responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 5  صفحه : 114
فَكَأَنَّمَا هِيَ مِنْ تَقَادُمِ عَهْدِهَا ... رَقٌّ أُتِيحَ كِتَابُهَا مَسْطُورُ
وَأَمَّا الرِّقُّ بِالْكَسْرِ فَهُوَ الْمَمْلُوكُ، يُقَالُ عَبْدُ رِقٍّ وَعَبْدٌ مَرْقُوقٌ وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ فِي السَّمَاءِ السَّابِعَةِ.
وَقِيلَ: فِي سَمَاءِ الدُّنْيَا، وقيل: هو الكعبة، فعلى القولين الأوّلين كون وَصْفُهُ بِالْعِمَارَةِ بِاعْتِبَارِ مَنْ يَدْخُلُ إِلَيْهِ مِنَ الْمَلَائِكَةِ وَيَعْبُدُ اللَّهَ فِيهِ. وَعَلَى الْقَوْلِ الثَّالِثِ يَكُونُ وَصْفُهُ بِالْعِمَارَةِ حَقِيقَةً أَوْ مَجَازًا بِاعْتِبَارِ كَثْرَةِ مَنْ يَتَعَبَّدُ فِيهِ مِنْ بَنِي آدَمَ وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ يَعْنِي السَّمَاءَ، سَمَّاهَا سَقْفًا لِكَوْنِهَا كَالسَّقْفِ لِلْأَرْضِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ:
وَجَعَلْنَا السَّماءَ سَقْفاً مَحْفُوظاً [1] وَقِيلَ: هُوَ الْعَرْشُ وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ أَيِ: الْمُوقَدِ، مِنَ السَّجْرِ:
وَهُوَ إِيقَادُ النَّارِ فِي التنور، ومنه قوله: وَإِذَا الْبِحارُ سُجِّرَتْ [2] وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ الْبِحَارَ تُسَجَرُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فتكون نارا، وقيل: المسجور: المملوء، وقيل: إِنَّهُ مِنْ أَسْمَاءِ الْأَضْدَادُ، يُقَالُ: بَحْرٌ مَسْجُورٌ، أَيْ: مَمْلُوءٌ، وَبَحْرٌ مَسْجُورٌ، أَيْ: فَارِغٌ، وَقِيلَ: الْمَسْجُورُ: الْمَمْسُوكُ، وَمِنْهُ سَاجُورُ الْكَلْبِ، لِأَنَّهُ يُمْسِكُهُ. وَقَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ: الْمَسْجُورُ الَّذِي ذَهَبَ مَاؤُهُ، وَقِيلَ: الْمَسْجُورُ الْمَفْجُورُ، وَمِنْهُ: وَإِذَا الْبِحارُ فُجِّرَتْ [3] وقال الربيع ابن أَنَسٍ: هُوَ الَّذِي يَخْتَلِطُ فِيهِ الْعَذْبُ بِالْمَالِحِ. وَالْأَوَّلُ أَوْلَى، وَبِهِ قَالَ مُجَاهِدٌ وَالضَّحَّاكُ وَمُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ وَالْأَخْفَشُ وَغَيْرُهُمْ إِنَّ عَذابَ رَبِّكَ لَواقِعٌ هَذَا جَوَابُ الْقَسَمِ، أَيْ: كَائِنٌ لَا مَحَالَةَ لِمَنْ يَسْتَحِقُّهُ مَا لَهُ مِنْ دافِعٍ يَدْفَعُهُ وَيَرُدُّهُ عَنْ أَهْلِ النَّارِ، وَهَذِهِ الْجُمْلَةُ خبر ثان لأن، أو صفة لواقع، و «من» مَزِيدَةٌ لِلتَّأْكِيدِ. وَوَجْهُ تَخْصِيصِ هَذِهِ الْأُمُورِ بِالْإِقْسَامِ بِهَا أَنَّهَا عَظِيمَةٌ دَالَّةٌ عَلَى كَمَالِ الْقُدْرَةِ الرَّبَّانِيَّةِ يَوْمَ تَمُورُ السَّماءُ مَوْراً الْعَامِلُ فِي الظَّرْفِ «لَوَاقِعٌ» أَيْ: إِنَّهُ لَوَاقِعٌ فِي هَذَا الْيَوْمِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْعَامِلُ فِيهِ دَافِعٍ. وَالْمَوْرُ:
الِاضْطِرَابُ وَالْحَرَكَةُ. قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ: مَارَ الشَّيْءُ يَمُورُ مَوْرًا إِذَا تَحَرَّكَ وَجَاءَ وَذَهَبَ، قاله الأخفش وأبو عبيدة، وأنشد بَيْتَ الْأَعْشَى:
كَأَنَّ مِشْيَتَهَا مِنْ بَيْتِ جَارَتِهَا ... مَشْيُ [4] السَّحَابَةِ لَا رَيْثٌ وَلَا عَجَلُ
وَلَيْسَ فِي الْبَيْتِ مَا يَدُلُّ عَلَى مَا قَالَاهُ إِلَّا إِذَا كَانَتْ هَذِهِ الْمِشْيَةُ الْمَذْكُورَةُ فِي الْبَيْتِ يُطْلَقُ الْمَوْرُ عَلَيْهَا لُغَةً.
وَقَالَ الضَّحَّاكُ: يَمُوجُ بَعْضُهَا فِي بَعْضٍ، وَقَالَ مُجَاهِدٌ: تَدُورُ دَوْرًا، وَقِيلَ: تَجْرِي جَرْيًا، وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ [5] :
وَمَا زَالَتِ الْقَتْلَى تَمُورُ دِمَاؤُهَا ... بِدِجْلَةَ حَتَّى مَاءَ دِجْلَةَ أَشْكَلُ «6»
وَيُطْلَقُ الْمَوْرُ عَلَى الْمَوْجِ، وَمِنْهُ نَاقَةٌ مَوَّارَةُ الْيَدِ، أَيْ: سَرِيعَةٌ تَمُوجُ فِي مَشْيِهَا مَوْجًا، وَمَعْنَى الْآيَةِ أَنَّ الْعَذَابَ

[1] الأنبياء: 32.
[2] التكوير: 6.
[3] الانفطار: 3.
[4] في تفسير القرطبي: مور.
[5] هو جرير.
(6) . «الأشكل» : ما فيه بياض وحمرة.
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 5  صفحه : 114
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست