responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 4  صفحه : 85
إِلَى الَّذِي فَرَّ مِنْهُ لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جاءَنِي أَيْ: وَاللَّهِ لَقَدْ أَضَلَّنِي هَذَا الَّذِي اتَّخَذْتُهُ خَلِيلًا عَنِ الْقُرْآنِ، وعن الْمَوْعِظَةِ، أَوْ كَلِمَةِ الشَّهَادَةِ أَوْ مَجْمُوعِ ذَلِكَ، بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي، وَتَمَكَّنْتُ مِنْهُ، وَقَدَرْتُ عَلَيْهِ وَكانَ الشَّيْطانُ لِلْإِنْسانِ خَذُولًا الْخَذْلُ: تَرْكُ الْإِغَاثَةِ، وَمِنْهُ خُذْلَانُ إِبْلِيسَ لِلْمُشْرِكِينَ حَيْثُ يُوَالُونَهُ، ثُمَّ يَتْرُكُهُمْ عِنْدَ اسْتِغَاثَتِهِمْ بِهِ، وَهَذِهِ الْجُمْلَةُ مُقَرِّرَةٌ لِمَضْمُونِ مَا قَبْلَهَا، وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ مِنْ كَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى، أَوْ مِنْ تَمَامِ كَلَامِ الظَّالِمِ، وَأَنَّهُ سَمَّى خَلِيلَهُ شَيْطَانًا بَعْدَ أَنْ جَعَلَهُ مُضِلًّا، أَوْ أَرَادَ بِالشَّيْطَانِ إِبْلِيسَ، لِكَوْنِهِ الذي حمله على مخاللة المضلين وَقالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً مَعْطُوفٌ عَلَى وَقالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا وَالْمَعْنَى: إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ الَّذِي جِئْتُ بِهِ إِلَيْهِمْ، وَأَمَرْتَنِي بِإِبْلَاغِهِ وَأَرْسَلْتَنِي بِهِ مَهْجُورًا، مَتْرُوكًا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ، وَلَا قَبِلُوهُ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ، وَقِيلَ: هُوَ مِنْ هَجَرَ إِذَا هَذَى.
وَالْمَعْنَى: أَنَّهُمُ اتَّخَذُوهُ هَجْرًا وَهَذَيَانًا. وَقِيلَ: مَعْنَى مَهْجُورًا: مَهْجُورًا فِيهِ، ثُمَّ حُذِفَ الْجَارُّ، وَهَجْرُهُمْ فِيهِ قَوْلُهُمْ: إِنَّهُ سِحْرٌ، وَشِعْرٌ، وَأَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ، وَهَذَا الْقَوْلُ يَقُولُهُ الرَّسُولُ صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَقِيلَ: إِنَّهُ حِكَايَةٌ لِقَوْلِهِ صلّى الله عليه وَسَلَّمَ فِي الدُّنْيَا وَكَذلِكَ جَعَلْنا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ هَذَا تَسْلِيَةٌ مِنَ اللَّهِ سُبْحَانَهُ لِرَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، وَالْمَعْنَى: أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ جَعَلَ لِكُلِّ نَبِيٍّ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ الدَّاعِينَ إِلَى اللَّهِ عَدُوًّا يُعَادِيِهِ مِنْ مُجْرِمِي قَوْمِهِ، فَلَا تَجْزَعُ يَا مُحَمَّدُ، فَإِنَّ هَذَا دَأْبُ الْأَنْبِيَاءِ قَبْلَكَ وَاصْبِرْ كَمَا صَبَرُوا وَكَفى بِرَبِّكَ هادِياً وَنَصِيراً قَالَ الْمُفَسِّرُونَ:
الْبَاءُ زَائِدَةٌ، أَيْ: كَفَى رَبُّكَ، وَانْتِصَابُ نصيرا وهاديا عَلَى الْحَالِ، أَوِ التَّمْيِيزِ: أَيْ يَهْدِي عِبَادَهُ إِلَى مَصَالِحِ الدِّينِ وَالدُّنْيَا وَيَنْصُرُهُمْ عَلَى الْأَعْدَاءِ وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً واحِدَةً هَذَا مِنْ جُمْلَةِ اقْتِرَاحَاتِهِمْ وَتَعَنُّتَاتِهِمْ، أَيْ: هَلَّا نَزَّلَ اللَّهُ عَلَيْنَا هَذَا الْقُرْآنَ دُفْعَةً وَاحِدَةً غَيْرَ مُنَجَّمٍ. وَاخْتُلِفَ فِي قَائِلِ هَذِهِ الْمَقَالَةِ فَقِيلَ: كُفَّارُ قُرَيْشٍ، وَقِيلَ: الْيَهُودُ، قَالُوا: هَلَّا أَتَيْتَنَا بِالْقُرْآنِ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَمَا أُنْزِلَتِ التَّوْرَاةُ وَالْإِنْجِيلُ وَالزَّبُورُ؟ وَهَذَا زَعْمٌ بَاطِلٌ وَدَعْوًى دَاحِضَةٌ فَإِنَّ هَذِهِ الْكُتُبَ نَزَلَتْ مُفَرَّقَةً كَمَا نَزَلَ الْقُرْآنُ وَلَكِنَّهُمْ مُعَانِدُونَ، أَوْ جَاهِلُونَ لَا يَدْرُونَ بِكَيْفِيَّةِ نُزُولِ كُتُبِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ عَلَى أَنْبِيَائِهِ، ثُمَّ رَدَّ اللَّهُ سُبْحَانَهُ عَلَيْهِمْ فَقَالَ: كَذلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤادَكَ أَيْ: نَزَّلْنَا الْقُرْآنَ كَذَلِكَ مُفَرَّقًا، وَالْكَافُ: فِي مَحَلِّ نَصْبٍ، عَلَى أَنَّهَا نَعْتُ مَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ، وَذَلِكَ إِشَارَةٌ إِلَى مَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِهِمْ، أَيْ: مِثْلَ ذَلِكَ التَّنْزِيلِ الْمُفَرَّقِ الَّذِي قَدَحُوا فِيهِ، وَاقْتَرَحُوا خِلَافَهُ نَزَّلْنَاهُ لِنُقَوِّيَ بِهَذَا التَّنْزِيلِ عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ فُؤَادَكَ، فَإِنَّ إِنْزَالَهُ مُفَرَّقًا مُنَجَّمًا عَلَى حَسَبِ الْحَوَادِثِ أَقْرَبُ إِلَى حِفْظِكَ لَهُ، وَفَهْمِكَ لِمَعَانِيهِ، وَذَلِكَ مِنْ أَعْظَمِ أَسْبَابِ التَّثْبِيتِ، وَاللَّامُ مُتَعَلِّقَةٌ بِالْفِعْلِ الْمَحْذُوفِ الَّذِي قَدَّرْنَاهُ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: إِنَّ الْأَخْفَشَ قَالَ: إِنَّهَا جَوَابُ قَسَمٍ مَحْذُوفٍ. قَالَ: وَهَذَا قَوْلٌ مَرْجُوحٌ. وَقَرَأَ عَبْدُ اللَّهِ لِيُثَبِّتَ بِالتَّحْتِيَّةِ، أَيِ: اللَّهُ سُبْحَانَهُ، وَقِيلَ: إِنَّ هَذِهِ الْكَلِمَةَ، أَعْنِي كَذَلِكَ، هِيَ مِنْ تَمَامِ كَلَامِ الْمُشْرِكِينَ، وَالْمَعْنَى كَذَلِكَ، أَيْ: كَالتَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالزَّبُورِ، فَيُوقَفُ عَلَى قَوْلِهِ كَذَلِكَ، ثُمَّ يُبْتَدَأُ بِقَوْلِهِ: لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤادَكَ عَلَى مَعْنَى أَنْزَلْنَاهُ عَلَيْكَ مُتَفَرِّقًا لِهَذَا الْغَرَضِ. قَالَ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ: وَهَذَا أَجْوَدُ وَأَحْسَنُ. قَالَ النَّحَّاسُ: وَكَانَ ذَلِكَ، أَيْ: إِنْزَالُ الْقُرْآنِ مُنَجَّمًا مِنْ أَعْلَامِ النُّبُوَّةِ لِأَنَّهُمْ لَا يَسْأَلُونَهُ عَنْ شَيْءٍ إِلَّا أُجِيبُوا عَنْهُ، وَهَذَا لَا يَكُونُ إِلَّا مِنْ نَبِيٍّ، فَكَانَ ذَلِكَ تَثْبِيتًا لِفُؤَادِهِ وَأَفْئِدَتِهِمْ وَرَتَّلْناهُ تَرْتِيلًا هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى الْفِعْلِ الْمُقَدَّرِ، أَيْ:

نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 4  صفحه : 85
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست