responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 4  صفحه : 508
وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِهَمْزَةِ اسْتِفْهَامٍ سَقَطَتْ لِأَجْلِهَا هَمْزَةُ الْوَصْلِ، وَلَا مَحَلَّ لِلْجُمْلَةِ حِينَئِذٍ، وَفِيهِ التَّوْبِيخُ لِأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْأَمْرَيْنِ جَمِيعًا لِأَنَّ أَمْ عَلَى هَذِهِ الْقِرَاءَةِ هِيَ لِلتَّسْوِيَةِ. وَقَرَأَ أَبُو جَعْفَرٍ، وَنَافِعٌ، وَشَيْبَةُ، وَالْمُفَضَّلُ، وَهُبَيْرَةُ، وَيَحْيَى بْنُ وَثَّابٍ، وَالْأَعْمَشُ، وَحَمْزَةُ، وَالْكِسَائِيُّ «سُخْرِيًّا» بِضَمِّ السِّينِ، وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِكَسْرِهَا. قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: مَنْ كَسَرَ جَعَلَهُ مِنَ الْهَزْءِ، وَمَنْ ضَمَّ جَعَلَهُ مِنَ التَّسْخِيرِ وَالْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ: إِنَّ ذلِكَ إِلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ حِكَايَةِ حَالِهِمْ، وَخَبَرُ إِنَّ قَوْلُهُ: لَحَقٌّ أَيْ: لَوَاقِعٌ ثَابِتٌ فِي الدَّارِ الْآخِرَةِ لا يتخلف ألبتة، وتَخاصُمُ أَهْلِ النَّارِ: خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ، وَالْجُمْلَةُ بَيَانٌ لذلك، وقيل: بيان لحقّ، وَقِيلَ: بَدَلٌ مِنْهُ، وَقِيلَ: بَدَلٌ مِنْ مَحَلِّ ذَلِكَ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ خَبَرًا بَعْدَ خَبَرٍ، وَهَذَا عَلَى قِرَاءَةِ الْجُمْهُورِ بِرَفْعِ تُخَاصُمُ. وَالْمَعْنَى:
إِنَّ ذَلِكَ الَّذِي حَكَاهُ اللَّهُ عَنْهُمْ لَحَقٌّ لَا بُدَّ أَنْ يَتَكَلَّمُوا بِهِ، وَهُوَ تَخَاصُمُ أهل النار فيها، وَمَا قَالَتْهُ الرُّؤَسَاءُ لِلْأَتْبَاعِ، وَمَا قَالَتْهُ الْأَتْبَاعُ لَهُمْ. وَقَرَأَ ابْنُ أَبِي عَبْلَةَ بِنَصْبِ تَخاصُمُ عَلَى أَنَّهُ بَدَلٌ مِنْ ذَلِكَ أَوْ بِإِضْمَارِ أعني. وقرأ ابن السميقع «تَخَاصُمُ» بِصِيغَةِ الْفِعْلِ الْمَاضِي، فَتَكُونُ جُمْلَةً مُسْتَأْنَفَةً. ثُمَّ أَمَرَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ رَسُولَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَقُولَ قَوْلًا جَامِعًا بَيْنَ التَّخْوِيفِ وَالْإِرْشَادِ إِلَى التَّوْحِيدِ فَقَالَ: قُلْ إِنَّما أَنَا مُنْذِرٌ أَيْ: مُخَوِّفٌ لَكُمْ مِنْ عِقَابِ اللَّهِ وَعَذَابِهِ وَما مِنْ إِلهٍ يَسْتَحِقُّ الْعِبَادَةَ إِلَّا اللَّهُ الْواحِدُ الَّذِي لَا شَرِيكَ لَهُ الْقَهَّارُ لِكُلِّ شَيْءٍ سِوَاهُ رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُمَا مِنَ الْمَخْلُوقَاتِ الْعَزِيزُ الَّذِي لَا يُغَالِبُهُ مُغَالِبٌ الْغَفَّارُ لِمَنْ أَطَاعَهُ، وَقِيلَ مَعْنَى الْعَزِيزُ: الْمَنِيعُ الَّذِي لَا مِثْلَ لَهُ، وَمَعْنَى الْغَفَّارُ السَّتَّارُ لِذُنُوبِ خَلْقِهِ. ثُمَّ أَمَرَهُ سُبْحَانَهُ أَنْ يُبَالِغَ فِي إِنْذَارِهِمْ، وَيُبَيِّنُ لَهُمْ عِظَمَ الْأَمْرِ، وَجَلَالَتَهُ فَقَالَ: قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ أَيْ: مَا أَنْذَرْتُكُمْ بِهِ مِنَ الْعِقَابِ، وَمَا بَيَّنْتُهُ لَكُمْ مِنَ التَّوْحِيدِ: هُوَ خَبَرٌ عَظِيمٌ، وَنَبَأٌ جَلِيلٌ، مِنْ شَأْنِهِ الْعِنَايَةُ بِهِ، وَالتَّعْظِيمُ لَهُ، وَعَدَمُ الِاسْتِخْفَافِ بِهِ، وَمِثْلُ هَذِهِ الْآيَةِ قَوْلُهُ: عَمَّ يَتَساءَلُونَ عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ [1] .
وَقَالَ مُجَاهِدٌ، وَقَتَادَةُ، وَمُقَاتِلٌ: هُوَ الْقُرْآنُ، فَإِنَّهُ نَبَأٌ عَظِيمٌ لِأَنَّهُ كَلَامُ اللَّهِ. قَالَ الزَّجَّاجُ: قُلِ النَّبَأَ الَّذِي أَنْبَأْتُكُمْ بِهِ عَنِ اللَّهِ نَبَأٌ عَظِيمٌ: يَعْنِي مَا أَنْبَأَهُمْ بِهِ مِنْ قصص الأولين، وَذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى صِدْقِهِ، وَنُبُوَّتِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ ذَلِكَ إِلَّا بِوَحْيٍ مِنَ اللَّهِ، وَجُمْلَةُ: أَنْتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ تَوْبِيخٌ لَهُمْ، وَتَقْرِيعٌ لِكَوْنِهِمْ أَعْرَضُوا عَنْهُ، وَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِيهِ فَيَعْلَمُوا صِدْقَهُ وَيَسْتَدِلُّوا بِهِ عَلَى مَا أَنْكَرُوهُ مِنَ الْبَعْثِ، وَقَوْلُهُ: مَا كانَ لِي مِنْ عِلْمٍ بِالْمَلَإِ الْأَعْلى اسْتِئْنَافٌ مَسُوقٌ لِتَقْرِيرِ أَنَّهُ نَبَأٌ عَظِيمٌ، وَالْمَلَأُ الْأَعْلَى هُمُ الْمَلَائِكَةُ إِذْ يَخْتَصِمُونَ أَيْ: وقت اختصامهم، فقوله: بِالْمَلَإِ الْأَعْلى متعلق بعلم عَلَى تَضْمِينِهِ مَعْنَى الْإِحَاطَةِ، وَقَوْلُهُ: إِذْ يَخْتَصِمُونَ مُتَعَلِّقٍ بِمَحْذُوفٍ، أَيْ: مَا كَانَ لِي فِيمَا سَبَقَ عِلْمٌ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ بِحَالِ الْمَلَأِ الْأَعْلَى وَقْتَ اخْتِصَامِهِمْ، وَالضَّمِيرُ فِي يَخْتَصِمُونَ رَاجِعٌ إِلَى الْمَلَأِ الْأَعْلَى، وَالْخُصُومَةُ الْكَائِنَةُ بَيْنَهُمْ هِيَ فِي أَمْرِ آدَمَ كَمَا يُفِيدُهُ مَا سَيَأْتِي قَرِيبًا، وَجُمْلَةُ إِنْ يُوحى إِلَيَّ إِلَّا أَنَّما أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ مُعْتَرِضَةٌ بَيْنَ اخْتِصَامِهِمُ الْمُجْمَلِ وَبَيْنَ تَفْصِيلِهِ بِقَوْلِهِ: إِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ. وَالْمَعْنَى: مَا يُوحَى إِلَيَّ إِلَّا إِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ. قَالَ الْفَرَّاءُ: الْمَعْنَى مَا يُوحَى إِلَيَّ إِلَّا أَنَّنِي نَذِيرٌ مُبِينٌ أُبَيِّنُ لَكُمْ مَا تَأْتُونَ مِنَ الْفَرَائِضِ وَالسُّنَنِ وَمَا تَدَعُونَ من الحرام والمعصية. قال:

[1] النبأ: 1 و 2.
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 4  صفحه : 508
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست