responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 4  صفحه : 608
وهو محمد صلّى الله عليه وَسَلَّمَ بَغْياً مِنْهُمْ عَلَيْهِ، وَقَدْ كَانُوا يَقُولُونَ مَا حَكَاهُ اللَّهُ عَنْهُمْ بِقَوْلِهِ: وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لَئِنْ جاءَهُمْ نَذِيرٌ [1] الآية، وَبِقَوْلِهِ: فَلَمَّا جاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ [2] وَقِيلَ: الْمُرَادُ أُمَمُ الْأَنْبِيَاءِ الْمُتَقَدِّمِينَ، وَأَنَّهُمْ فِيمَا بَيْنَهُمْ اخْتَلَفُوا لَمَّا طَالَ بِهِمُ الْمَدَى فَآمَنَ قَوْمٌ، وَكَفَرَ قَوْمٌ، وَقِيلَ: الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى خَاصَّةً كَمَا فِي قَوْلِهِ: وَما تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ [3] وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ وَهِيَ تَأْخِيرُ الْعُقُوبَةِ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى وَهُوَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ كما في قوله: بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ [4] وَقِيلَ: إِلَى الْأَجَلِ الَّذِي قَضَاهُ اللَّهُ لِعَذَابِهِمْ فِي الدُّنْيَا بِالْقَتْلِ وَالْأَسْرِ، وَالذُّلِّ وَالْقَهْرِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ أَيْ: لَوَقَعَ الْقَضَاءُ بَيْنَهُمْ بِإِنْزَالِ الْعُقُوبَةِ بِهِمْ مُعَجَّلَةً، وَقِيلَ: لَقُضِيَ بَيْنَ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ، وَمَنْ كَفَرَ بِنُزُولِ الْعَذَابِ بِالْكَافِرِينَ، وَنَجَاةِ الْمُؤْمِنِينَ وَإِنَّ الَّذِينَ أُورِثُوا الْكِتابَ مِنَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى مِنْ بَعْدِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَنْ قَبْلَهُمْ مِنَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى لَفِي شَكٍّ مِنْهُ أَيْ مِنَ الْقُرْآنِ، أَوْ مِنْ مُحَمَّدٍ مُرِيبٍ مُوقِعٍ في الريب ولذلك لَمْ يُؤْمِنُوا. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: مَعْنَى مِنْ بَعْدِهِمْ: مِنْ قَبْلِهِمْ: يَعْنِي مِنْ قَبْلِ مُشْرِكِي مَكَّةَ، وَهُمُ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى. وَقِيلَ الْمُرَادُ كُفَّارُ الْمُشْرِكِينَ مِنَ الْعَرَبِ الَّذِينَ أُورِثُوا الْقُرْآنَ مِنْ بَعْدِ مَا أُورِثَ أَهْلُ الْكِتَابِ كِتَابَهُمْ، وَصَفَهُمْ بِأَنَّهُمْ فِي شَكٍّ مِنَ الْقُرْآنِ مُرِيبٍ. قَرَأَ الْجُمْهُورُ أُورِثُوا وَقَرَأَ زَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ «وُرِّثُوا» بِالتَّشْدِيدِ فَلِذلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ أَيْ: فَلِأَجْلِ مَا ذُكِرَ مِنَ التَّفَرُّقِ وَالشَّكِّ، أَوْ فَلِأَجْلِ أَنَّهُ شُرِعَ مِنَ الدِّينِ مَا شُرِعَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ أَيْ: فَادْعُ إِلَى اللَّهِ وَإِلَى تَوْحِيدِهِ وَاسْتَقِمْ عَلَى مَا دَعَوْتَ إِلَيْهِ. قَالَ الْفَرَّاءُ وَالزَّجَّاجُ:
الْمَعْنَى فَإِلَى ذَلِكَ فَادْعُ كَمَا تَقُولُ: دَعَوْتُ إِلَى فُلَانٍ وَلِفُلَانٍ، وَذَلِكَ إِشَارَةٌ إِلَى مَا وَصَّى بِهِ الْأَنْبِيَاءُ مِنَ التَّوْحِيدِ.
وَقِيلَ: فِي الْكَلَامِ تَقْدِيمٌ وَتَأْخِيرٌ، وَالْمَعْنَى: كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تدعوهم إِلَيْهِ فَلِذَلِكَ فَادْعُ. قَالَ قَتَادَةُ: اسْتَقِمْ عَلَى أَمْرِ اللَّهِ. وَقَالَ سُفْيَانُ: اسْتَقِمْ عَلَى الْقُرْآنِ. وَقَالَ الضَّحَّاكُ: اسْتَقِمْ عَلَى تَبْلِيغِ الرِّسَالَةِ كَما أُمِرْتَ بِذَلِكَ مِنْ جِهَةِ اللَّهِ وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ الْبَاطِلَةَ وَتَعَصُّبَاتِهِمُ الزَّائِغَةَ، وَلَا تَنْظُرْ إِلَى خِلَافِ مَنْ خَالَفَكَ فِي ذِكْرِ اللَّهِ وَقُلْ آمَنْتُ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتابٍ أَيْ: بِجَمِيعِ الْكُتُبِ الَّتِي أَنْزَلَهَا اللَّهُ عَلَى رُسُلِهِ، لَا كَالَّذِينِ آمَنُوا بِبَعْضٍ مِنْهَا وَكَفَرُوا بِبَعْضٍ وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ فِي أَحْكَامِ اللَّهِ إِذَا تَرَافَعْتُمْ إِلَيَّ، وَلَا أَحْيَفُ عَلَيْكُمْ بِزِيَادَةٍ عَلَى مَا شَرَعَهُ اللَّهُ، أَوْ بِنُقْصَانٍ مِنْهُ، وَأُبَلِّغُ إِلَيْكُمْ مَا أَمَرَنِي اللَّهُ بِتَبْلِيغِهِ كَمَا هُوَ، وَاللَّامُ لَامُ كَيْ، أَيْ:
أُمِرْتُ بِذَلِكَ الَّذِي أَمَرْتُ بِهِ لِكَيْ أَعْدِلَ بَيْنَكُمْ، وَقِيلَ: هِيَ زَائِدَةٌ، وَالْمَعْنَى: أُمِرْتُ أَنْ أَعْدِلَ. وَالْأَوَّلُ أَوْلَى.
قَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ: أُمِرْتُ لِأُسَوِّيَ بَيْنَكُمْ فِي الدِّينِ فَأُومِنُ بِكُلِّ كِتَابٍ وَبِكُلِّ رَسُولٍ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْآيَةَ عَامَّةٌ فِي كُلِّ شَيْءٍ، وَالْمَعْنَى: أُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمْ فِي كُلِّ شَيْءٍ اللَّهُ رَبُّنا وَرَبُّكُمْ أَيْ: إِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ، وَخَالِقُنَا وَخَالِقُكُمْ لَنا أَعْمالُنا أَيْ: ثَوَابُهَا وَعِقَابُهَا خَاصٌّ بِنَا وَلَكُمْ أَعْمالُكُمْ أَيْ: ثَوَابُهَا وَعِقَابُهَا خَاصٌّ بِكُمْ لَا حُجَّةَ بَيْنَنا وَبَيْنَكُمُ أَيْ: لَا خُصُومَةَ بَيْنِنَا وَبَيْنَكُمْ، لِأَنَّ الْحَقَّ قَدْ ظَهَرَ وَوَضَحَ اللَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَنا فِي الْمَحْشَرِ وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ أَيِ: الْمَرْجِعُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيُجَازِي كُلًّا بِعَمَلِهِ: وَهَذَا مَنْسُوخٌ بِآيَةِ السَّيْفِ. قِيلَ:
الْخِطَابُ لِلْيَهُودِ، وقيل: للكفار عَلَى الْعُمُومِ وَالَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ ما اسْتُجِيبَ لَهُ أي:

[1] فاطر: 42.
[2] البقرة: 89.
[3] التين: 4.
[4] القمر: 46.
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 4  صفحه : 608
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست