responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 5  صفحه : 227
لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ أَعْمَالِكُمْ مِنْ خَيْرٍ وَشَرٍّ، فَهُوَ مُجَازِيكُمْ بِالْخَيْرِ خَيْرًا وَبِالشَّرِّ شرّا يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً الْمُنَاجَاةُ: الْمُسَارَرَةُ، وَالْمَعْنَى: إِذَا أَرَدْتُمْ مُسَارَرَةَ الرَّسُولِ فِي أَمْرٍ مِنْ أُمُورِكُمْ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ مُسَارَرَتِكُمْ لَهُ صَدَقَةً. قَالَ الْحَسَنُ: نَزَلَتْ بِسَبَبِ أَنَّ قَوْمًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ كَانُوا يَسْتَخْلُونَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُنَاجُونَهُ، فَظَنَّ بِهِمْ قَوْمٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ أَنَّهُمْ يَنْتَقِصُونَهُمْ فِي النَّجْوَى، فَشَقَّ عَلَيْهِمْ ذَلِكَ، فَأَمَرَهُمُ اللَّهُ بِالصَّدَقَةِ عِنْدَ النَّجْوَى لِتَقْطَعَهُمْ عَنِ اسْتِخْلَائِهِ. وَقَالَ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ: نَزَلَتْ بِسَبَبِ أَنَّ الْمُنَافِقِينَ وَالْيَهُودَ كَانُوا يُنَاجُونَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَقُولُونَ: إِنَّهُ أُذُنٌ يَسْمَعُ كُلَّ مَا قِيلَ لَهُ، وَكَانَ لَا يَمْنَعُ أَحَدًا مِنْ مُنَاجَاتِهِ، وَكَانَ ذَلِكَ يَشُقُّ عَلَى الْمُسْلِمِينَ لِأَنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ يُلْقِي فِي أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ نَاجَوْهُ بِأَنَّ جُمُوعًا اجْتَمَعَتْ لِقِتَالِهِ، فأنزل الله: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا تَناجَيْتُمْ فَلا تَتَناجَوْا بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ وَمَعْصِيَةِ الرَّسُولِ [1] فَلَمْ يَنْتَهُوا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الْآيَةَ فَانْتَهَى أَهْلُ الْبَاطِلِ عَنِ النَّجْوَى لِأَنَّهُمْ لَمْ يُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاهُمْ صَدَقَةً، وَشَقَّ ذَلِكَ عَلَى أَهْلِ الْإِيمَانِ، وَامْتَنَعُوا عَنِ النَّجْوَى، لِضَعْفِ كَثِيرٍ مِنْهُمْ عَنِ الصَّدَقَةِ فَخَفَّفَ اللَّهُ عَنْهُمْ بِالْآيَةِ الَّتِي بَعْدَ هَذِهِ، وَالْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ: ذلِكَ إِلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ تَقْدِيمِ الصَّدَقَةِ بَيْنَ يَدَيِ النَّجْوَى، وَهُوَ مُبْتَدَأٌ وَخَبَرُهُ خَيْرٌ لَكُمْ وَأَطْهَرُ لِمَا فِيهِ من طاعة الله، وتقييد الأمر يكون امْتِثَالِهِ خَيْرًا لَهُمْ مِنْ عَدَمِ الِامْتِثَالِ وَأَطْهَرَ لِنُفُوسِهِمْ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ أَمْرُ نَدْبٍ لَا أَمْرُ وُجُوبٍ فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ يَعْنِي مَنْ كَانَ مِنْهُمْ لَا يَجِدُ تِلْكَ الصَّدَقَةَ الْمَأْمُورَ بِهَا بَيْنَ يَدَيِ النَّجْوَى، فَلَا حَرَجَ عَلَيْهِ فِي النَّجْوَى بِدُونِ صَدَقَةٍ أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقاتٍ أَيْ: أَخِفْتُمُ الْفَقْرَ وَالْعَيْلَةَ لِأَنْ تُقَدِّمُوا ذَلِكَ، وَالْإِشْفَاقُ: الْخَوْفُ مِنَ الْمَكْرُوهِ وَالِاسْتِفْهَامُ لِلتَّقْرِيرِ. وَقِيلَ الْمَعْنَى: أَبَخِلْتُمْ، وَجَمَعَ الصَّدَقَاتِ هُنَا بِاعْتِبَارِ الْمُخَاطَبِينَ. قَالَ مُقَاتِلُ بْنُ حَيَّانَ: إِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ عَشْرَ لَيَالٍ ثُمَّ نُسِخَ. وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: مَا كَانَ ذَلِكَ إِلَّا لَيْلَةً وَاحِدَةً. وَقَالَ قَتَادَةُ: مَا كَانَ إِلَّا سَاعَةً مِنَ النَّهَارِ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا مَا أُمِرْتُمْ بِهِ مِنَ الصَّدَقَةِ بَيْنَ يَدَيِ النَّجْوَى، وَهَذَا خِطَابٌ لِمَنْ وَجَدَ مَا يَتَصَدَّقُ بِهِ وَلَمْ يَفْعَلْ، وَأَمَّا مَنْ لَمْ يَجِدْ فَقَدْ تَقَدَّمَ التَّرْخِيصُ لَهُ بِقَوْلِهِ: فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ وَتابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ بِأَنْ رَخَّصَ لَكُمْ في الترك، «وإذ» عَلَى بَابِهَا فِي الدَّلَالَةِ عَلَى الْمُضِيِّ، وَقِيلَ: هي بِمَعْنَى إِنْ، وَتَابَ مَعْطُوفٌ عَلَى لَمْ تَفْعَلُوا، أَيْ: وَإِذَا لَمْ تَفْعَلُوا وَإِذْ تَابَ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَالْمَعْنَى: إِذَا وَقَعَ مِنْكُمُ التَّثَاقُلُ عَنِ امْتِثَالِ الْأَمْرِ بِتَقْدِيمِ الصَّدَقَةِ بَيْنَ يَدَيِ النَّجْوَى فَاثْبُتُوا عَلَى إِقَامَةِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ وَطَاعَةِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ فِيمَا تُؤْمَرُونَ بِهِ وَتُنْهَوْنَ عَنْهُ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ فَهُوَ مُجَازِيكُمْ، وَلَيْسَ فِي الْآيَةِ مَا يَدُلُّ عَلَى تَقْصِيرِ الْمُؤْمِنِينَ فِي امْتِثَالِ هَذَا الْأَمْرِ، أَمَّا الْفُقَرَاءُ مِنْهُمْ فَالْأَمْرُ وَاضِحٌ، وَأَمَّا مَنْ عَدَاهُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَإِنَّهُمْ لَمْ يُكَلَّفُوا بِالْمُنَاجَاةِ حَتَّى تَجِبَ عَلَيْهِمُ الصَّدَقَةُ بَلْ أُمِرُوا بِالصَّدَقَةِ إِذَا أَرَادُوا الْمُنَاجَاةَ، فَمَنْ تَرَكَ الْمُنَاجَاةَ فَلَا يَكُونُ مُقَصِّرًا فِي امْتِثَالِ الْأَمْرِ بِالصَّدَقَةِ، عَلَى أَنَّ فِي الْآيَةِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ لِلنَّدْبِ كَمَا قَدَّمْنَا. وَقَدِ اسْتَدَلَّ بِهَذِهِ الْآيَةِ مَنْ قَالَ بِأَنَّهُ يَجُوزُ النَّسْخُ قَبْلَ إِمْكَانِ الفعل، وليس هذا

[1] المجادلة: 9.
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 5  صفحه : 227
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست