responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 4  صفحه : 443
أَجْنِحَتَهَا فِي الْهَوَاءِ وَاقِفَةً فِيهِ حَتَّى يَأْمُرَهَا اللَّهُ بِمَا يُرِيدُ. وَقَالَ الْحَسَنُ: صَفًّا كَصُفُوفِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ فِي صَلَاتِهِمْ.
وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِالصَّافَّاتِ هُنَا الطَّيْرُ كَمَا فِي قَوْلِهِ: أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صافَّاتٍ [1] . وَالْأَوَّلُ أَوْلَى، وَالصَّفُّ: تَرْتِيبُ الْجَمْعِ عَلَى خَطٍّ كالصفّ في الصلاة، وقيل: الصافات جماعات النَّاسِ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا قَامُوا صَفًّا فِي الصَّلَاةِ أَوْ فِي الْجِهَادِ، ذَكَرَهُ الْقُشَيْرِيُّ. وَالْمُرَادُ بِ فَالزَّاجِراتِ الْفَاعِلَاتُ لِلزَّجْرِ مِنَ الْمَلَائِكَةِ، إِمَّا لِأَنَّهَا تَزْجُرُ السَّحَابَ كَمَا قَالَ السُّدِّيُّ، وَإِمَّا لِأَنَّهَا تَزْجُرُ عَنِ الْمَعَاصِي بِالْمَوَاعِظِ وَالنَّصَائِحِ. وَقَالَ قَتَادَةُ: الْمُرَادُ بِالزَّاجِرَاتِ: الزَّوَاجِرُ مِنَ الْقُرْآنِ، وَهِيَ كُلُّ مَا يَنْهَى، وَيَزْجُرُ عَنِ الْقَبِيحِ، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى. وَانْتِصَابُ صفّا.
وزَجْراً على المصدرية لتأكيد ما قبلها. وقيل: المراد بالزاجرات العلماء، لأنهم هم الَّذِينَ يَزْجُرُونَ أَهْلَ الْمَعَاصِي. وَالزَّجْرُ فِي الْأَصْلِ: الدَّفْعُ بِقُوَّةٍ، وَهُوَ هُنَا: قُوَّةُ التَّصْوِيتِ، وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
زَجْرَ أَبِي عُرْوَةَ السِّبَاعَ إِذَا ... أَشْفَقَ أَنْ يَخْتَلِطْنَ بِالْغَنَمِ
وَمِنْهُ زَجَرْتُ الْإِبِلَ وَالْغَنَمَ: إِذَا أَفْزَعْتَهَا بِصَوْتِكَ، وَالْمُرَادُ بِ فَالتَّالِياتِ ذِكْراً الْمَلَائِكَةُ الَّتِي تَتْلُو الْقُرْآنَ كَمَا قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَالْحَسَنُ، وَمُجَاهِدٌ، وَابْنُ جُبَيْرٍ، وَالسُّدِّيُّ. وَقِيلَ: الْمُرَادُ جِبْرِيلُ وَحْدَهُ، فَذُكِرَ بِلَفْظِ الْجَمْعِ تَعْظِيمًا لَهُ مَعَ أَنَّهُ لَا يَخْلُو مِنْ أَتْبَاعٍ لَهُ مِنَ الْمَلَائِكَةِ. وَقَالَ قَتَادَةُ: الْمُرَادُ كُلُّ مَنْ تَلَا ذِكْرَ اللَّهِ وَكُتُبَهُ. وَقِيلَ: الْمُرَادُ آيَاتُ الْقُرْآنِ، وَوَصْفُهَا بِالتِّلَاوَةِ وَإِنْ كَانَتْ مَتْلُوَّةً كَمَا فِي قَوْلِهِ: إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ [2] وقيل: لأن بعضها يتلو بعضها وَيَتْبَعُهُ. وَذَكَرَ الْمَاوَرْدِيُّ أَنَّ التَّالِيَاتِ: هُمُ الْأَنْبِيَاءُ يَتْلُونَ الذِّكْرَ عَلَى أُمَمِهِمْ، وَانْتِصَابُ ذِكْرًا عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولٌ بِهِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَصْدَرًا كَمَا قَبْلَهُ مِنْ قَوْلِهِ صَفًّا وزَجْراً. قِيلَ: وَهَذِهِ الْفَاءُ فِي قَوْلِهِ: فَالزَّاجِراتِ، فَالتَّالِياتِ إِمَّا لترتب الصفات أنفسها في الوجود أو لترتب مَوْصُوفَاتِهَا فِي الْفَضْلِ، وَفِي الْكُلِّ نَظَرٌ، وَقَوْلُهُ: إِنَّ إِلهَكُمْ لَواحِدٌ جَوَابُ الْقَسَمِ، أَيْ: أَقْسَمَ اللَّهُ بِهَذِهِ الْأَقْسَامِ إِنَّهُ وَاحِدٌ لَيْسَ لَهُ شَرِيكٌ. وَأَجَازَ الْكِسَائِيُّ فَتْحَ إِنَّ الْوَاقِعَةِ فِي جَوَابِ الْقَسَمِ رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ خَبَرًا ثَانِيًا، وَأَنْ يَكُونَ بَدَلًا مِنْ لَواحِدٌ وَأَنْ يَكُونَ خَبَرَ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ. قَالَ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ: الْوَقْفُ عَلَى لَوَاحِدٌ وَقْفٌ حَسَنٌ، ثم يبتدئ ربّ السموات والأرض على معنى هو ربّ السموات وَالْأَرْضِ. قَالَ النَّحَّاسُ: وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بَدَلًا مِنْ لَوَاحِدٌ. وَالْمَعْنَى فِي الْآيَةِ:
أَنَّ وُجُودَ هَذِهِ الْمَخْلُوقَاتِ عَلَى هَذَا الشَّكْلِ الْبَدِيعِ مِنْ أَوْضَحِ الدَّلَائِلِ عَلَى وُجُودِ الصَّانِعِ وَقُدْرَتِهِ، وَأَنَّهُ رَبُّ ذَلِكَ كُلِّهِ، أَيْ: خَالِقُهُ وَمَالِكُهُ، وَالْمُرَادُ بما بينهما: ما بين السموات وَالْأَرْضِ مِنَ الْمَخْلُوقَاتِ. وَالْمُرَادُ بِ الْمَشارِقِ مَشَارِقُ الشَّمْسِ. قِيلَ: إِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ خَلَقَ لِلشَّمْسِ كُلَّ يَوْمٍ مَشْرِقًا وَمَغْرِبًا بِعَدَدِ أَيَّامِ السَّنَةِ، تَطْلُعُ كُلَّ يَوْمٍ مِنْ وَاحِدٍ مِنْهَا وَتَغْرُبُ مِنْ وَاحِدٍ، كَذَا قَالَ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ وَابْنُ عبد البرّ. وأما قَوْلِهِ فِي سُورَةِ الرَّحْمَنِ رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ [3] فَالْمُرَادُ بِالْمَشْرِقَيْنِ: أَقْصَى مَطْلَعٍ تَطْلُعُ مِنْهُ الشَّمْسُ فِي الْأَيَّامِ الطِّوَالِ، وَأَقْصَرُ يَوْمٍ فِي الْأَيَّامِ الْقِصَارِ، وَكَذَلِكَ فِي الْمَغْرِبَيْنِ. وَأَمَّا ذِكْرُ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ بِالْإِفْرَادِ فَالْمُرَادُ بِهِ الْجِهَةُ الَّتِي تُشْرِقُ مِنْهَا الشَّمْسُ، وَالْجِهَةُ الَّتِي تَغْرُبُ مِنْهَا، وَلَعَلَّهُ قَدْ تَقَدَّمَ لَنَا فِي هَذَا كَلَامٌ أَوْسَعُ من هذا

[1] الملك: 19.
[2] النمل: 36.
[3] الرحمن: 17.
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 4  صفحه : 443
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست