responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 4  صفحه : 434
وَإِهَانَةٍ كَقَوْلِهِ: ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ»
الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلى أَفْواهِهِمْ الْيَوْمَ ظَرْفٌ لِمَا بَعْدَهُ، وَقُرِئَ يُخْتَمُ عَلَى الْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ، وَالنَّائِبُ الْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ بَعْدَهُ. قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: إِنَّهُمْ يُنْكِرُونَ الشِّرْكَ وَتَكْذِيبَ الرُّسُلِ كَمَا فِي قَوْلِهِمْ: وَاللَّهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ [2] فَيَخْتِمُ اللَّهُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ خَتْمًا لَا يَقْدِرُونَ مَعَهُ عَلَى الْكَلَامِ، وَفِي هَذَا الْتِفَاتٌ مِنَ الْخِطَابِ إِلَى الْغَيْبَةِ لِلْإِيذَانِ بِأَنَّ أَفْعَالَهُمُ الْقَبِيحَةَ مُسْتَدْعِيَةٌ لِلْإِعْرَاضِ عَنْ خِطَابِهِمْ، ثُمَّ قَالَ:
وَتُكَلِّمُنا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ أَيْ: تَكَلَّمَتْ أَيْدِيهِمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَهُ، وَشَهِدَتْ أَرْجُلُهُمْ عَلَيْهِمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ. قَرَأَ الْجُمْهُورُ تُكَلِّمُنا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ وَقَرَأَ طَلْحَةُ بْنُ مُصَرِّفٍ «وَلِتُكَلِّمَنَا» ، «وَلِتَشْهَدَ» بِلَامِ كَيْ. وَقِيلَ سَبَبُ الْخَتْمِ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ لِيَعْرِفَهُمْ أَهْلُ الْمَوْقِفِ. وَقِيلَ خُتِمَ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ لِأَجْلِ أَنْ يَكُونَ الْإِقْرَارُ مِنْ جَوَارِحِهِمْ لِأَنَّ شَهَادَةَ غَيْرِ النَّاطِقِ أَبْلَغُ فِي الْحُجَّةِ مِنْ شَهَادَةِ النَّاطِقِ لِخُرُوجِهِ مَخْرَجِ الْإِعْجَازِ. وَقِيلَ: لِيَعْلَمُوا أَنَّ أَعْضَاءَهُمُ الَّتِي كَانَتْ أَعْوَانًا لَهُمْ فِي مَعَاصِي اللَّهِ صَارَتْ شُهُودًا عَلَيْهِمْ، وَجُعِلَ مَا تَنْطِقُ بِهِ الْأَيْدِي كَلَامًا وَإِقْرَارًا لِأَنَّهَا كَانَتِ الْمُبَاشِرَةُ لِغَالِبِ الْمَعَاصِي، وَجُعِلَ نُطْقُ الْأَرْجُلِ شَهَادَةً لِأَنَّهَا حَاضِرَةٌ عِنْدَ كُلِّ مَعْصِيَةٍ، وَكَلَامُ الْفَاعِلِ إِقْرَارٌ، وَكَلَامُ الْحَاضِرِ شَهَادَةٌ، وَهَذَا اعْتِبَارٌ بِالْغَالِبِ، وَإِلَّا فَالْأَرْجُلُ قَدْ تَكُونُ مُبَاشِرَةً لِلْمَعْصِيَةِ كَمَا تَكُونُ الْأَيْدِي مُبَاشِرَةً لَهَا وَلَوْ نَشاءُ لَطَمَسْنا عَلى أَعْيُنِهِمْ أَيْ: أَذْهَبْنَا أَعْيُنَهُمْ وَجَعَلْنَاهَا بِحَيْثُ لَا يَبْدُو لَهَا شِقٌّ وَلَا جَفْنٌ. قَالَ الْكِسَائِيُّ: طَمَسَ يَطْمُسُ وَيَطْمِسُ وَالْمَطْمُوسُ وَالطَّمِيسُ عِنْدَ أَهْلِ اللُّغَةِ الَّذِي لَيْسَ فِي عَيْنَيْهِ شِقٌّ كَمَا فِي قَوْلِهِ: وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصارِهِمْ [3] وَمَفْعُولُ الْمَشِيئَةِ مَحْذُوفٌ، أَيْ: لَوْ نَشَاءُ أَنْ نَطْمِسَ عَلَى أَعْيُنِهِمْ لَطَمَسْنَا. قَالَ السُّدِّيُّ وَالْحَسَنُ: الْمَعْنَى لَتَرَكْنَاهُمْ عُمْيًا يَتَرَدَّدُونَ لَا يُبْصِرُونَ طَرِيقَ الْهُدَى، وَاخْتَارَ هَذَا ابْنُ جَرِيرٍ فَاسْتَبَقُوا الصِّراطَ مَعْطُوفٌ عَلَى لَطَمَسْنَا، أَيْ: تَبَادَرُوا إِلَى الطَّرِيقِ ليجوزوه ويمضوا فيه، والصراط مَنْصُوبٌ بِنَزْعِ الْخَافِضِ، أَيْ: فَاسْتَبَقُوا إِلَيْهِ، وَقَالَ عَطَاءٌ وَمُقَاتِلٌ وَقَتَادَةُ:
الْمَعْنَى لَوْ نَشَاءُ لَفَقَأْنَا أَعْيُنَهُمْ وَأَعْمَيْنَاهُمْ عَنْ غَيِّهِمْ، وَحَوَّلْنَا أَبْصَارَهُمْ مِنَ الضَّلَالَةِ إِلَى الْهُدَى، فَأَبْصَرُوا رُشْدَهُمْ، وَاهْتَدَوْا وَتَبَادَرُوا إِلَى طَرِيقِ الْآخِرَةِ، وَمَعْنَى فَأَنَّى يُبْصِرُونَ أَيْ: كَيْفَ يُبْصِرُونَ الطَّرِيقَ وَيُحْسِنُونَ سُلُوكَهُ وَلَا أَبْصَارَ لَهُمْ. وَقَرَأَ عِيسَى بْنُ عُمَرَ فَاسْتَبَقُوا عَلَى صِيغَةِ الْأَمْرِ، أَيْ: فَيُقَالُ لَهُمُ اسْتَبِقُوا، وَفِي هَذَا تَهْدِيدٌ لَهُمْ. ثُمَّ كَرَّرَ التَّهْدِيدَ لَهُمْ فَقَالَ: وَلَوْ نَشاءُ لَمَسَخْناهُمْ عَلى مَكانَتِهِمْ الْمَسْخُ تَبْدِيلُ الْخِلْقَةِ إِلَى حَجَرٍ أَوْ غَيْرِهِ مِنَ الْجَمَادِ أَوْ بَهِيمَةٍ، وَالْمَكَانَةُ الْمَكَانُ، أَيْ: لَوْ شِئْنَا لَبَدَّلْنَا خَلْقَهُمْ عَلَى الْمَكَانِ الَّذِي هُمْ فيه.
قيل: والمكانة أخص من المكانة كَالْمُقَامَةِ وَالْمُقَامِ. قَالَ الْحَسَنُ: أَيْ لَأَقْعَدْنَاهُمْ فَمَا اسْتَطاعُوا مُضِيًّا وَلا يَرْجِعُونَ أَيْ: لَا يَقْدِرُونَ عَلَى ذَهَابٍ وَلَا مَجِيءٍ. قَالَ الْحَسَنُ: فَلَا يَسْتَطِيعُونَ أَنْ يَمْضُوا أَمَامَهُمْ وَلَا يَرْجِعُوا وَرَاءَهُمْ، وَكَذَلِكَ الْجَمَادُ لَا يَتَقَدَّمُ وَلَا يَتَأَخَّرُ. وَقِيلَ الْمَعْنَى: لَوْ نَشَاءُ لَأَهْلَكْنَاهُمْ فِي مَسَاكِنِهِمْ، وَقِيلَ:
لَمَسَخْنَاهُمْ فِي الْمَكَانِ الَّذِي فَعَلُوا فِيهِ الْمَعْصِيَةَ. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ سَلَامٍ: هَذَا كُلُّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. قَرَأَ الْجُمْهُورُ عَلى مَكانَتِهِمْ بِالْإِفْرَادِ. وَقَرَأَ الْحَسَنُ وَالسُّلَمِيُّ وَزِرُّ بْنُ حُبَيْشٍ وَأَبُو بَكْرٍ عَنْ عَاصِمٍ «مَكَانَاتِهِمْ» بِالْجَمْعِ.
وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ مُضِيًّا بِضَمِّ الْمِيمِ، وَقَرَأَ أَبُو حَيْوَةَ مُضِيًّا بِفَتْحِهَا، وروي عنه أنه قرأ بكسرها ورويت

(1) . الدخان: 49.
[2] الأنعام: 23.
[3] البقرة: 20.
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 4  صفحه : 434
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست