responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 5  صفحه : 32
الأنعام: امَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ
«1» فَقِيلَ: الْمُرَادُ مِنْ مَجْمُوعِ الْجِنْسَيْنِ وَصَدَقَ عَلَى أَحَدِهِمَا، وَهُمُ الْإِنْسُ، كَقَوْلِهِ: يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجانُ [2] أي: من أحدهما وَمَنْ لَا يُجِبْ داعِيَ اللَّهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الْأَرْضِ أَيْ: لَا يَفُوتُ اللَّهَ، وَلَا يَسْبِقُهُ، وَلَا يَقْدِرُ عَلَى الْهَرَبِ مِنْهُ لِأَنَّهُ وَإِنْ هَرَبَ كُلَّ مَهْرَبٍ فَهُوَ فِي الْأَرْضِ لَا سَبِيلَ لَهُ إِلَى الْخُرُوجِ مِنْهَا، وَفِي هَذَا تَرْهِيبٌ شَدِيدٌ وَلَيْسَ لَهُ مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءُ أَيْ: أَنْصَارٌ يَمْنَعُونَهُ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ. بَيَّنَ سُبْحَانَهُ بَعْدَ اسْتِحَالَةِ نَجَاتِهِ بِنَفْسِهِ اسْتِحَالَةَ نَجَاتِهِ بِوَاسِطَةِ غَيْرِهِ، وَالْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ: أُولئِكَ إِلَى مَنْ لَا يُجِبْ دَاعِيَ اللَّهِ، وَأَخْبَرَ أَنَّهُمْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ أَيْ: ظَاهِرٍ وَاضِحٍ. ثُمَّ ذَكَرَ سُبْحَانَهُ دَلِيلًا عَلَى الْبَعْثِ، فَقَالَ: أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ الرُّؤْيَةُ هُنَا هِيَ الْقَلْبِيَّةُ الَّتِي بِمَعْنَى الْعِلْمِ وَالْهَمْزَةُ لِلْإِنْكَارِ، وَالْوَاوُ لِلْعَطْفِ عَلَى مُقَدَّرٍ، أَيْ: أَلَمْ يَتَفَكَّرُوا وَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ الَّذِي خَلَقَ هذه الأجرام العظام من السّموات وَالْأَرْضِ ابْتِدَاءً وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ أَيْ: لَمْ يَعْجِزْ عَنْ ذَلِكَ وَلَا ضَعُفَ عَنْهُ، يُقَالُ: عَيَّ بِالْأَمْرِ وَعَيِيَ إِذَا لَمْ يَهْتَدِ لِوَجْهِهِ، وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ [3] :
عَيَّوْا بِأَمْرِهِمُ كَمَا ... عَيَّتْ بِبَيْضَتِهَا الْحَمَامَهْ
قَرَأَ الْجُمْهُورُ: وَلَمْ يَعْيَ بِسُكُونِ الْعَيْنِ وَفَتْحِ الْيَاءِ مُضَارِعَ عَيِيَ. وَقَرَأَ الْحَسَنُ بِكَسْرِ الْعَيْنِ وَسُكُونِ الْيَاءِ. بِقادِرٍ عَلى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ وَالْأَخْفَشُ: الْبَاءُ زَائِدَةٌ لِلتَّوْكِيدِ، كَمَا فِي قَوْلِهِ: وَكَفى بِاللَّهِ شَهِيداً [4] . قَالَ الْكِسَائِيُّ وَالْفَرَّاءُ وَالزَّجَّاجُ: الْعَرَبُ تُدْخِلُ الْبَاءَ مَعَ الْجَحْدِ وَالِاسْتِفْهَامِ، فَتَقُولُ: مَا أَظُنُّكَ بِقَائِمٍ، وَالْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ فِي مَحَلِّ رَفْعٍ عَلَى أَنَّهُمَا خَبَرٌ لِأَنَّ، وَقَرَأَ ابْنُ مَسْعُودٍ وَعِيسَى بْنُ عُمَرَ وَالْأَعْرَجُ وَالْجَحْدَرِيُّ وَابْنُ أَبِي إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبُ وَزَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ «يَقْدِرُ» عَلَى صِيغَةِ المضارع، واختار أبو عبيد الْقِرَاءَةَ الْأُولَى، وَاخْتَارَ أَبُو حَاتِمٍ الْقِرَاءَةَ الثَّانِيَةَ، قَالَ: لِأَنَّ دُخُولَ الْبَاءِ فِي خَبَرِ أَنَّ قَبِيحٌ. بَلى إِنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ لَا يُعْجِزُهُ شَيْءٌ وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ الظَّرْفُ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلٍ مُقَدَّرٍ، أَيْ: يُقَالُ ذَلِكَ الْيَوْمَ لِلَّذِينِ كَفَرُوا أَلَيْسَ هَذَا بِالْحَقِّ وَهَذِهِ الْجُمْلَةُ هِيَ الْمَحْكِيَّةُ بِالْقَوْلِ، وَالْإِشَارَةُ بهذا إِلَى مَا هُوَ مُشَاهَدٌ لَهُمْ يَوْمَ عَرْضِهِمْ عَلَى النَّارِ، وَفِي الِاكْتِفَاءِ بِمُجَرَّدِ الْإِشَارَةِ مِنَ التَّهْوِيلِ لِلْمُشَارِ إِلَيْهِ وَالتَّفْخِيمِ لِشَأْنِهِ مَا لَا يَخْفَى، كَأَنَّهُ أَمْرٌ لَا يُمْكِنُ التَّعْبِيرُ عَنْهُ بِلَفْظٍ يَدُلُّ عَلَيْهِ قالُوا بَلى وَرَبِّنا اعْتَرَفُوا حِينَ لَا يَنْفَعُهُمُ الِاعْتِرَافُ، وَأَكَّدُوا هَذَا الِاعْتِرَافَ بِالْقَسَمِ لِأَنَّ الْمُشَاهَدَةَ هِيَ حَقُّ الْيَقِينِ الَّذِي لَا يُمْكِنُ جَحَدُهُ وَلَا إِنْكَارُهُ قالَ فَذُوقُوا الْعَذابَ بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ أَيْ: بِسَبَبِ كُفْرِكُمْ بِهَذَا فِي الدُّنْيَا وَإِنْكَارِكُمْ لَهُ، وَفِي هَذَا الْأَمْرِ لَهُمْ بِذَوْقِ الْعَذَابِ تَوْبِيخٌ بَالِغٌ وَتَهَكُّمٌ عَظِيمٌ. لَمَّا قَرَّرَ سُبْحَانَهُ الْأَدِلَّةَ عَلَى النُّبُوَّةِ وَالتَّوْحِيدِ وَالْمَعَادِ أَمَرَ رَسُولَهُ بِالصَّبْرِ، فَقَالَ: فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَالْفَاءُ جَوَابُ شَرْطٍ مَحْذُوفٌ، أَيْ: إِذَا عَرَفْتَ ذَلِكَ وَقَامَتْ عَلَيْهِ الْبَرَاهِينُ وَلَمْ يَنْجَعْ فِي الْكَافِرِينَ فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ، أَيْ: أَرْبَابُ الثَّبَاتِ وَالْحَزْمِ فَإِنَّكَ منهم. قال مجاهد: أولو

(1) . الأنعام: 130.
[2] الرّحمن: 22.
[3] هو عبيد بن الأبرص.
[4] النساء: 79.
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 5  صفحه : 32
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست