responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 5  صفحه : 102
بِهِ وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ أَيْ: وَفِي أَنْفُسِكُمْ آيَاتٌ تَدُلُّ عَلَى تَوْحِيدِ اللَّهِ وَصِدْقِ مَا جَاءَتْ بِهِ الرُّسُلُ، فَإِنَّهُ خَلَقَهُمْ نُطْفَةً ثُمَّ عَلَقَةً ثُمَّ مُضْغَةً ثُمَّ عَظْمًا إِلَى أَنْ يَنْفُخَ فِيهِ الرُّوحَ، ثُمَّ تَخْتَلِفُ بَعْدَ ذلك صورهم وألوانهم وطبائعهم وألسنتهم، ثم نقش خَلْقِهِمْ عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ الْعَجِيبَةِ الشَّأْنِ مِنْ لَحْمٍ وَدَمٍ وَعَظْمٍ وَأَعْضَاءٍ وَحَوَاسَّ وَمَجَارِي وَمَنَافِسَ. وَمَعْنَى أَفَلا تُبْصِرُونَ أَفَلَا تَنْظُرُونَ بِعَيْنِ الْبَصِيرَةِ، فَتَسْتَدِلُّونَ بِذَلِكَ عَلَى الْخَالِقِ الرَّزَّاقِ الْمُتَفَرِّدِ بِالْأُلُوهِيَّةِ، وَأَنَّهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَلَا ضِدَّ وَلَا نِدَّ، وَأَنَّ وَعْدَهُ الْحَقُّ، وَقَوْلَهُ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا جَاءَتْ إِلَيْكُمْ بِهِ رُسُلُهُ هُوَ الْحَقِّ الَّذِي لَا شَكَّ فِيهِ وَلَا شُبْهَةَ تَعْتَرِيهِ، وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِالْأَنْفُسِ الْأَرْوَاحُ، أَيْ: وَفِي نُفُوسِكُمُ الَّتِي بِهَا حَيَاتُكُمْ آيَاتٌ وَفِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ أَيْ: سَبَبُ رِزْقِكُمْ، وَهُوَ الْمَطَرُ فَإِنَّهُ سَبَبُ الأرزاق. قال سعيد ابن جُبَيْرٍ وَالضَّحَّاكُ: الرِّزْقُ هُنَا مَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَطَرٍ وَثَلْجٍ. وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِالسَّمَاءِ السَّحَابُ، أَيْ:
وَفِي السَّحَابِ رِزْقُكُمْ، وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِالسَّمَاءِ الْمَطَرُ، وَسَمَّاهُ سَمَاءً لِأَنَّهُ يَنْزِلُ مِنْ جِهَتِهَا، وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ [1] :
إِذَا نَزَلَ السَّمَاءُ بِأَرْضِ قَوْمٍ ... رَعَيْنَاهُ وَإِنْ كَانُوا غِضَابَا
وَقَالَ ابْنُ كَيْسَانَ: يَعْنِي وَعَلَى رَبِّ السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ، قال: وَنَظِيرُهُ: وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُها [2] وَهُوَ بَعِيدٌ. وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: أَيْ عِنْدَ اللَّهِ فِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ. وَقِيلَ: الْمَعْنَى: وَفِي السَّمَاءِ تَقْدِيرُ رِزْقِكُمْ. قَرَأَ الْجُمْهُورُ رِزْقُكُمْ بِالْإِفْرَادِ، وقرأ يعقوب وابن محيصن ومجاهد «وأرزاقكم» [3] بِالْجَمْعِ. وَما تُوعَدُونَ مِنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ، قَالَهُ مُجَاهِدٌ. قَالَ عَطَاءٌ: مِنَ الثَّوَابِ وَالْعِقَابِ، وَقَالَ الْكَلْبِيُّ:
مِنَ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ، قَالَ ابْنُ سِيرِينَ: مَا تُوعَدُونَ مِنْ أَمْرِ السَّاعَةِ، وَبِهِ قَالَ الرَّبِيعُ. وَالْأَوْلَى الْحَمْلُ عَلَى مَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ هَذِهِ الْأَقْوَالِ، فَإِنَّ جَزَاءَ الْأَعْمَالِ مَكْتُوبٌ فِي السَّمَاءِ، وَالْقَضَاءُ وَالْقَدَرُ يَنْزِلُ مِنْهَا، وَالْجَنَّةُ وَالنَّارُ فِيهَا.
ثُمَّ أَقْسَمَ سُبْحَانَهُ بِنَفْسِهِ فَقَالَ: فَوَ رَبِّ السَّماءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ أَيْ: مَا أُخْبِرُكُمْ بِهِ فِي هَذِهِ الْآيَاتِ.
قَالَ الزَّجَّاجُ: هُوَ مَا ذَكَرَ مِنْ أَمْرِ الرِّزْقِ وَالْآيَاتِ. قَالَ الْكَلْبِيُّ: يَعْنِي مَا قَصَّ فِي الْكِتَابِ. وَقَالَ مُقَاتِلٌ:
يَعْنِي مِنْ أَمْرِ السَّاعَةِ. وَقِيلَ: إِنَّ مَا فِي قَوْلِهِ: وَما تُوعَدُونَ مُبْتَدَأٌ وَخَبَرُهُ «فَوَ رَبِّ السَّماءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ» ، فَيَكُونُ الضَّمِيرُ لِ «مَا» . ثُمَّ قَالَ سُبْحَانَهُ: مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ قَرَأَ الْجُمْهُورُ بِنَصْبِ مِثْلَ عَلَى تَقْدِيرِ: كَمِثْلِ نُطْقِكُمْ، وَ «مَا» زَائِدَةٌ، كَذَا قَالَ بعض الكوفيين إنه منصوب ينزع الْخَافِضِ.
وَقَالَ الزَّجَّاجُ وَالْفَرَّاءُ: يَجُوزُ أَنْ يَنْتَصِبَ عَلَى التَّوْكِيدِ، أَيْ: لَحَقٌّ حَقًّا مِثْلَ نُطْقِكُمْ. وَقَالَ الْمَازِنِيُّ: إِنَّ مِثْلَ مَعَ مَا بِمَنْزِلَةِ شَيْءٍ وَاحِدٍ فَبُنِيَ عَلَى الْفَتْحِ. وَقَالَ سِيبَوَيْهِ: هُوَ مَبْنِيٌّ لِإِضَافَتِهِ إِلَى غَيْرِ مُتَمَكِّنٍ، وَاخْتَارَ هَذِهِ الْقِرَاءَةَ أَبُو عُبَيْدٍ وَأَبُو حَاتِمٍ. وَقَرَأَ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ وَأَبُو بَكْرٍ وَالْأَعْمَشُ مِثْلُ بِالرَّفْعِ على أنه

[1] هو معوّد الحكماء معاوية بن مالك.
[2] هود: 6. [.....]
[3] في تفسير القرطبي (17/ 41) : رازقكم.
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 5  صفحه : 102
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست