responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 5  صفحه : 128
وَاحِدَةً فَأَوْحى إِلى عَبْدِهِ مَا أَوْحى
أَيْ: فَأَوْحَى جِبْرِيلُ إِلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَوْحَى، وَفِيهِ تَفْخِيمٌ لِلْوَحْيِ الَّذِي أُوحِيَ إِلَيْهِ، وَالْوَحْيُ: إِلْقَاءُ الشَّيْءِ بِسُرْعَةٍ، وَمِنْهُ الوحاء وَهُوَ السُّرْعَةُ، وَالضَّمِيرُ فِي عَبْدِهِ يَرْجِعُ إِلَى اللَّهِ، كَمَا فِي قَوْلِهِ: مَا تَرَكَ عَلى ظَهْرِها مِنْ دَابَّةٍ [1] وَقِيلَ: الْمَعْنَى: فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَى عَبْدِهِ جِبْرِيلَ مَا أَوْحَى، وَبِالْأَوَّلِ قَالَ الرَّبِيعُ وَالْحَسَنُ وَابْنُ زَيْدٍ وَقَتَادَةُ. وَقِيلَ: فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَى عَبْدِهِ مُحَمَّدٍ. قِيلَ: وَقَدْ أَبْهَمَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ مَا أَوْحَاهُ جِبْرِيلُ إِلَى مُحَمَّدٍ، أَوْ مَا أَوْحَاهُ اللَّهُ إِلَى عَبْدِهِ جِبْرِيلَ، أَوْ إِلَى مُحَمَّدٍ، وَلَمْ يُبَيِّنْهُ لَنَا، فَلَيْسَ لَنَا أَنْ نَتَعَرَّضَ لِتَفْسِيرِهِ. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: الَّذِي أَوْحَى إليه هو أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ إلخ [2] ، وأَ لَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوى إِلَخْ [3] . وَقِيلَ: أَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ إِنَّ الْجَنَّةَ حرام على الأنبياء حتى تدخلها [يا محمد] [4] ، وَعَلَى الْأُمَمِ حَتَّى تَدَخُلَهَا أُمَّتُكَ. وَقِيلَ: إِنَّ «مَا» لِلْعُمُومِ لَا لِلْإِبْهَامِ، وَالْمُرَادُ كُلُّ مَا أَوْحَى بِهِ إِلَيْهِ، وَالْحَمْلُ عَلَى الْإِبْهَامِ أَوْلَى لِمَا فِيهِ مِنَ التَّعْظِيمِ مَا كَذَبَ الْفُؤادُ مَا رَأى أَيْ: مَا كَذَبَ فُؤَادُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا رَآهُ بَصَرُهُ لَيْلَةَ الْمِعْرَاجِ، يُقَالُ: كَذَبَهُ إِذَا قَالَ لَهُ الْكَذِبَ وَلَمْ يَصْدُقْهُ. قَالَ الْمُبَرِّدُ: مَعْنَى الْآيَةِ أنه رأى شيئا فصدق فيه. قال الْجُمْهُورُ مَا كَذَبَ مُخَفَّفًا، وَقَرَأَ هِشَامٌ وَأَبُو جَعْفَرٍ بِالتَّشْدِيدِ وَ «مَا» فِي مَا رَأى مَوْصُولَةٌ أَوْ مَصْدَرِيَّةٌ، فِي مَحَلِّ نَصْبٍ بِكَذَبَ، مُخَفَّفًا وَمُشَدَّدًا أَفَتُمارُونَهُ عَلى مَا يَرى. قَرَأَ الْجُمْهُورُ: أَفَتُمارُونَهُ بِالْأَلِفِ مِنَ الْمُمَارَاةِ، وَهِيَ الْمُجَادَلَةُ وَالْمُلَاحَاةُ، وَقَرَأَ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ: «أَفَتَمْرُونَهُ» بِفَتْحِ التَّاءِ وسكون الميم، أي:
أفتجحدونه، وَاخْتَارَ أَبُو عُبَيْدٍ الْقِرَاءَةَ الثَّانِيَةَ: قَالَ: لِأَنَّهُمْ لَمْ يُمَارُوهُ وَإِنَّمَا جَحَدُوهُ، يُقَالُ: مَرَاهُ حَقَّهُ، أَيْ:
جَحَدَهُ، وَمَرَيْتُهُ أَنَا: جَحَدْتُهُ. قَالَ: وَمِنْهُ قول الشاعر:
لئن هَجَوْتَ أَخَا صِدْقٍ وَمَكْرُمَةٍ ... لَقَدْ مَرَيْتَ أَخًا مَا كَانَ يُمْرِيكَا
أَيْ: جَحَدْتَهُ. قَالَ الْمُبَرِّدُ: يقال مراه عَنْ حَقِّهِ وَعَلَى حَقِّهِ: إِذَا مَنَعَهُ مِنْهُ ودفعه عنه [5] . وَقِيلَ: عَلَى بِمَعْنَى عَنْ. وَقَرَأَ ابْنُ مَسْعُودٍ وَالشَّعْبِيُّ وَمُجَاهِدٌ وَالْأَعْرَجُ «أَفَتُمْرُونَهُ» بِضَمِّ التَّاءِ مَنْ أَمْرَيْتُ، أَيْ: أَتُرِيبُونَهُ وَتَشُكُّونَ فِيهِ. قَالَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ: الْمَعْنَى عَلَى قِرَاءَةِ الْجُمْهُورِ: أَفَتُجَادِلُونَهُ، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ جَادَلُوهُ حِينَ أُسْرِيَ بِهِ، فَقَالُوا: صِفْ لَنَا مَسْجِدَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، أَيْ: أَفَتُجَادِلُونَهُ جدالا ترمون بِهِ دَفْعَهُ عَمَّا شَاهَدَهُ وَعَلِمَهُ، وَاللَّامُ فِي قَوْلِهِ: وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى هِيَ الْمُوطِّئَةُ لِلْقَسَمِ، أَيْ: وَاللَّهِ لَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى، وَالنَّزْلَةُ: الْمَرَّةُ مِنَ النُّزُولِ، فَانْتِصَابُهَا عَلَى الظَّرْفِيَّةِ، أَوْ مُنْتَصِبَةٌ عَلَى الْمَصْدَرِ الْوَاقِعِ مَوْقِعَ الْحَالِ، أَيْ: رَأَى جِبْرِيلُ نَازِلًا نَزْلَةً أُخْرَى أَوْ عَلَى أَنَّهُ صِفَةُ مَصْدَرٍ مُؤَكَّدٍ مَحْذُوفٍ، أَيْ: رَآهُ رُؤْيَةً أُخْرَى. قَالَ جُمْهُورُ الْمُفَسِّرِينَ:
الْمَعْنَى أَنَّهُ رَأَى مُحَمَّدٌ جِبْرِيلَ مَرَّةً أُخْرَى، وَقِيلَ: رَأَى مُحَمَّدٌ رَبَّهُ مَرَّةً أُخْرَى بِفُؤَادِهِ عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهى الظَّرْفُ مُنْتَصِبٌ بَرَآهُ، وَالسِّدْرُ: هُوَ شَجَرُ النَّبْقِ، وَهَذِهِ السِّدْرَةُ هِيَ فِي السَّمَاءِ السادسة كما في الصحيح،

[1] فاطر: 45.
[2] الشرح: 1- 8.
[3] الضحى: آية 6 إلى آخر السورة.
[4] من تفسير القرطبي (17/ 92) .
[5] من تفسير القرطبي (17/ 93) .
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 5  صفحه : 128
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست