responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 5  صفحه : 179
الضَّمِيرِ فِي الْمُقَرَّبُونَ، أَيْ: كَائِنِينَ فِيهَا. قَرَأَ الْجُمْهُورُ: فِي جَنَّاتِ بِالْجَمْعِ، وَقَرَأَ طَلْحَةُ بْنُ مُصَرِّفٍ «فِي جَنَّةِ» بِالْإِفْرَادِ، وَإِضَافَةُ الْجَنَّاتِ إِلَى النَّعِيمِ مِنْ إِضَافَةِ الْمَكَانِ إِلَى مَا يَكُونُ فِيهِ كَمَا يُقَالُ: دَارُ الضِّيَافَةِ وَدَارُ الدَّعْوَةِ وَدَارُ الْعَدْلِ، وَارْتِفَاعُ ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ عَلَى أَنَّهُ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ، أَيْ: هُمْ ثُلَّةٌ، وَالثُّلَّةُ الْجَمَاعَةُ الَّتِي لَا يُحْصَرُ عَدَدُهَا. قَالَ الزَّجَّاجُ: مَعْنَى ثُلَّةٍ مَعْنَى فِرْقَةٍ، مِنْ ثَلَلْتُ الشَّيْءَ إِذَا قَطَعْتَهُ، وَالْمُرَادُ بِالْأَوَّلِينَ هُمُ الْأُمَمُ السَّابِقَةُ مِنْ لَدُنْ آدَمَ إِلَى نَبِيِّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ أَيْ: مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ، وَسُمُّوا قَلِيلًا بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَنْ كَانَ قَبْلَهُمْ، وَهُمْ كَثِيرُونَ لِكَثْرَةِ الْأَنْبِيَاءِ فيهم وكثرة من أجابهم. قال الحسن: سابقوا مَنْ مَضَى أَكْثَرُ مِنْ سَابِقِينَا. قَالَ الزَّجَّاجُ: الَّذِينَ عَايَنُوا جَمِيعَ الْأَنْبِيَاءِ وَصَدَّقُوا بِهِمْ أَكْثَرُ مِمَّنْ عَايَنَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَا يُخَالِفُ هَذَا مَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ مِنْ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنِّي لِأَرْجُوَ أَنْ تَكُونُوا رُبُعَ أَهْلِ الْجَنَّةِ. ثُمَّ قَالَ: ثُلُثَ أَهْلِ الْجَنَّةِ، ثُمَّ قَالَ: نِصْفَ أَهْلِ الْجَنَّةِ» لِأَنَّ قَوْلَهُ: ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ إنما هو تفصيل لِلسَّابِقِينَ فَقَطْ كَمَا سَيَأْتِي فِي ذِكْرِ أَصْحَابِ الْيَمِينِ أَنَّهُمْ ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ، فَلَا يَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ فِي أَصْحَابِ الْيَمِينِ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ مَنْ هُوَ أَكْثَرُ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ مِنْ غَيْرِهِمْ، فَيَجْتَمِعُ مِنْ قَلِيلِ سَابِقِي هَذِهِ الْأُمَّةِ وَمِنْ ثُلَّةِ أَصْحَابِ الْيَمِينِ مِنْهَا مَنْ يَكُونُ نِصْفَ أَهْلِ الْجَنَّةِ، والمقابلة بين الثلثين فِي أَصْحَابِ الْيَمِينِ لَا تَسْتَلْزِمُ اسْتِوَاءَهُمَا لِجَوَازِ أَنْ يُقَالَ: هَذِهِ الثُّلَّةُ أَكْثَرُ مِنْ هَذِهِ الثُّلَّةِ، كَمَا يُقَالُ: هَذِهِ الْجَمَاعَةُ أَكْثَرُ مِنْ هَذِهِ الْجَمَاعَةِ وَهَذِهِ الْفِرْقَةُ أَكْثَرُ مِنْ هَذِهِ الْفِرْقَةِ، وَهَذِهِ الْقِطْعَةُ أَكْثَرُ مِنْ هَذِهِ الْقِطْعَةِ. وَبِهَذَا تَعْرِفُ أَنَّهُ لَمْ يُصِبْ مَنْ قَالَ إِنَّ هَذِهِ الْآيَةَ مَنْسُوخَةٌ بِالْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ. ثُمَّ ذَكَرَ سُبْحَانَهُ حَالَةً أُخْرَى لِلسَّابِقِينَ الْمُقَرَّبِينَ فَقَالَ: عَلى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ قَرَأَ الْجُمْهُورُ سُرُرٍ بِضَمِّ السين والراء الأولى، وقرأ أبو السّمّال وَزَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ بِفَتْحِ الرَّاءِ، وَهِيَ لُغَةٌ كَمَا تَقَدَّمَ، وَالْمَوْضُونَةُ: الْمَنْسُوجَةُ: وَالْوَضْنُ: النَّسْجُ الْمُضَاعَفُ. قَالَ الْوَاحِدِيُّ: قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: مَنْسُوجَةٌ بِقُضْبَانِ الذَّهَبِ، وَقِيلَ: مُشَبَّكَةٌ بِالدُّرِّ وَالْيَاقُوتِ وَالزَّبَرْجَدِ، وَقِيلَ: إِنَّ الْمَوْضُونَةَ: الْمَصْفُوفَةَ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ:
الْمَوْضُونَةُ: الْمَرْمُولَةُ [1] بِالذَّهَبِ، وَانْتِصَابُ مُتَّكِئِينَ عَلَيْها عَلَى الْحَالِ، وَكَذَا انْتِصَابُ مُتَقابِلِينَ وَالْمَعْنَى: مُسْتَقِرِّينَ عَلَى سُرُرٍ مُتَّكِئِينَ عَلَيْهَا مُتَقَابِلِينَ لَا يَنْظُرُ بَعْضُهُمْ قَفَا بَعْضٍ يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدانٌ مُخَلَّدُونَ الْجُمْلَةُ فِي مَحَلِّ نَصْبٍ عَلَى الْحَالِ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ، أَوْ مُسْتَأْنَفَةٌ لِبَيَانِ بَعْضِ مَا أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مِنَ النَّعِيمِ، وَالْمَعْنَى يَدُورُ حَوْلَهُمْ لِلْخِدْمَةِ غِلْمَانٌ لَا يَهْرَمُونَ وَلَا يَتَغَيَّرُونَ، بَلْ شَكْلُهُمْ شَكْلُ الْوِلْدَانِ دَائِمًا. قَالَ مُجَاهِدٌ: الْمَعْنَى لَا يَمُوتُونَ.
وَقَالَ الْحَسَنُ وَالْكَلْبِيُّ: لَا يَهْرَمُونَ وَلَا يَتَغَيَّرُونَ. قَالَ الْفَرَّاءُ: والعرب تقول للرجل إذا كبر ولم يشمط إِنَّهُ لَمُخَلَّدٌ. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: مُخَلَّدُونَ مُقَرَّطُونَ. قَالَ الْفَرَّاءُ: وَيُقَالُ مُخَلَّدُونَ: مُقَرَّطُونَ، يُقَالُ: خلد جاريته إذا حلاها بالخلدة، وهي القرط. وَقَالَ عِكْرِمَةُ: مُخَلَّدُونَ: مُنَعَّمُونَ، وَمِنْهُ قَوْلُ امْرِئِ الْقَيْسِ:
وَهَلْ يَنْعَمْنَ إِلَّا سَعِيدٌ مُخَلَّدٌ ... قَلِيلُ الْهُمُومِ مَا يَبِيتُ بِأَوْجَالِ
وَقِيلَ: مَسْتُورُونَ بِالْحِلْيَةِ، وَرُوِيَ نَحْوَهُ عَنِ الْفَرَّاءِ، وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:

[1] «مرمولة» : منسوجة.
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 5  صفحه : 179
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست