responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 4  صفحه : 512
مِنْهَا صَارَتْ كَأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ بِجَنْبِ مَا يكون فيه، وجملة: قالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ مُسْتَأْنَفَةٌ كما تقدّم فيما قَبْلَهَا، أَيْ: أَمْهِلْنِي وَلَا تُعَاجِلْنِي إِلَى غَايَةٍ هِيَ يَوْمُ يُبْعَثُونَ، يَعْنِي: آدَمَ وَذُرِّيَّتَهُ قالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ أَيِ: الْمُمْهَلِينَ إِلى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ الَّذِي قَدَّرَهُ اللَّهُ لِفَنَاءِ الْخَلَائِقِ، وَهُوَ عِنْدَ النَّفْخَةِ الْآخِرَةِ، وَقِيلَ: هُوَ النَّفْخَةُ الأولى. قيل: إنما طلب إبليس الانتظار إِلَى يَوْمِ الْبَعْثِ لِيَتَخَلَّصَ مِنَ الْمَوْتِ، لِأَنَّهُ إِذَا أُنْظِرَ إِلَى يَوْمِ الْبَعْثِ لَمْ يَمُتْ قَبْلَ الْبَعْثِ، وَعِنْدَ مَجِيءِ الْبَعْثِ لَا يَمُوتُ، فَحِينَئِذٍ يَتَخَلَّصُ مِنَ الْمَوْتِ. فَأُجِيبَ بِمَا يُبْطِلُ مُرَادَهُ، وَيَنْقُضُ عَلَيْهِ مَقْصِدَهُ، وَهُوَ الْإِنْظَارُ إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ وَهُوَ الَّذِي يَعْلَمُهُ اللَّهُ وَلَا يَعْلَمُهُ غَيْرُهُ، فَلَمَّا سَمِعَ اللَّعِينُ إِنْظَارَ اللَّهِ لَهُ إِلَى ذَلِكَ الْوَقْتِ قالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ فَأَقْسَمَ بِعِزَّةِ اللَّهِ أَنَّهُ يَضِلُّ بَنِي آدَمَ بِتَزْيِينِ الشَّهَوَاتِ لَهُمْ، وَإِدْخَالِ الشُّبَهِ عَلَيْهِمْ حَتَّى يَصِيرُوا غَاوِينَ جَمِيعًا. ثُمَّ لَمَّا عَلِمَ أَنَّ كَيْدَهُ لَا يَنْجَعُ إِلَّا فِي أَتْبَاعِهِ، وَأَحْزَابِهِ مِنْ أَهْلِ الْكُفْرِ وَالْمَعَاصِي، اسْتَثْنَى مَنْ لَا يَقْدِرُ عَلَى إِضْلَالِهِ، وَلَا يَجِدُ السَّبِيلَ إِلَى إِغْوَائِهِ فَقَالَ: إِلَّا عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ أَيِ: الَّذِينَ أَخْلَصْتَهُمْ لِطَاعَتِكَ وَعَصَمْتَهُمْ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ وَقَدْ تَقَدَّمَ تَفْسِيرُ هَذِهِ الْآيَاتِ فِي سُورَةِ الْحِجْرِ وَغَيْرِهَا. وَقَدْ أَقْسَمَ هَاهُنَا بِعِزَّةِ اللَّهِ، وَأَقْسَمَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ بِقَوْلِهِ: فَبِما أَغْوَيْتَنِي وَلَا تَنَافِيَ بَيْنَ الْقَسَمَيْنِ فَإِنَّ إِغْوَاءَهُ إِيَّاهُ مِنْ آثَارِ عِزَّتِهِ سُبْحَانَهُ وَجُمْلَةُ: قالَ فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ مُسْتَأْنَفَةٌ كَالْجُمَلِ الَّتِي قَبْلَهَا. قَرَأَ الْجُمْهُورُ بِنَصْبِ الْحَقَّ فِي الْمَوْضِعَيْنِ عَلَى أَنَّهُ مُقْسَمٌ بِهِ حُذِفَ مِنْهُ حَرْفُ الْقَسَمِ فَانْتَصَبَ، أَوْ هُمَا مَنْصُوبَانِ عَلَى الْإِغْرَاءِ: أَيِ الْزَمُوا الْحَقَّ، أَوْ مَصْدَرَانِ مُؤَكِّدَانِ لِمَضْمُونٍ قَوْلُهُ: لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ وَقَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَمُجَاهِدٌ، وَالْأَعْمَشُ، وَعَاصِمٌ، وَحَمْزَةُ بِرَفْعِ الْأَوَّلِ، وَنَصْبِ الثَّانِي، فَرَفْعُ الْأَوَّلِ عَلَى أَنَّهُ مُبْتَدَأٌ، وَخَبَرُهُ مُقَدَّرٌ، أَيْ: فَالْحَقُّ مني، أو الحق أَنَا، أَوْ خَبَرُهُ: لَأَمْلَأَنَّ، أَوْ هُوَ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ، وَأَمَّا نَصْبُ الثَّانِي: فَبِالْفِعْلِ الْمَذْكُورِ بَعْدَهُ، أَيْ: وَأَنَا أَقُولُ الْحَقَّ، وَأَجَازَ الْفَرَّاءُ، وَأَبُو عُبَيْدٍ أَنْ يَكُونَ مَنْصُوبًا بِمَعْنَى حَقًّا لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ. وَاعْتُرِضَ عَلَيْهِمَا بِأَنَّ مَا بَعْدَ اللَّامِ مَقْطُوعٌ عَمَّا قَبْلَهَا.
وَرُوِيَ عَنْ سِيبَوَيْهِ، وَالْفَرَّاءِ أَيْضًا أَنَّ الْمَعْنَى فَالْحَقَّ أَنَّ إِمْلَاءَ جَهَنَّمَ. وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَمُجَاهِدٍ أَنَّهُمَا قرءا برفعهما، فَرَفْعُ الْأَوَّلِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ، وَرَفْعُ الثَّانِي بِالِابْتِدَاءِ، وَخَبَرُهُ الْجُمْلَةُ الْمَذْكُورَةُ بَعْدَهُ، وَالْعَائِدُ مَحْذُوفٌ.
وقرأ ابن السميقع وَطَلْحَةُ بْنُ مُصَرِّفٍ بِخَفْضِهِمَا عَلَى تَقْدِيرِ حَرْفِ الْقَسَمِ. قَالَ الْفَرَّاءُ: كَمَا يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَأَفْعَلَنَّ كَذَا، وَغَلَّطَهُ أَبُو الْعَبَّاسِ ثَعْلَبٌ وَقَالَ: لَا يَجُوزُ الْخَفْضُ بِحَرْفٍ مُضْمَرٍ، وَجُمْلَةُ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ جَوَابُ الْقَسَمِ عَلَى قِرَاءَةِ الْجُمْهُورِ، وَجُمْلَةُ: وَالْحَقَّ أَقُولُ مُعْتَرِضَةٌ بَيْنَ الْقَسَمِ وَجَوَابِهِ، وَمَعْنَى مِنْكَ أَيْ: مِنْ جِنْسِكَ مِنَ الشَّيَاطِينِ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَيْ: مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ فأطاعوك إذ دعوتهم إلى الضلال والغواية وأَجْمَعِينَ تَأْكِيدٌ لِلْمَعْطُوفِ، وَالْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ، أَيْ: لَأَمْلَأَنَّهَا مِنَ الشَّيَاطِينِ وَأَتْبَاعِهِمْ أَجْمَعِينَ. ثُمَّ أَمَرَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ رَسُولَهُ أَنْ يُخْبِرَهُمْ بِأَنَّهُ إِنَّمَا يُرِيدُ بِالدَّعْوَةِ إِلَى اللَّهِ امْتِثَالَ أَمْرِهِ لَا عَرَضَ الدُّنْيَا الزائل، فقال: قُلْ ما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَالضَّمِيرُ فِي عَلَيْهِ رَاجِعٌ إِلَى تَبْلِيغِ الْوَحْيِ، وَلَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ ذِكْرٌ، ولكنه مفهوم من السياق. وقل: هُوَ عَائِدٌ إِلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ: أَأُنْزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِنْ بَيْنِنا وَقِيلَ: الضَّمِيرُ رَاجِعٌ إِلَى الْقُرْآنِ، وَقِيلَ: إِلَى الدُّعَاءِ إِلَى اللَّهِ عَلَى الْعُمُومِ، فَيَشْمَلُ الْقُرْآنَ وغيره من الوحي

نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 4  صفحه : 512
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست