responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 5  صفحه : 189
وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولى وَهِيَ ابْتِدَاءُ الْخَلْقِ مِنْ نُطْفَةٍ، ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ، ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ وَلَمْ تَكُونُوا قَبْلَ ذَلِكَ شَيْئًا. وَقَالَ قَتَادَةُ وَالضَّحَّاكُ: يَعْنِي خَلْقَ آدَمَ مِنْ تُرَابٍ فَلَوْلا تَذَكَّرُونَ أَيْ: فَهَلَّا تَذَكَّرُونَ قُدْرَةَ اللَّهِ سُبْحَانَهُ عَلَى النَّشْأَةِ الْأَخِيرَةِ وَتَقِيسُونَهَا عَلَى النَّشْأَةِ الأولى. قرأ الْجُمْهُورُ: النَّشْأَةَ بِالْقَصْرِ، وَقَرَأَ مُجَاهِدٌ وَالْحَسَنُ وَابْنُ كَثِيرٍ وَأَبُو عَمْرٍو بِالْمَدِّ، وَقَدْ مَضَى تَفْسِيرُ هَذَا فِي سُورَةِ الْعَنْكَبُوتِ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ أي: أخبروني مَا تَحْرُثُونَ مِنْ أَرْضِكُمْ فَتَطْرَحُونَ فِيهِ الْبَذْرَ أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَيْ: تُنْبِتُونَهُ وَتَجْعَلُونَهُ زَرْعًا فَيَكُونُ فِيهِ السُّنْبُلُ وَالْحَبُّ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ أَيِ: الْمُنْبِتُونَ لَهُ الْجَاعِلُونَ لَهُ زَرْعًا لَا أَنْتُمْ. قَالَ الْمُبَرِّدُ: يُقَالُ زَرَعَهُ اللَّهُ، أَيْ:
أَنْمَاهُ فَإِذَا أَقْرَرْتُمْ بِهَذَا فَكَيْفَ تُنْكِرُونَ الْبَعْثَ لَوْ نَشاءُ لَجَعَلْناهُ حُطاماً أي: لو نشاء جعلناه مَا تَحْرُثُونَ حُطَامًا، أَيْ: مُتَحَطِّمًا مُتَكَسِّرًا، وَالْحُطَامُ: الْهَشِيمُ الَّذِي لَا يُنْتَفَعُ بِهِ وَلَا يَحْصُلُ مِنْهُ حَبٌّ وَلَا شَيْءٌ مِمَّا يُطْلَبُ مِنَ الْحَرْثِ فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ أَيْ: صِرْتُمْ تَعْجَبُونَ. قَالَ الْفَرَّاءُ: تَفَكَّهُونَ تَتَعَجَّبُونَ فِيمَا نَزَلَ بِكُمْ فِي زَرْعِكُمْ. قَالَ فِي الصِّحَاحِ: وَتَفَكَّهَ: تَعَجَّبَ، وَيُقَالُ: تندّم. قال الحسن وقتادة وغير هما: مَعْنَى الْآيَةِ:
تَعْجَبُونَ مِنْ ذَهَابِهَا وَتَنْدَمُونَ مِمَّا حَلَّ بِكُمْ. وَقَالَ عِكْرِمَةُ: تَلَاوَمُونَ وَتَنْدَمُونَ عَلَى مَا سَلَفَ مِنْكُمْ مِنْ مَعْصِيَةِ اللَّهِ. وَقَالَ أَبُو عَمْرٍو وَالْكِسَائِيُّ: هُوَ التَّلَهُّفُ عَلَى مَا فَاتَ. قَرَأَ الْجُمْهُورُ: فَظَلْتُمْ بِفَتْحِ الظَّاءِ مَعَ لَامٍ وَاحِدَةٍ. وَقَرَأَ أَبُو حَيْوَةَ وَأَبُو بَكْرٍ فِي رِوَايَةٍ عَنْهُ بِكَسْرِ الظَّاءِ. وَقَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَالْجَحْدَرِيُّ «فَظَلِلْتُمْ» بِلَامَيْنِ، أُولَاهُمَا مَكْسُورَةٌ عَلَى الْأَصْلِ، وَرُوِيَ عَنِ الْجَحْدَرِيِّ فَتْحُهَا، وَهِيَ لُغَةٌ. وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ: تَفَكَّهُونَ وَقَرَأَ أَبُو حِزَامٍ الْعُكْلِيُّ تَفَكَّنُونَ بِالنُّونِ مَكَانَ الْهَاءِ، أَيْ: تَنَدَّمُونَ. قَالَ ابْنُ خَالَوَيْهِ: تَفَكَّهَ: تَعَجَّبَ.
وَتَفَكَّنَ: تَنَدَّمَ. وَفِي الصِّحَاحِ: التَّفَكُّنُ: التَّنَدُّمُ إِنَّا لَمُغْرَمُونَ قَرَأَ الْجُمْهُورُ بِهَمْزَةٍ وَاحِدَةٍ عَلَى الْخَبَرِ، وَقَرَأَ أَبُو بَكْرٍ وَالْمُفَضَّلُ وِزِرُّ بْنُ حُبَيْشٍ بِهَمْزَتَيْنِ عَلَى الِاسْتِفْهَامِ، وَالْجُمْلَةُ بِتَقْدِيرِ الْقَوْلِ، أَيْ: تَقُولُونَ إِنَّا لَمُغْرَمُونَ، أَيْ: مُلْزَمُونَ غُرْمًا بِمَا هَلَكَ مِنْ زَرْعِنَا، والمغرم الّذي ذهب ماله بغير عوض، قال الضحاك وابن كيسان. وقيل: إنا لمعذبون، قال قَتَادَةُ وَغَيْرُهُ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ وَعِكْرِمَةُ: لَمُولَعٌ بِنَا، وَمِنْهُ قَوْلُ النَّمِرِ بْنِ تَوْلَبٍ:
سَلَا عَنْ تَذَكُّرِهِ تُكْتَمَا ... وَكَانَ رَهِينًا بِهَا مُغْرَمَا
يُقَالُ: أغرم فلان بفلانة، أَيْ: أُولِعَ. وَقَالَ مُقَاتِلٌ: مُهْلَكُونَ. قَالَ النَّحَّاسُ: مَأْخُوذٌ مِنَ الْغَرَامِ، وَهُوَ الْهَلَاكُ، وَمِنْهُ قَوْلُ الشاعر [1] :
يوم النّسار ويوم الجفا ... ركانا عليكم عذابا مقيما «2»
وَالظَّاهِرُ مِنَ السِّيَاقِ الْمَعْنَى الْأَوَّلِ، أَيْ: إِنَّا لَمُغْرَمُونَ بِذَهَابِ مَا حَرَثْنَاهُ وَمَصِيرُهُ حُطَامًا، ثُمَّ أَضْرَبُوا عَنْ قَوْلِهِمْ هَذَا وَانْتَقَلُوا، فَقَالُوا: بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ أَيْ: حُرِمْنَا رِزْقَنَا بِهَلَاكِ زَرْعِنَا، والمحروم: الممنوع

[1] هو بشر بن أبي حازم.
(2) . في تفسير القرطبي. وكان عذابا وكان غراما.
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 5  صفحه : 189
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست