responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 4  صفحه : 612
وَالْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ: ذلِكَ إِلَى مَا ذَكَرَ لِلْمُؤْمِنِينَ قَبْلَهُ، وَخَبَرُهُ الْجُمْلَةُ الْمَذْكُورَةُ بَعْدَهُ وَهِيَ: هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ أَيِ: الَّذِي لَا يُوَصَفُ وَلَا تَهْتَدِي الْعُقُولُ إِلَى مَعْرِفَةِ حَقِيقَتِهِ، وَالْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ: ذلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللَّهُ عِبادَهُ إِلَى الْفَضْلِ الْكَبِيرِ، أَيْ: يُبَشِّرُهُمْ بِهِ. ثُمَّ وَصَفَ الْعِبَادَ بِقَوْلِهِ: الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَهَؤُلَاءِ الْجَامِعُونَ بَيْنَ الْإِيمَانِ وَالْعَمَلِ بِمَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ وَتَرْكِ مَا نَهَى عَنْهُ هُمُ الْمُبَشَّرُونَ بِتِلْكَ الْبِشَارَةِ.
قَرَأَ الْجُمْهُورُ يُبَشِّرُ مُشَدَّدًا مِنْ بَشَّرَ. وَقَرَأَ مُجَاهِدٌ، وَحُمَيْدُ بْنُ قَيْسٍ بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ وَكَسْرِ الشِّينِ مِنْ أَبْشَرَ. وَقَرَأَ بِفَتْحِ التَّحْتِيَّةِ وَضَمِّ الشِّينِ بَعْضُ السَّبْعَةِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُ الْقِرَاءَاتِ فِي هَذِهِ اللَّفْظَةِ. ثُمَّ لَمَّا ذَكَرَ سُبْحَانَهُ مَا أَخْبَرَ بِهِ نَبِيَّهُ صلّى الله عليه وَسَلَّمَ مِنْ هَذِهِ الْأَحْكَامِ الشَّرِيفَةِ الَّتِي اشْتَمَلَ عَلَيْهَا كِتَابُهُ أَمَرَهُ بِأَنَّهُ يُخْبِرُهُمْ بِأَنَّهُ لَا يَطْلُبُ مِنْهُمْ بِسَبَبِ هَذَا التَّبْلِيغِ ثَوَابًا مِنْهُمْ فقال: قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً أَيْ: قُلْ يَا مُحَمَّدُ: لَا أَطْلُبُ مِنْكُمْ عَلَى تَبْلِيغِ الرِّسَالَةِ جُعْلًا وَلَا نَفْعًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى هَذَا الِاسْتِثْنَاءُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُتَّصِلًا، أَيْ: إِلَّا أَنْ تَوَدُّونِي لِقَرَابَتِي بَيْنَكُمْ أَوْ تَوَدُّوا أَهْلَ قَرَابَتِي، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُنْقَطِعًا. قَالَ الزَّجَّاجُ: إِلَّا الْمَوَدَّةَ اسْتِثْنَاءٌ لَيْسَ مِنَ الْأَوَّلِ: أَيْ: إِلَّا أَنْ تَوَدُّونِي لِقَرَابَتِي فَتَحْفَظُونِي، وَالْخِطَابُ لِقُرَيْشٍ، وَهَذَا قَوْلُ عِكْرِمَةَ، وَمُجَاهِدٍ، وَأَبِي مَالِكٍ، وَالشَّعْبِيِّ، فَيَكُونُ الْمَعْنَى عَلَى الِانْقِطَاعِ: لَا أَسْأَلُكُمْ أَجْرًا قَطُّ، وَلَكِنْ أَسْأَلُكُمُ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى الَّتِي بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ، ارْقُبُونِي فِيهَا وَلَا تُعَجِّلُوا إِلَيَّ وَدَعَوْنِي وَالنَّاسَ، وَبِهِ قَالَ قَتَادَةُ، وَمُقَاتِلٌ، وَالسُّدِّيُّ، وَالضَّحَّاكُ، وَابْنُ زَيْدٍ وَغَيْرُهُمْ، وَهُوَ الثَّابِتُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ كَمَا سَيَأْتِي. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَغَيْرُهُ: هُمْ آلُ مُحَمَّدٍ، وَسَيَأْتِي مَا اسْتَدَلَّ بِهِ الْقَائِلُونَ بِهَذَا. وَقَالَ الْحَسَنُ وَغَيْرُهُ: مَعْنَى الْآيَةِ: إِلَّا التَّوَدُّدَ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَالتَّقَرُّبَ بِطَاعَتِهِ. وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ الْفَضْلِ: وَرَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ الضَّحَّاكِ إِنَّ هَذِهِ الْآيَةَ مَنْسُوخَةٌ، وَإِنَّمَا نَزَلَتْ بِمَكَّةَ، وَكَانَ الْمُشْرِكُونَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَمَرَهُمُ اللَّهُ بِمَوَدَّتِهِ، فَلَمَّا هَاجَرَ أَوَتْهُ الأنصار ونصروه، فأنزل الله عليه وَما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلى رَبِّ الْعالَمِينَ [1] وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ قُلْ مَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ [2] وَسَيَأْتِي فِي آخِرِ الْبَحْثِ مَا يَتَّضِحُ بِهِ الثَّوَابُ وَيَظْهَرُ بِهِ مَعْنَى الْآيَةِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً أَصْلُ الْقَرْفِ: الْكَسْبُ، يُقَالُ فُلَانٌ يَقْرِفُ لِعِيَالِهِ: أَيْ يَكْتَسِبُ وَالِاقْتِرَافُ: الِاكْتِسَابُ، مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِهِمْ رَجُلٌ قِرْفَةٌ: إِذَا كَانَ مُحْتَالًا. وَالْمَعْنَى: مَنْ يَكْتَسِبْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ هَذِهِ الْحَسَنَةَ حُسْنًا بِمُضَاعَفَةِ ثَوَابِهَا. قَالَ مُقَاتِلٌ: الْمَعْنَى مَنْ يَكْتَسِبْ حَسَنَةً وَاحِدَةً نَزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْنًا نُضَاعِفْهَا بِالْوَاحِدَةِ عَشْرًا فَصَاعِدًا. وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِهَذِهِ الْحَسَنَةِ هِيَ الْمَوَدَّةُ فِي الْقُرْبَى، وَالْحَمْلُ عَلَى الْعُمُومِ أَوْلَى، وَيَدْخُلُ تَحْتَهُ الْمَوَدَّةُ فِي الْقُرْبَى دُخُولًا أَوَّلِيًّا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ أَيْ: كَثِيرُ الْمَغْفِرَةِ لِلْمُذْنِبِينَ كَثِيرُ الشُّكْرِ لِلْمُطِيعِينَ. قَالَ قَتَادَةُ: غَفُورٌ لِلذُّنُوبِ شَكُورٌ لِلْحَسَنَاتِ. وَقَالَ السُّدِّيُّ: غَفُورٌ لِذُنُوبِ آلِ مُحَمَّدٍ أَمْ يَقُولُونَ افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أَمْ هِيَ الْمُنْقَطِعَةُ، أَيْ: بَلْ أَيَقُولُونَ افْتَرَى مُحَمَّدٌ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا بِدَعْوَى النُّبُوَّةِ، وَالْإِنْكَارُ لِلتَّوْبِيخِ. وَمَعْنَى افْتِرَاءِ الْكَذِبِ: اخْتِلَاقُهُ. ثُمَّ أَجَابَ سُبْحَانَهُ عَنْ قَوْلِهِمْ هَذَا فَقَالَ: فَإِنْ يَشَإِ اللَّهُ يَخْتِمْ عَلى قَلْبِكَ أَيْ: لَوِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَشَاءَ عَدَمَ صُدُورِهِ مِنْهُ وَخَتَمَ عَلَى قَلْبِهِ بِحَيْثُ لا يخطر

[1] الشعراء: 109.
[2] سبأ: 47.
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 4  صفحه : 612
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست