responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 4  صفحه : 628
بِسُلُوكِهَا إِلَى مَقَاصِدِكُمْ وَمَنَافِعِكُمْ وَالَّذِي نَزَّلَ مِنَ السَّماءِ مَاءً بِقَدَرٍ أَيْ: بِقَدْرِ الْحَاجَةِ وَحَسْبَمَا تَقْتَضِيهِ الْمَصْلَحَةُ وَلَمْ يُنْزِلْ عَلَيْكُمْ مِنْهُ فَوْقَ حَاجَتِكُمْ حَتَّى يُهْلِكَ زَرَائِعَكُمْ وَيَهْدِمَ مَنَازِلَكُمْ وَيُهْلِكَكُمْ بِالْغَرَقِ، وَلَا دُونَهَا حَتَّى تَحْتَاجُوا إِلَى الزِّيَادَةِ، وَعَلَى حَسَبِ مَا تَقْتَضِيهِ مَشِيئَتُهُ فِي أَرْزَاقِ عِبَادِهِ بِالتَّوْسِيعِ تَارَةً وَالتَّقْتِيرِ أُخْرَى فَأَنْشَرْنا بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً أَيْ: أَحْيَيْنَا بِذَلِكَ الْمَاءِ بَلْدَةً مُقْفِرَةً مِنَ النَّبَاتِ. قَرَأَ الْجُمْهُورُ مَيْتاً بِالتَّخْفِيفِ.
وَقَرَأَ عِيسَى، وَأَبُو جَعْفَرٍ بِالتَّشْدِيدِ كَذلِكَ تُخْرَجُونَ مِنْ قُبُورِكُمْ، أَيْ: مِثْلُ ذَلِكَ الْإِحْيَاءِ لِلْأَرْضِ بِإِخْرَاجِ نَبَاتِهَا بَعْدَ أَنْ كَانَتْ لَا نَبَاتَ بِهَا تُبْعَثُونَ مِنْ قُبُورِكُمْ أَحْيَاءً، فَإِنَّ مَنْ قَدَرَ عَلَى هَذَا قَدَرَ عَلَى ذَلِكَ، وَقَدْ مَضَى بَيَانُ هَذَا فِي آلِ عِمْرَانَ، وَالْأَعْرَافِ. قَرَأَ الْجُمْهُورُ تُخْرَجُونَ مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ وَقَرَأَ الْأَعْمَشُ، ويحيى ابن وَثَّابٍ، وَحَمْزَةُ، وَالْكِسَائِيُّ، وَابْنُ ذَكْوَانَ عَنِ ابْنِ عَامِرٍ مَبْنِيًّا لِلْفَاعِلِ وَالَّذِي خَلَقَ الْأَزْواجَ كُلَّها الْمُرَادُ بِالْأَزْوَاجِ هُنَا: الْأَصْنَافُ، قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: الْأَصْنَافُ كُلُّهَا. وَقَالَ الْحَسَنُ: الشِّتَاءُ وَالصَّيْفُ، والليل والنهار، والسموات وَالْأَرْضُ، وَالْجَنَّةُ وَالنَّارُ، وَقِيلَ: أَزْوَاجُ الْحَيَوَانِ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى، وَقِيلَ: أَزْوَاجُ النَّبَاتِ، كَقَوْلِهِ: وَأَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ [1] ومِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ [2] وَقِيلَ: مَا يَتَقَلَّبُ فِيهِ الْإِنْسَانُ مِنْ خَيْرٍ وَشَرٍّ، وَإِيمَانٍ وَكُفْرٍ، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْفُلْكِ وَالْأَنْعامِ مَا تَرْكَبُونَ فِي الْبَحْرِ وَالْبَرِّ، أَيْ: مَا تَرْكَبُونَهُ لِتَسْتَوُوا عَلى ظُهُورِهِ الضَّمِيرُ رَاجِعٌ إِلَى مَا قَالَهُ أَبُو عُبَيْدٍ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ:
أَضَافَ الظُّهُورَ إِلَى وَاحِدٍ، لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْجِنْسُ، فَصَارَ الْوَاحِدُ فِي مَعْنَى الْجَمْعِ بِمَنْزِلَةِ الْجِنْسِ فَلِذَلِكَ ذُكِرَ، وَجُمِعَ الظَّهْرُ لِأَنَّ الْمُرَادَ: ظُهُورُ هَذَا الْجِنْسِ، وَالِاسْتِوَاءُ: الِاسْتِعْلَاءُ، أَيْ: لِتَسْتَعْلُوا عَلَى ظُهُورِ مَا تَرْكَبُونَ مِنَ الْفُلْكِ وَالْأَنْعَامِ ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ أَيْ: هَذِهِ النِّعْمَةَ الَّتِي أَنْعَمَ بِهَا عَلَيْكُمْ مِنْ تَسْخِيرِ ذَلِكَ الْمَرْكَبِ فِي الْبَحْرِ وَالْبَرِّ. وَقَالَ مُقَاتِلٌ وَالْكَلْبِيُّ: هُوَ أَنْ يَقُولَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي رَزَقَنِي هَذَا، وَحَمَلَنِي عَلَيْهِ وَتَقُولُوا سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنا هَذَا أي: ذلل هَذَا الْمَرْكَبَ، وَقَرَأَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ «سُبْحَانَ مَنْ سَخَّرَ لَنَا هَذَا» قَالَ قَتَادَةُ: قَدْ عَلَّمَكُمْ كَيْفَ تَقُولُونَ إِذَا رَكِبْتُمْ، وَمَعْنَى وَما كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ مَا كُنَّا لَهُ مُطِيقِينَ، يُقَالُ أَقْرَنَ هَذَا الْبَعِيرَ: إِذَا أَطَاقَهُ. وَقَالَ الْأَخْفَشُ وَأَبُو عُبَيْدَةَ: مُقْرِنِينَ ضَابِطِينَ، وَقِيلَ: مُمَاثِلِينَ لَهُ فِي الْقُوَّةِ، مِنْ قَوْلِهِمْ: هُوَ قِرْنُ فُلَانٍ إِذَا كَانَ مِثْلَهُ فِي الْقُوَّةِ، وَأَنْشَدَ قُطْرُبٌ قَوْلَ عَمْرِو بْنِ مَعْدِي كَرِبَ:
لَقَدْ عَلِمَ الْقَبَائِلُ مَا عُقَيْلٌ ... لَنَا فِي النّائبات بمقرنينا
وقال آخر:
ركبتم صعبتي أشرا وحيفا ... وَلَسْتُمْ لِلصِّعَابِ بِمُقْرِنِينَا
وَالْمُرَادُ بِالْأَنْعَامِ هُنَا: الْإِبِلُ خَاصَّةً، وَقِيلَ: الْإِبِلُ وَالْبَقَرُ، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى وَإِنَّا إِلى رَبِّنا لَمُنْقَلِبُونَ أَيْ:
رَاجِعُونَ إِلَيْهِ، وَهَذَا تَمَامُ مَا يُقَالُ عِنْدَ رُكُوبِ الدَّابَّةِ أَوِ السَّفِينَةِ. ثُمَّ رَجَعَ سُبْحَانَهُ إِلَى ذِكْرِ الْكُفَّارِ الَّذِينَ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُمْ، فَقَالَ: وَجَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبادِهِ جُزْءاً قَالَ قَتَادَةُ: أَيْ عِدْلًا، يَعْنِي ما عبد من دون الله. وقال

[1] ق: 7.
[2] الشعراء: 7.
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 4  صفحه : 628
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست