responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 5  صفحه : 220
لَا يَسْتَأْنِفُ إِذَا وَطِئَ لَيْلًا لِأَنَّهُ لَيْسَ مَحِلًّا لِلصَّوْمِ، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ يَعْنِي صِيَامَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ فَإِطْعامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً أَيْ: فَعَلَيْهِ أَنْ يُطْعِمَ سِتِّينَ مِسْكِينًا، لِكُلِّ مِسْكِينٍ مُدَّانِ، وَهُمَا نِصْفُ صَاعٍ، وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ: لِكُلِّ مِسْكِينٍ مُدٌّ وَاحِدٌ، وَالظَّاهِرُ مِنَ الْآيَةِ أَنْ يُطْعِمَهُمْ حَتَّى يَشْبَعُوا مَرَّةً وَاحِدَةً، أَوْ يَدْفَعَ إِلَيْهِمْ مَا يُشْبِعُهُمْ، وَلَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَجْمَعَهُمْ مَرَّةً وَاحِدَةً، بَلْ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُطْعِمَ بعض الستين في يوم، وَبَعْضَهُمْ فِي يَوْمٍ آخَرَ، وَالْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ: ذلِكَ إِلَى مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ مِنَ الْأَحْكَامِ، وَهُوَ مُبْتَدَأٌ وَخَبَرُهُ مُقَدَّرٌ، أَيْ: ذَلِكَ وَاقِعٌ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ اسْمُ الْإِشَارَةِ فِي مَحَلِّ نَصْبٍ، وَالتَّقْدِيرُ: فَعَلْنَا ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا، أَيْ: لِتُصَدِّقُوا أَنَّ اللَّهَ أَمَرَ بِهِ وَشَرَّعَهُ، أَوْ لِتُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ فِي الْأَوَامِرِ وَالنَّوَاهِي، وَتَقِفُوا عِنْدَ حُدُودِ الشَّرْعِ وَلَا تَتَعَدُّوهَا، وَلَا تَعُودُوا إِلَى الظِّهَارِ الَّذِي هُوَ مُنْكَرٌ مِنَ الْقَوْلِ وَزُورٌ، وَالْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ: وَتِلْكَ إِلَى الْأَحْكَامِ الْمَذْكُورَةِ وَهُوَ مُبْتَدَأٌ، وَخَبَرُهُ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تُجَاوِزُوا حُدُودَهُ الَّتِي حَدَّهَا لَكُمْ، فَإِنَّهُ قَدْ بَيَّنَ لَكُمْ أَنَّ الظِّهَارَ مَعْصِيَةٌ، وَأَنَّ كَفَّارَتَهُ الْمَذْكُورَةَ تُوجِبُ الْعَفْوَ وَالْمَغْفِرَةَ وَلِلْكافِرِينَ الَّذِينَ لَا يَقِفُونَ عِنْدَ حُدُودِ اللَّهِ وَلَا يَعْمَلُونَ بِمَا حَدَّهُ اللَّهُ لِعِبَادِهِ عَذابٌ أَلِيمٌ وَهُوَ عَذَابُ جَهَنَّمَ، وَسَمَّاهُ كُفْرًا تَغْلِيظًا وَتَشْدِيدًا.
وَقَدْ أَخْرَجَ ابْنُ مَاجَهْ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ، وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ وَالْبَيْهَقِيُّ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: تَبَارَكَ الَّذِي وَسِعَ سَمْعُهُ كُلَّ شَيْءٍ، إِنِّي لَأَسْمَعُ كَلَامَ خَوْلَةَ بِنْتِ ثَعْلَبَةَ وَيَخْفَى عَلَيَّ بَعْضُهُ، وَهِيَ تَشْتَكِي زَوْجَهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهِيَ تَقُولُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَكَلَ شَبَابِي، وَنَثَرْتُ لَهُ بَطْنِي، حَتَّى إِذَا كَبِرَ سِنِي وَانْقَطَعَ وَلَدِي ظَاهَرَ مِنِّي، اللَّهُمَّ إِنِّي أَشْكُو إِلَيْكَ، قَالَتْ: فَمَا بَرِحَتْ حَتَّى نَزَلَ جِبْرِيلُ بِهَؤُلَاءِ الْآيَاتِ قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجادِلُكَ فِي زَوْجِها وَهُوَ أَوْسُ بْنُ الصَّامِتِ. وَأَخْرَجَ النَّحَّاسُ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ وَالْبَيْهَقِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:
كَانَ أَوَّلُ مَنْ ظَاهَرَ فِي الْإِسْلَامِ أَوْسٌ، وَكَانَتْ تَحْتَهُ ابْنَةُ عَمٍّ لَهُ يُقَالُ لَهَا خَوْلَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ، فَظَاهَرَ مِنْهَا فَأُسْقِطَ فِي يَدِهِ وَقَالَ: ما أراك إلا وقد حَرُمْتِ عَلَيَّ، فَانْطَلِقِي إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاسْأَلِيهِ، فَأَتَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلّم فوجدت عنده ماشطة تمشط رَأْسِهِ فَأَخْبَرَتْهُ، فَقَالَ: يَا خَوْلَةُ مَا أُمِرْنَا فِي أَمْرِكِ بِشَيْءٍ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ:
يَا خَوْلَةُ أَبْشِرِي. قَالَتْ: خَيْرًا. قَالَ: خَيْرًا، فَقَرَأَ عَلَيْهَا: قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجادِلُكَ فِي زَوْجِها الْآيَاتِ. وَأَخْرَجَ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَالطَّبَرَانِيُّ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ يوسف بن عبد الله ابن سَلَامٍ قَالَ: «حَدَّثَتْنِي خَوْلَةُ بِنْتُ ثَعْلَبَةَ قَالَتْ: فِيَّ وَاللَّهِ وَفِي أَوْسِ بْنِ الصَّامِتِ أَنْزَلَ اللَّهُ صَدْرَ سُورَةِ الْمُجَادَلَةِ، قَالَتْ: كُنْتُ عِنْدَهُ، وكان شيخا قَدْ سَاءَ خُلُقُهُ، فَدَخَلَ عَلَيَّ يَوْمًا فَرَاجَعْتُهُ بِشَيْءٍ، فَغَضِبَ، فَقَالَ: أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي، ثُمَّ رَجَعَ فَجَلَسَ فِي نَادِي قَوْمِهِ سَاعَةً، ثُمَّ دَخَلَ عَلَيَّ فَإِذَا هُوَ يُرِيدُنِي عَنْ نَفْسِي، قُلْتُ:
كَلَّا وَالَّذِي نَفْسُ خَوْلَةَ بِيَدِهِ، لَا تَصِلُ إِلَيَّ، وَقَدْ قُلْتَ مَا قُلْتَ، حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ فِينَا، ثُمَّ جِئْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ، فَمَا بَرِحْتُ حَتَّى نَزَلَ الْقُرْآنُ، فَتَغَشَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا كان يغشاه ثُمَّ سُرِّيَ عَنْهُ، فَقَالَ لِي: يَا خَوْلَةُ قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ فِيكِ وَفِي صَاحِبِكِ، ثُمَّ قَرَأَ عَلَيَّ قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجادِلُكَ إِلَى قَوْلِهِ: عَذابٌ أَلِيمٌ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مُرِيهِ فَلْيُعْتِقْ رَقَبَةً قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا عِنْدَهُ ما يعتق،

نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 5  صفحه : 220
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست