ فَعَصَوْا رَسُولَ رَبِّهِمْ أَيْ: فَعَصَتْ كُلُّ أُمَّةٍ رَسُولَهَا الْمُرْسَلَ إِلَيْهَا. قَالَ الْكَلْبِيُّ:
هو موسى: وقيل: لوط لأنه أقرب، وقيل: وَرَسُولٌ هُنَا بِمَعْنَى رِسَالَةٍ، وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ [3] :
لَقَدْ كَذَبَ الْوَاشُونَ مَا بُحْتُ عِنْدَهُمْ ... بِسِرٍّ ولا أرسلتهم برسول

[1] فصلت: 16.
[2] القمر: 20.
[3] هو كثيّر عزّة.
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 5  صفحه : 335
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست