responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 5  صفحه : 299
أَنَّهُمَا أَحَبَّتَا مَا كَرِهَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ إِفْشَاءُ الْحَدِيثِ. وَقِيلَ: الْمَعْنَى: إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ مَالَتْ قلوبكما إلى التوبة، وقال قلوبكما ولم يقل قلبا كما لِأَنَّ الْعَرَبَ تَسْتَكْرِهُ الْجَمْعَ بَيْنَ تَثْنِيَتَيْنِ فِي لفظ واحد وَإِنْ تَظاهَرا عَلَيْهِ أي: تتظاهروا، قَرَأَ الْجُمْهُورُ: «تَظَاهَرَا» بِحَذْفِ إِحْدَى التَّاءَيْنِ تَخْفِيفًا. وَقَرَأَ عِكْرِمَةُ «تَتَظَاهَرَا» عَلَى الْأَصْلِ. وَقَرَأَ الْحَسَنُ وأبو رجاء ونافع وعاصم في رواية عنهم «تَظَّهَّرَا» بِتَشْدِيدِ الظَّاءِ وَالْهَاءِ بِدُونِ أَلِفٍ، وَالْمُرَادُ بِالتَّظَاهُرِ: التَّعَاضُدُ وَالتَّعَاوُنُ، وَالْمَعْنَى: وَإِنْ تَعَاضَدَا وَتَعَاوَنَا فِي الْغَيْرَةِ عَلَيْهِ مِنْكُمَا وَإِفْشَاءِ سِرِّهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاهُ وَجِبْرِيلُ وَصالِحُ الْمُؤْمِنِينَ أَيْ: فَإِنَّ اللَّهَ يَتَوَلَّى نَصْرَهُ، وَكَذَلِكَ جِبْرِيلُ وَمَنْ صَلَحَ مِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ، فَلَنْ يَعْدَمَ نَاصِرًا يَنْصُرُهُ وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذلِكَ أَيْ: بَعْدَ نَصْرِ الله وَنَصْرِ جِبْرِيلَ وَصَالِحِ الْمُؤْمِنِينَ ظَهِيرٌ أَيْ: أَعْوَانٌ يُظَاهِرُونَهُ، وَالْمَلَائِكَةُ مُبْتَدَأٌ، وَخَبَرُهُ ظَهِيرٌ. قَالَ أَبُو عَلِيِّ الْفَارِسِيُّ: قَدْ جَاءَ فَعِيلٌ لِلْكَثْرَةِ، كَقَوْلِهِ: وَلا يَسْئَلُ حَمِيمٌ حَمِيماً [1] قَالَ الْوَاحِدِيُّ: وَهَذَا مِنَ الْوَاحِدِ الَّذِي يُؤَدَّى عن الجمع كقوله: وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً [2] وَقَدْ تَقَرَّرَ فِي عِلْمِ النَّحْوِ أَنَّ مِثْلَ جَرِيحٍ وَصَبُورٍ وَظَهِيرٍ يُوصَفُ بِهِ الْوَاحِدُ وَالْمُثَنَّى وَالْجُمَعُ. وَقِيلَ: كَانَ التَّظَاهُرُ بَيْنَ عَائِشَةَ وَحَفْصَةَ فِي التَّحَكُّمِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي النَّفَقَةِ عَسى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْواجاً خَيْراً مِنْكُنَ
أَيْ: يُعْطِيهِ بَدَلَكُنَّ أَزْوَاجًا أَفْضَلَ مِنْكُنَّ، وَقَدْ عَلِمَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ أَنَّهُ لَا يُطَلِّقُهُنَّ، وَلَكِنْ أَخْبَرَ عَنْ قُدْرَتِهِ عَلَى أَنَّهُ إِنْ وَقَعَ مِنْهُ الطَّلَاقُ أَبْدَلَهُ خَيْرًا مِنْهُنَّ تَخْوِيفًا لَهُنَّ، وَهُوَ كَقَوْلِهِ:
وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ [3] فَإِنَّهُ إِخْبَارٌ عَنِ الْقُدْرَةِ وَتَخْوِيفٌ لَهُمْ. ثُمَّ نَعَتَ سُبْحَانَهُ الْأَزْوَاجَ بِقَوْلِهِ: مُسْلِماتٍ مُؤْمِناتٍ أَيْ: قَائِمَاتٍ بِفَرَائِضِ الْإِسْلَامِ، مُصَدِّقَاتٍ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: مُسْلِماتٍ أَيْ: مُخْلِصَاتٍ. وَقِيلَ مَعْنَاهُ: مُسَلِّمَاتٌ لِأَمْرِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ قانِتاتٍ مُطِيعَاتٍ لِلَّهِ. وَالْقُنُوتُ: الطَّاعَةُ، وَقِيلَ: مُصَلِّيَاتٍ تائِباتٍ يَعْنِي مِنَ الذُّنُوبِ عابِداتٍ لِلَّهِ مُتَذَلِّلَاتٍ لَهُ. قَالَ الْحَسَنُ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: كَثِيرَاتُ الْعِبَادَةِ. سائِحاتٍ أَيْ:
صَائِمَاتٍ. وَقَالَ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ: مُهَاجِرَاتٍ، وَلَيْسَ فِي أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سِيَاحَةٌ إِلَّا الْهِجْرَةَ. قَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ وَالْفَرَّاءُ وَغَيْرُهُمَا: وَسُمِّيَ الصِّيَامُ سِيَاحَةً لِأَنَّ السَّائِحَ لَا زَادَ مَعَهُ. وَقِيلَ الْمَعْنَى: ذَاهِبَاتٍ فِي طَاعَةِ اللَّهِ، مِنْ سَاحَ الْمَاءُ إِذَا ذَهَبَ، وَأَصْلُ السِّيَاحَةِ: الْجَوَلَانُ فِي الْأَرْضِ، وَقَدْ مَضَى الْكَلَامُ عَلَى السِّيَاحَةِ فِي سُورَةِ بَرَاءَةَ. ثَيِّباتٍ وَأَبْكاراً وَسَّطَ بَيْنَهُمَا الْعَاطِفَ لِتَنَافِيهِمَا، وَالثَّيِّبَاتُ: جُمَعُ ثَيِّبٍ، وَهِيَ الْمَرْأَةُ الَّتِي قَدْ تَزَوَّجَتْ ثُمَّ ثَابَتْ عَنْ زَوْجِهَا فَعَادَتْ كَمَا كَانَتْ غَيْرَ ذَاتِ زَوْجٍ. وَالْأَبْكَارُ: جَمْعُ بِكْرٍ، وَهِيَ الْعَذْرَاءُ، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّهَا عَلَى أَوَّلِ حَالِهَا الَّتِي خُلِقَتْ عَلَيْهِ.
وَقَدْ أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ عَائِشَةُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَمْكُثُ عِنْدَ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ وَيَشْرَبُ عِنْدَهَا لَبَنًا أَوْ عَسَلًا، فَتَوَاصَيْتُ أَنَا وَحَفْصَةُ أَنَّ أَيَّتَنَا دَخَلَ عَلَيْهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلْتَقُلْ: إِنِّي أَجِدُ مِنْكَ رِيحَ مَغَافِيرَ، فَدَخَلَ عَلَى إِحْدَاهُمَا فَقَالَتْ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ: لَا بَلْ شَرِبْتُ عَسَلًا عِنْدَ زَيْنَبَ بِنْتِ جحش، ولن أعود، فنزلت:

[1] المعارج: 10.
[2] النساء: 69.
[3] محمد: 38.
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 5  صفحه : 299
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست