responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 5  صفحه : 258
أَنْ يَأْخُذَ عَلَيْهِنَّ أَنْ لَا يُشْرِكْنَ وَلا يَسْرِقْنَ وَلا يَزْنِينَ وَلا يَقْتُلْنَ أَوْلادَهُنَّ وَهُوَ مَا كَانَتْ تَفْعَلُهُ الْجَاهِلِيَّةُ مِنْ وَأْدِ الْبَنَاتِ وَلا يَأْتِينَ بِبُهْتانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ أي: لا يلحقن بأزواجهنّ وَلَدًا لَيْسَ مِنْهُمْ.
قَالَ الْفَرَّاءُ: كَانَتِ الْمَرْأَةُ تَلْتَقِطُ الْمَوْلُودَ فَتَقُولُ لِزَوْجِهَا: هَذَا وَلَدِي مِنْكَ، فَذَلِكَ الْبُهْتَانُ الْمُفْتَرَى بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ، وَذَلِكَ أَنَّ الْوَلَدَ إِذَا وَضَعَتْهُ الْأُمُّ سَقَطَ بَيْنَ يَدَيْهَا وَرِجْلَيْهَا، وَلَيْسَ الْمُرَادُ هُنَا أَنَّهَا تَنْسِبُ وَلَدَهَا مِنَ الزِّنَا إِلَى زَوْجِهَا، لِأَنَّ ذَلِكَ قَدْ دَخَلَ تَحْتَ النَّهْيِ عَنِ الزِّنَا وَلا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ أَيْ: فِي كُلِّ أَمْرٍ هُوَ طَاعَةٌ لِلَّهِ. قَالَ عَطَاءُ: فِي كُلِّ بِرٍّ وَتَقْوَى، وَقَالَ الْمُقَاتِلَانِ: عَنَى بِالْمَعْرُوفِ النَّهْيَ عَنِ النَّوْحِ، وَتَمْزِيقِ الثِّيَابِ، وَجَزِّ الشَّعْرِ، وَشَقِّ الْجَيْبِ، وَخَمْشِ الْوُجُوهِ، وَالدُّعَاءِ بِالْوَيْلِ، وَكَذَا قَالَ قتادة وسعيد بن المسيب ومحمد ابن السَّائِبِ وَزَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، وَمَعْنَى الْقُرْآنِ أَوْسَعُ مِمَّا قَالُوهُ. قِيلَ: وَوَجْهُ التَّقْيِيدِ بِالْمَعْرُوفِ، مَعَ كَوْنِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَأْمُرُ إِلَّا بِهِ التَّنْبِيهُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ طَاعَةُ مَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ الْخَالِقِ فَبايِعْهُنَّ هَذَا جَوَابُ إِذَا، وَالْمَعْنَى:
إِذَا بَايَعْنَكَ عَلَى هَذِهِ الْأُمُورِ فَبَايِعْهُنَّ، وَلَمْ يَذْكُرْ فِي بَيْعَتِهِنَّ الصَّلَاةَ وَالزَّكَاةَ وَالصِّيَامَ وَالْحَجَّ لِوُضُوحِ كَوْنِ هَذِهِ الْأُمُورِ وَنَحْوِهَا مِنْ أَرْكَانِ الدِّينِ وَشَعَائِرِ الْإِسْلَامِ. وَإِنَّمَا خَصَّ الْأُمُورَ الْمَذْكُورَةَ لِكَثْرَةِ وُقُوعِهَا مِنَ النِّسَاءِ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ أَيِ: اطْلُبْ مِنَ اللَّهِ الْمَغْفِرَةَ لَهُنَّ بَعْدَ هَذِهِ الْمُبَايَعَةِ لَهُنَّ مِنْكَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ أَيْ: بَلِيغُ الْمَغْفِرَةِ والرحمة لعباده يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ هُمْ جَمِيعُ طَوَائِفِ الْكُفْرِ، وَقِيلَ: الْيَهُودُ خَاصَّةً، وَقِيلَ: الْمُنَافِقُونَ خَاصَّةً. وَقَالَ الْحَسَنُ: الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى. وَالْأَوَّلُ أَوْلَى لِأَنَّ جَمِيعَ طَوَائِفِ الْكُفْرِ تَتَّصِفُ بِأَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ غَضِبَ عَلَيْهَا قَدْ يَئِسُوا مِنَ الْآخِرَةِ «مِنْ» لِابْتِدَاءِ الْغَايَةِ، أَيْ: أَنَّهُمْ لَا يُوقِنُونَ بِالْآخِرَةِ أَلْبَتَّةَ بِسَبَبِ كُفْرِهِمْ كَما يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحابِ الْقُبُورِ أَيْ: كَيَأْسِهِمْ مِنْ بَعْثِ مَوْتَاهُمْ لِاعْتِقَادِهِمْ عَدَمَ الْبَعْثِ، وَقِيلَ: كَمَا يَئِسَ الْكُفَّارُ الَّذِينَ قَدْ مَاتُوا مِنْهُمْ مِنَ الْآخِرَةِ لِأَنَّهُمْ قَدْ وَقَفُوا عَلَى الْحَقِيقَةِ، وَعَلِمُوا أَنَّهُ لَا نَصِيبَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ، فَتَكُونُ مِنَ عَلَى الْوَجْهِ الأوّل ابتدائية، وعلى الثاني بَيَانِيَّةً، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى.
وَقَدْ أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ وَمَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا عَاهَدَ كُفَّارَ قُرَيْشٍ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ جَاءَهُ نِسَاءٌ مسلمات، فأنزل الله: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا جاءَكُمُ الْمُؤْمِناتُ مُهاجِراتٍ حَتَّى بَلَغَ: وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوافِرِ فَطَلَّقَ عُمَرُ يَوْمَئِذٍ امْرَأَتَيْنِ كَانَتَا لَهُ فِي الشِّرْكِ. وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِهِمَا بِأَطْوَلَ مِنْ هذا، وفيه وكانت أُمِّ كُلْثُومٍ بِنْتِ عُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ مِمَّنْ خَرَجَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهي عاتق [1] ، فَجَاءَ أَهْلُهَا يَسْأَلُونَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ يُرْجِعُهَا إِلَيْهِمْ حَتَّى أَنْزَلَ اللَّهُ فِي الْمُؤْمِنَاتِ مَا أَنْزَلَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: فَامْتَحِنُوهُنَّ قَالَ: كَانَ امْتِحَانُهُنَّ أَنْ يَشْهَدْنَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، فَإِذَا عَلِمُوا أَنَّ ذَلِكَ حَقًّا مِنْهُنَّ لَمْ يَرْجِعْنَ إِلَى الْكُفَّارِ، وَأَعْطَى بَعْلَهَا فِي الْكُفَّارِ الَّذِينَ عَقَدَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَدَاقَهَا الَّذِي أَصْدَقَهَا وَأَحَلَّهُنَّ لِلْمُؤْمِنِينَ إِذَا آتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ. وأخرج ابن مردويه

[1] «العاتق» : الشابة أول ما تدرك (النهاية 3/ 178) .
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 5  صفحه : 258
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست