responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 5  صفحه : 13
أو للنبيّ صلّى الله عليه وَسَلَّمَ، وَالْأُمَّةُ: الْمِلَّةُ، وَمَعْنَى جَاثِيَةً: مُسْتَوْفِزَةً، وَالْمُسْتَوْفِزُ: الَّذِي لَا يُصِيبُ الْأَرْضَ مِنْهُ إِلَّا رُكْبَتَاهُ وَأَطْرَافُ أَنَامِلِهِ، وَذَلِكَ عِنْدَ الْحِسَابِ. وَقِيلَ: مَعْنَى جَاثِيَةً: مُجْتَمِعَةً، قَالَ الْفَرَّاءُ: الْمَعْنَى وَتَرَى أَهْلَ كُلِّ ذِي دِينٍ مُجْتَمِعِينَ. وَقَالَ عِكْرِمَةُ: مُتَمَيِّزَةً عَنْ غَيْرِهَا. وَقَالَ مُؤَرِّجٌ: مَعْنَاهُ بِلُغَةِ قُرَيْشٍ: خَاضِعَةً. وَقَالَ الْحَسَنُ:
بَارِكَةً عَلَى الرُّكَبِ. وَالْجَثْوُ: الْجُلُوسُ عَلَى الرُّكَبِ، تَقُولُ. جَثَا يَجْثُو وَيُجْثِي جَثْوًا وَجِثِيًّا إِذَا جَلَسَ عَلَى رُكْبَتَيْهِ، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى. وَلَا يُنَافِيهِ وُرُودُ هَذَا اللَّفْظِ لِمَعْنًى آخَرَ فِي لِسَانِ الْعَرَبِ. وَقَدْ وَرَدَ إِطْلَاقُ الْجَثْوَةِ عَلَى الْجَمَاعَةِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ فِي لُغَةِ الْعَرَبِ، وَمِنْهُ قَوْلُ طَرَفَةَ يَصِفُ قَبْرَيْنِ:
تَرَى جَثْوَتَيْنِ مِنْ تُرَابٍ عَلَيْهِمَا ... صَفَائِحُ صُمٍّ مِنْ صَفِيحٍ مُنَضَّدِ «1»
وَظَاهِرُ الْآيَةِ أَنَّ هَذِهِ الصِّفَةَ تَكُونُ لِكُلِّ أُمَّةٍ مِنَ الْأُمَمِ مِنْ غَيْرِ فَرْقٍ بَيْنَ أَهْلِ الْأَدْيَانِ الْمُتَّبِعِينَ لِلرُّسُلِ وَغَيْرِهِمْ مِنْ أَهْلِ الشِّرْكِ. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ سَلَامٍ: هُوَ خَاصٌّ بِالْكُفَّارِ، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى. وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ: كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعى إِلى كِتابِهَا وَلِقَوْلِهِ فِيمَا سَيَأْتِي: فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا، وَمَعْنَى «إِلى كِتابِهَا» : إِلَى الْكِتَابِ الْمُنَزَّلِ عَلَيْهَا، وَقِيلَ: إِلَى صَحِيفَةِ أَعْمَالِهَا، وَقِيلَ: إِلَى حِسَابِهَا، وَقِيلَ: اللَّوْحُ الْمَحْفُوظُ، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى. قَرَأَ الْجُمْهُورُ «كُلُّ أُمَّةٍ» بِالرَّفْعِ عَلَى الِابْتِدَاءِ، وَخَبَرُهُ: تُدْعَى. وَقَرَأَ يَعْقُوبُ الْحَضْرَمِيُّ بِالنَّصْبِ عَلَى الْبَدَلِ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ.
الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ أَيْ: يُقَالُ لَهُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ مِنْ خَيْرٍ وَشَرٍّ هَذَا كِتابُنا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ هَذَا مِنْ تَمَامِ مَا يُقَالُ لَهُمْ، وَالْقَائِلُ بِهَذَا هُمُ الْمَلَائِكَةُ. وَقِيلَ: هُوَ مِنْ قَوْلِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ، أَيْ: يَشْهَدُ عَلَيْكُمْ، وَهُوَ اسْتِعَارَةٌ، يُقَالُ: نَطَقَ الْكِتَابُ بِكَذَا، أَيْ: بَيَّنَ، وَقِيلَ: إِنَّهُمْ يَقْرَءُونَهُ فَيَذْكُرُونَ مَا عَمِلُوا، فَكَأَنَّهُ يَنْطِقُ عَلَيْهِمْ بِالْحَقِّ الَّذِي لَا زِيَادَةَ فِيهِ وَلَا نقصان، ومحل «ينطق» بالنصب عَلَى الْحَالِ، أَوِ الرَّفْعُ عَلَى أَنَّهُ خَبَرٌ آخَرُ لِاسْمِ الْإِشَارَةِ، وَجُمْلَةُ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ تَعْلِيلٌ لِلنُّطْقِ بِالْحَقِّ، أَيْ: نَأْمُرُ الْمَلَائِكَةَ بِنَسْخِ أَعْمَالِكُمْ، أَيْ: بِكَتْبِهَا وَتَثْبِيتِهَا عَلَيْكُمْ. قَالَ الْوَاحِدِيُّ: وَأَكْثَرُ الْمُفَسِّرِينَ عَلَى أَنَّ هَذَا الِاسْتِنْسَاخَ مِنَ اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ، فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ تَكْتُبُ مِنْهُ كُلَّ عَامٍ مَا يَكُونُ مِنْ أَعْمَالِ بَنِي آدَمَ، فَيَجِدُونَ ذَلِكَ مُوَافِقًا لِمَا يَعْمَلُونَهُ. قَالُوا: لِأَنَّ الِاسْتِنْسَاخَ لَا يَكُونُ إِلَّا مِنْ أَصْلٍ. وَقِيلَ: الْمَعْنَى: نَأْمُرُ الْمَلَائِكَةَ بِنَسْخِ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ. وَقِيلَ: إِنَّ الْمَلَائِكَةَ تَكْتُبُ كُلَّ يَوْمٍ مَا يَعْمَلُهُ الْعَبْدُ، فَإِذَا رَجَعُوا إِلَى مَكَانِهِمْ نَسَخُوا مِنْهُ الْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ وَتَرَكُوا الْمُبَاحَاتِ. وَقِيلَ: إِنَّ الْمَلَائِكَةَ إِذَا رَفَعَتْ أَعْمَالَ الْعِبَادِ إِلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ أَمَرَ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يُثْبَتَ عِنْدَهُ مِنْهَا مَا فِيهِ ثَوَابٌ وَعِقَابٌ، وَيُسْقَطَ مِنْهَا مَا لَا ثَوَابَ فِيهِ وَلَا عِقَابَ فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَيُدْخِلُهُمْ رَبُّهُمْ فِي رَحْمَتِهِ أي: الجنة، وهذا تفصيل لحال الفريقين، فالمؤمنون يدخلهم الله برحمته الجنة ذلِكَ أي: الإدخال في رحمته هُوَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ أَيِ: الظَّاهِرُ الْوَاضِحُ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا أَفَلَمْ تَكُنْ آياتِي تُتْلى عَلَيْكُمْ أَيْ: فَيُقَالُ لَهُمْ ذَلِكَ، وَهُوَ اسْتِفْهَامُ تَوْبِيخٍ، لِأَنَّ الرُّسُلَ قَدْ أَتَتْهُمْ وَتَلَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتِ اللَّهِ، فَكَذَّبُوهَا وَلَمْ يَعْمَلُوا بِهَا فَاسْتَكْبَرْتُمْ وَكُنْتُمْ قَوْماً مُجْرِمِينَ أَيْ: تَكَبَّرْتُمْ عَنْ قَبُولِهَا وَعَنِ الإيمان بها،

(1) . «الصم» : الصلب. «المنضد» : الذي جعل بعضه على بعض. [.....]
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 5  صفحه : 13
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست