responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 4  صفحه : 528
غَيْرِ مَوْضِعٍ. ثُمَّ أَخْبَرَ سُبْحَانَهُ عَنْ حَالِ مَنْ قَبْلَهُمْ مِنَ الْكُفَّارِ، فَقَالَ: كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ أَيْ:
مِنْ قَبْلِ الْكُفَّارِ الْمُعَاصِرِينَ لمحمد صلّى الله عليه وَسَلَّمَ. وَالْمَعْنَى: أَنَّهُمْ كَذَّبُوا رُسُلَهُمْ فَأَتاهُمُ الْعَذابُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ أَيْ: مِنْ جِهَةٍ لَا يَحْتَسِبُونَ إِتْيَانَ الْعَذَابِ مِنْهَا، وَذَلِكَ عِنْدَ أَمْنِهِمْ وَغَفْلَتِهِمْ عَنْ عُقُوبَةِ اللَّهِ لَهُمْ بِتَكْذِيبِهِمْ فَأَذاقَهُمُ اللَّهُ الْخِزْيَ أَيِ: الذُّلَّ وَالْهَوَانَ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا بِالْمَسْخِ، وَالْخَسْفِ، وَالْقَتْلِ، وَالْأَسْرِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لِكَوْنِهِ فِي غَايَةِ الشِّدَّةِ مَعَ دَوَامِهِ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ أَيْ: لَوْ كَانُوا مِمَّنْ يَعْلَمُ الْأَشْيَاءَ، وَيَتَفَكَّرُ فِيهَا، وَيَعْمَلُ بِمُقْتَضَى عِلْمِهِ. قَالَ الْمُبَرِّدُ: يُقَالُ لِكُلِّ مَا نَالَ الْجَارِحَةَ مِنْ شَيْءٍ قَدْ ذَاقَتْهُ، أَيْ: وَصَلَ إِلَيْهَا كَمَا تَصِلُ الْحَلَاوَةُ وَالْمَرَارَةُ إِلَى الذَّائِقِ لَهُمَا. قَالَ: وَالْخِزْيُ الْمَكْرُوهُ.
وَقَدْ أَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ مَاءً الْآيَةَ قَالَ:
مَا فِي الْأَرْضِ مَاءٌ إِلَّا نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ، وَلَكِنَّ عروق فِي الْأَرْضِ تُغَيِّرُهُ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ: فَسَلَكَهُ يَنابِيعَ فِي الْأَرْضِ فَمَنْ سَرَّهُ أَنْ يَعُودَ الْمِلْحُ عَذْبًا فَلْيُصْعِدْهُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْهُ فِي قَوْلِهِ: أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ قَالَ: أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: تَلَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ هَذِهِ الْآيَةَ أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ قُلْنَا يَا نَبِيَّ اللَّهِ كَيْفَ انْشِرَاحُ صَدْرِهِ؟ قَالَ: إِذَا دَخَلَ النُّورُ الْقَلْبَ انْشَرَحَ وَانْفَسَحَ. قُلْنَا: فَمَا عَلَامَةُ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَقَالَ: الْإِنَابَةُ إِلَى دَارِ الْخُلُودِ، وَالتَّجَافِي عَنْ دَارِ الْغُرُورِ، وَالتَّأَهُّبُ لِلْمَوْتِ قَبْلَ نُزُولِ الْمَوْتِ. وَأَخْرَجَهُ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ مَرْفُوعًا مُرْسَلًا. وَأَخْرَجَ الْحَكِيمُ التِّرْمِذِيُّ فِي نَوَادِرِ الْأُصُولِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ أَيُّ الْمُؤْمِنِينَ أَكْيَسُ؟ قَالَ: أَكْثَرُهُمْ ذِكْرًا لِلْمَوْتِ، وَأَحْسَنُهُمْ لَهُ اسْتِعْدَادًا، وَإِذَا دَخَلَ النُّورُ فِي الْقَلْبِ انْفَسَحَ وَاسْتَوْسَعَ، فَقَالُوا: مَا آيَةُ ذَلِكَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ؟ قَالَ: الْإِنَابَةُ إِلَى دَارِ الْخُلُودِ وَالتَّجَافِي عَنْ دَارِ الْغُرُورِ، وَالِاسْتِعْدَادُ لِلْمَوْتِ قَبْلَ نُزُولِ الْمَوْتِ» .
وَأَخْرَجَهُ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمِسْوَرِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ينحوه، وَزَادَ فِيهِ. ثُمَّ قَرَأَ أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ فَهُوَ عَلى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ. وَأَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ، وَابْنُ شَاهِينَ فِي التَّرْغِيبِ فِي الذِّكْرِ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الشُّعَبِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تُكْثِرُوا الْكَلَامَ بِغَيْرِ ذِكْرِ اللَّهِ، فَإِنَّ كَثْرَةَ الْكَلَامِ بِغَيْرِ ذِكْرِ اللَّهِ قَسْوَةٌ لِلْقَلْبِ، وَإِنَّ أَبْعَدَ النَّاسِ مِنَ اللَّهِ الْقَلْبُ الْقَاسِي» . وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ «قَالَ: قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ حَدَّثْتَنَا، فَنَزَلَ اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ الْآيَةَ» . وَأَخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْهُ فِي قَوْلِهِ: مَثانِيَ قَالَ: الْقُرْآنُ كُلُّهُ مَثَانِي. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْهُ أَيْضًا فِي الْآيَةِ قَالَ:
كِتَابُ اللَّهِ مَثَانِي ثُنِّيَ فِيهِ الْأَمْرُ مِرَارًا. وَأَخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ، وَابْنُ عَسَاكِرَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: قُلْتُ لِجَدَّتِي أَسْمَاءَ كَيْفَ كَانَ يَصْنَعُ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَرَءُوا الْقُرْآنَ؟ قَالَتْ: كَانُوا كَمَا نَعَتَهُمُ اللَّهُ تَدْمَعُ أَعْيُنُهُمْ وَتَقْشَعِرُّ جُلُودُهُمْ، قُلْتُ: فَإِنَّ نَاسًا هَاهُنَا إِذَا سَمِعُوا ذَلِكَ تَأْخُذُهُمْ عَلَيْهِ غَشْيَةٌ، قَالَتْ: أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: أَفَمَنْ يَتَّقِي بِوَجْهِهِ سُوءَ الْعَذابِ قَالَ: يُنْطَلَقُ بِهِ إِلَى النَّارِ مَكْتُوفًا ثُمَّ يُرْمَى به فيها، فأوّل ما تمسّ وجهه النار.

نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 4  صفحه : 528
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست