responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 4  صفحه : 483
عَنْ قُدْرَةِ الْبَشَرِ، أَيْ: هَذَا الْمُدَّعِي لِلرِّسَالَةِ سَاحِرٌ فِيمَا يُظْهِرُهُ مِنَ الْمُعْجِزَاتِ كَذَّابٌ فِيمَا يَدَّعِيهِ مِنْ أَنَّ اللَّهَ أَرْسَلَهُ.
قِيلَ: وَوُضِعَ الظَّاهِرُ مَوْضِعَ الْمُضْمَرِ لِإِظْهَارِ الْغَضَبِ عَلَيْهِمْ، وَأَنَّ مَا قَالُوهُ لَا يَتَجَاسَرُ عَلَى مِثْلِهِ إِلَّا الْمُتَوَغِّلُونَ فِي الْكُفْرِ. ثُمَّ أَنْكَرُوا مَا جَاءَ به صلّى الله عليه وَسَلَّمَ مِنَ التَّوْحِيدِ وَمَا نَفَاهُ مِنَ الشُّرَكَاءِ لِلَّهِ فَقَالُوا: أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلهاً واحِداً أَيْ: صَيَّرَهَا إِلَهًا وَاحِدًا وَقَصَرَهَا عَلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجابٌ أَيْ: لَأَمْرٌ بَالِغٌ فِي الْعَجَبِ إِلَى الْغَايَةِ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: الْعَجِيبُ الْأَمْرُ الَّذِي يُتَعَجَّبُ مِنْهُ، وَكَذَلِكَ الْعُجَابُ بِالضَّمِّ وَالْعُجَّابُ بِالتَّشْدِيدِ أَكْثَرُ مِنْهُ قَرَأَ الْجُمْهُورُ «عُجَابٌ» مُخَفَّفًا. وَقَرَأَ عَلِيٌّ وَالسُّلَمِيُّ وَعِيسَى بْنُ عُمَرَ وَابْنُ مِقْسَمٍ بِتَشْدِيدِ الْجِيمِ. قَالَ مُقَاتِلٌ: عُجَابٌ يَعْنِي بِالتَّخْفِيفِ لُغَةُ أَزْدِ شَنُوءَةَ، قِيلَ: وَالْعُجَابُ بِالتَّخْفِيفِ وَالتَّشْدِيدِ يَدُلَّانِ عَلَى أَنَّهُ قَدْ تَجَاوَزَ الْحَدَّ فِي الْعَجَبِ، كَمَا يُقَالُ الطَّوِيلُ: الَّذِي فِيهِ طُولٌ، وَالطِّوَالُ الَّذِي قَدْ تَجَاوَزَ حَدَّ الطُّولِ وَكَلَامُ الْجَوْهَرِيِّ يُفِيدُ اخْتِصَاصَ الْمُبَالَغَةِ بِعُجَّابٍ مُشَدَّدِ الْجِيمِ لَا بِالْمُخَفَّفِ، وَقَدْ قَدَّمْنَا فِي صَدْرِ هَذِهِ السُّورَةِ سَبَبُ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَاتِ وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ الْمُرَادُ بِالْمَلَأِ: الْأَشْرَافُ كَمَا هُوَ مُقَرَّرٌ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنْ تَفْسِيرِ الْكِتَابِ الْعَزِيزِ أَيِ:
انْطَلَقُوا مِنْ مَجْلِسِهِمُ الَّذِي كَانُوا فِيهِ عِنْدَ أَبِي طَالِبٍ كَمَا تَقَدَّمَ قَائِلِينَ أَنِ امْشُوا أَيْ: قَائِلِينَ لِبَعْضِهِمْ بَعْضًا امْضُوا عَلَى مَا كُنْتُمْ عَلَيْهِ وَلَا تَدْخُلُوا فِي دِينِهِ وَاصْبِرُوا عَلى آلِهَتِكُمْ أَيِ: اثْبُتُوا عَلَى عِبَادَتِهَا، وَقِيلَ الْمَعْنَى:
وَانْطَلَقَ الْأَشْرَافُ مِنْهُمْ فَقَالُوا لِلْعَوَامِّ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ، وَ «أَنْ» فِي قَوْلِهِ: أَنِ امْشُوا هِيَ الْمُفَسِّرَةُ لِلْقَوْلِ الْمُقَدَّرِ، أَوْ لِقَوْلِهِ: وَانْطَلَقَ لِأَنَّهُ مُضَمَّنٌ مَعْنَى الْقَوْلِ، وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ مَصْدَرِيَّةً مَعْمُولَةً لِلْمُقَدَّرِ، أَوْ لِلْمَذْكُورِ، أَيْ: بِأَنِ امْشُوا. وَقِيلَ الْمُرَادُ بِالِانْطِلَاقِ: الِانْدِفَاعُ فِي الْقَوْلِ، وَامْشُوا مِنْ مَشَتِ الْمَرْأَةُ إِذَا كَثُرَتْ وِلَادَتُهَا، أَيِ: اجْتَمَعُوا وَأَكْثَرُوا، وَهُوَ بَعِيدٌ جِدًّا، وَخِلَافُ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ الِانْطِلَاقُ وَالْمَشْيُ بِحَقِيقَتِهِمَا، وَخِلَافُ مَا تَقَدَّمَ فِي سَبَبِ النُّزُولِ، وَجُمْلَةُ إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرادُ تَعْلِيلٌ لِمَا تَقَدَّمَهُ مِنَ الْأَمْرِ بِالصَّبْرِ، أَيْ: يُرِيدُهُ مُحَمَّدٌ بِنَا وَبِآلِهَتِنَا، وَيَوَدُّ تَمَامَهُ ليعلو علينا، ونكون له أتباعا فيتحكم بِمَا يُرِيدُ، فَيَكُونُ هَذَا الْكَلَامُ خَارِجًا مَخْرَجَ التَّحْذِيرِ مِنْهُ وَالتَّنْفِيرِ عَنْهُ. وَقِيلَ الْمَعْنَى: إِنَّ هَذَا الْأَمْرَ يُرِيدُهُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ، وَمَا أَرَادَهُ فَهُوَ كَائِنٌ لَا مَحَالَةَ، فَاصْبِرُوا عَلَى عِبَادَةِ آلِهَتِكُمْ. وَقِيلَ الْمَعْنَى: إِنَّ دِينَكُمْ لَشَيْءٌ يُرَادُ، أَيْ: يُطْلَبُ لِيُؤْخَذَ مِنْكُمْ وَتُغْلَبُوا عَلَيْهِ، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى مَا سَمِعْنا بِهذا فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ أَيْ: مَا سَمِعْنَا بِهَذَا الَّذِي يَقُولُهُ مُحَمَّدٌ مِنَ التَّوْحِيدِ فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ. وَهِيَ مِلَّةُ النَّصْرَانِيَّةِ فَإِنَّهَا آخِرُ الْمِلَلِ قَبْلَ مِلَّةِ الْإِسْلَامِ، كَذَا قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ الْقُرَظِيُّ، وَقَتَادَةُ وَمُقَاتِلٌ، وَالْكَلْبِيُّ، وَالسُّدِّيُّ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: يَعْنُونَ مِلَّةَ قُرَيْشٍ، وَرُوِيَ مِثْلُهُ عَنْ قَتَادَةَ أَيْضًا.
وَقَالَ الْحَسَنُ: الْمَعْنَى مَا سَمِعْنَا: أَنَّ هَذَا يَكُونُ آخر الزمان. وقيل المعنى: ما سمعناه مِنَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولٌ إِنْ هَذَا إِلَّا اخْتِلاقٌ أَيْ: مَا هَذَا إِلَّا كَذِبٌ اخْتَلَقَهُ مُحَمَّدٌ وَافْتَرَاهُ. ثُمَّ اسْتَنْكَرُوا أَنْ يَخُصَّ اللَّهُ رَسُولَهُ بِمَزِيَّةِ النُّبُوَّةِ دُونَهُمْ فَقَالُوا: أَأُنْزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِنْ بَيْنِنا وَالِاسْتِفْهَامُ لِلْإِنْكَارِ، أَيْ: كَيْفَ يَكُونُ ذَلِكَ وَنَحْنُ الرُّؤَسَاءُ وَالْأَشْرَافُ؟ قَالَ الزَّجَّاجُ: قَالُوا كَيْفَ أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ الْقُرْآنُ مِنْ بَيْنِنَا وَنَحْنُ أَكْبَرُ سِنًّا وَأَعْظَمُ شَرَفًا مِنْهُ؟ وَهَذَا مِثْلُ قَوْلِهِمْ: لَوْلا نُزِّلَ هذَا الْقُرْآنُ عَلى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ [1] فَأَنْكَرُوا أَنْ يَتَفَضَّلَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ بِمَا شَاءَ. وَلَمَّا ذَكَرَ اسْتِنْكَارَهُمْ لِنُزُولِ الْقُرْآنُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

[1] الزخرف: 31.
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 4  صفحه : 483
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست