responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 4  صفحه : 561
الْخَافِضِ، أَيْ: لِأَنْ يَقُولَ أَوْ كَرَاهَةَ أَنْ يَقُولَ، وَجُمْلَةُ وَقَدْ جاءَكُمْ بِالْبَيِّناتِ مِنْ رَبِّكُمْ فِي مَحَلِّ نَصْبٍ عَلَى الْحَالِ، أَيْ: وَالْحَالُ أَنَّهُ قَدْ جَاءَكُمْ بِالْمُعْجِزَاتِ الْوَاضِحَاتِ، وَالدَّلَالَاتِ الظَّاهِرَاتِ عَلَى نُبُوَّتِهِ، وَصِحَّةِ رِسَالَتِهِ، ثُمَّ تَلَطَّفَ لَهُمْ فِي الدَّفْعِ عَنْهُ فَقَالَ: وَإِنْ يَكُ كاذِباً فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِنْ يَكُ صادِقاً يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ وَلَمْ يَكُنْ قَوْلُهُ هَذَا لِشَكٍّ مِنْهُ، فَإِنَّهُ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَا وَصَفَهُ اللَّهُ، وَلَا يَشُكُّ الْمُؤْمِنُ، وَمَعْنَى يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ أَنَّهُ إِذَا لَمْ يُصِبْكُمْ كُلُّهُ فَلَا أَقَلَّ مِنْ أَنْ يُصِيبَكُمْ بَعْضُهُ، وَحُذِفَتِ النُّونُ مِنْ يَكُنْ فِي الْمَوْضِعَيْنِ تَخْفِيفًا لِكَثْرَةِ الِاسْتِعْمَالِ: كَمَا قَالَ سِيبَوَيْهِ، وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ وَأَبُو الْهَيْثَمِ: بَعْضُ هُنَا بِمَعْنَى كُلٍّ: أَيْ يُصِبْكُمْ كلّ الذي يعدكم، وأنشد أبو عبيد عَلَى هَذَا قَوْلَ لَبِيدٍ:
تَرَّاكُ أَمْكِنَةٍ إِذَا لَمْ أَرْضَهَا ... أَوْ يَرْتَبِطْ بَعْضَ النُّفُوسِ حِمَامُهَا
أَيْ كُلَّ النُّفُوسِ، وَقَدِ اعْتُرِضَ عَلَيْهِ، وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْبَعْضَ قَدْ يُسْتَعْمَلُ فِي لُغَةِ الْعَرَبِ بِمَعْنَى الْكُلِّ كَمَا فِي قَوْلِ الشَّاعِرِ:
قَدْ يُدْرِكُ الْمُتَأَنِّي بَعْضَ حَاجَتِهِ ... وَقَدْ يَكُونُ مَعَ الْمُسْتَعْجِلِ الزَّلَلُ
وَقَوْلِ الْآخَرِ:
إِنَّ الْأُمُورَ إِذَا الْأَحْدَاثُ دَبَّرَهَا ... دُونَ الشُّيُوخِ تَرَى فِي بَعْضِهَا خَلَلَا
وَلَيْسَ فِي الْبَيْتَيْنِ مَا يَدُلُّ عَلَى مَا زَعَمُوهُ، وَأَمَّا بَيْتُ لَبِيدٍ فَقِيلَ إِنَّهُ أَرَادَ بِبَعْضِ النُّفُوسِ نَفْسَهُ، وَلَا ضَرُورَةَ تُلْجِئُ إِلَى حَمْلِ مَا فِي الْآيَةِ عَلَى ذَلِكَ، لِأَنَّهُ أَرَادَ التَّنَزُّلَ مَعَهُمْ وَإِيهَامَهُمْ أَنَّهُ لَا يَعْتَقِدُ صِحَّةَ نُبُوَّتِهِ كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُهُ:
يَكْتُمُ إِيمانَهُ قَالَ أَهْلُ الْمَعَانِي: وَهَذَا عَلَى الْمُظَاهَرَةِ فِي الْحِجَاجِ، كَأَنَّهُ قَالَ لَهُمْ: أَقَلُّ مَا يَكُونُ فِي صِدْقِهِ أَنْ يُصِيبَكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ، وَفِي بَعْضِ ذَلِكَ هَلَاكُكُمْ، فَكَأَنَّ الْحَاصِلَ بِالْبَعْضِ هُوَ الْحَاصِلُ بِالْكُلِّ: وَقَالَ اللَّيْثُ: بَعْضُ هَاهُنَا صِلَةٌ يُرِيدُ يُصِبْكُمُ الَّذِي يَعِدُكُمْ، وَقِيلَ: يُصِبْكُمْ هَذَا الْعَذَابُ الَّذِي يَقُولُهُ فِي الدُّنْيَا وَهُوَ بَعْضُ مَا يَتَوَعَّدُكُمْ بِهِ مِنَ الْعَذَابِ، وَقِيلَ: إِنَّهُ وَعَدَهُمْ بِالثَّوَابِ وَالْعِقَابِ، فَإِذَا كَفَرُوا أَصَابَهُمُ الْعِقَابُ، وَهُوَ بَعْضُ مَا وَعَدَهُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ هَذَا مِنْ تَمَامِ كَلَامِ الرَّجُلِ الْمُؤْمِنِ، وَهُوَ احْتِجَاجٌ آخَرُ ذُو وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنَّهُ لَوْ كَانَ مُسْرِفًا كَذَّابًا لَمَا هَدَاهُ اللَّهُ إِلَى الْبَيِّنَاتِ وَلَا أَيَّدَهُ بِالْمُعْجِزَاتِ، وَثَانِيهِمَا أَنَّهُ إِذَا كَانَ كَذَلِكَ خَذَلَهُ اللَّهُ وَأَهْلَكَهُ، فَلَا حَاجَةَ لَكُمْ إِلَى قَتْلِهِ، وَالْمُسْرِفُ الْمُقِيمُ عَلَى الْمَعَاصِي الْمُسْتَكْثِرُ مِنْهَا، وَالْكَذَّابُ الْمُفْتَرِي يَا قَوْمِ لَكُمُ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ظاهِرِينَ فِي الْأَرْضِ ذَكَّرَهُمْ ذَلِكَ الرَّجُلُ الْمُؤْمِنُ مَا هُمْ فِيهِ مِنَ الْمُلْكِ لِيَشْكُرُوا اللَّهَ وَلَا يَتَمَادَوْا فِي كُفْرِهِمْ، وَمَعْنَى ظَاهِرِينَ: الظُّهُورُ عَلَى النَّاسِ وَالْغَلَبَةُ لَهُمْ وَالِاسْتِعْلَاءُ عَلَيْهِمْ، وَالْأَرْضُ أَرْضُ مِصْرَ، وَانْتِصَابُ ظَاهِرِينَ عَلَى الْحَالِ فَمَنْ يَنْصُرُنا مِنْ بَأْسِ اللَّهِ إِنْ جاءَنا أَيْ:
مَنْ يَمْنَعُنَا مِنْ عَذَابِهِ وَيَحُولُ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ عِنْدَ مَجِيئِهِ، وَفِي هَذَا تَحْذِيرٌ مِنْهُ لَهُمْ مِنْ نِقْمَةِ اللَّهِ بِهِمْ، وَإِنْزَالِ عَذَابِهِ عَلَيْهِمْ، فَلَمَّا سَمِعَ فِرْعَوْنُ مَا قَالَهُ هَذَا الرَّجُلُ مِنَ النُّصْحِ الصَّحِيحِ جَاءَ بِمُرَاوَغَةٍ يُوهِمُ بِهَا قَوْمَهُ أَنَّهُ لَهُمْ مِنَ النَّصِيحَةِ وَالرِّعَايَةِ بِمَكَانٍ مَكِينٍ، وَأَنَّهُ لَا يَسْلُكُ بِهِمْ إِلَّا مَسْلَكًا يَكُونُ فِيهِ جَلْبُ النَّفْعِ لَهُمْ، وَدَفْعُ الضُّرِّ عَنْهُمْ، ولهذا قال:

نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 4  صفحه : 561
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست