responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 4  صفحه : 406
ثُمَّ لَمَّا فَرَغَ سُبْحَانَهُ مِنْ ذِكْرِ جَزَاءِ عباده الصالحين، ذكر جزاء عباده الكافرين فَقَالَ: وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نارُ جَهَنَّمَ لَا يُقْضى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا أَيْ: لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ بِالْمَوْتِ فَيَمُوتُوا وَيَسْتَرِيحُوا مِنَ الْعَذَابِ وَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذابِها بَلْ كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَيْرَها لِيَذُوقُوا الْعَذابَ وَهَذِهِ الْآيَةُ هِيَ مِثْلُ قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: لَا يَمُوتُ فِيها وَلا يَحْيى [1] قَرَأَ الْجُمْهُورُ «فَيَمُوتُوا» بِالنَّصْبِ جَوَابًا لِلنَّفْيِ، وَقَرَأَ عِيسَى بْنُ عُمَرَ وَالْحَسَنُ بِإِثْبَاتِ النُّونِ. قَالَ الْمَازِنِيُّ: عَلَى الْعَطْفِ عَلَى يُقْضَى. وَقَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: هِيَ قِرَاءَةٌ ضَعِيفَةٌ وَلَا وَجْهَ لِهَذَا التَّضْعِيفِ بَلْ هِيَ كَقَوْلِهِ: وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ [2] كَذلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ أَيْ: مِثْلُ ذَلِكَ الْجَزَاءِ الْفَظِيعِ نَجْزِي كُلَّ مَنْ هُوَ مُبَالِغٌ في الكفر، وقرأ أبو عمرو «نجزي» عَلَى الْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيها مِنَ الصُّرَاخِ: وَهُوَ الصِّيَاحُ، أَيْ: وَهُمْ يَسْتَغِيثُونَ فِي النَّارِ رَافِعِينَ أَصْوَاتَهُمْ، وَالصَّارِخُ: الْمُسْتَغِيثُ، وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
كُنَّا إِذَا مَا أَتَانَا صارخ فزغ ... كان الصّراخ له قرع الظّنابيبا «3»
رَبَّنا أَخْرِجْنا نَعْمَلْ صالِحاً غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أي وهم يَصْطَرِخُونَ يَقُولُونَ: رَبَّنَا ... إِلَخْ. قَالَ مُقَاتِلٌ:
هُوَ أَنَّهُمْ يُنَادُونَ: رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الذي نَعْمَلُ: مِنَ الشِّرْكِ وَالْمَعَاصِي، فَنَجْعَلُ الْإِيمَانَ مِنَّا بَدَلَ مَا كُنَّا عَلَيْهِ مِنَ الْكُفْرِ، وَالطَّاعَةَ بَدَلَ الْمَعْصِيَةِ، وَانْتِصَابُ صَالِحًا عَلَى أَنَّهُ صِفَةٌ لِمَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ، أَيْ: عَمَلًا صَالِحًا، أَوْ صِفَةٌ لِمَوْصُوفٍ مَحْذُوفٍ، أَيْ: نَعْمَلُ شَيْئًا صَالِحًا. قِيلَ وَزِيَادَةُ قَوْلِهِ: غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ لِلتَّحَسُّرِ عَلَى مَا عَمِلُوهُ مِنْ غَيْرِ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ مَعَ الِاعْتِرَافِ مِنْهُمْ بِأَنَّ أَعْمَالَهُمْ فِي الدُّنْيَا كَانَتْ غَيْرَ صَالِحَةٍ، فَأَجَابَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ عَلَيْهِمْ بِقَوْلِهِ: أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَالِاسْتِفْهَامُ: لِلتَّقْرِيعِ وَالتَّوْبِيخِ، وَالْوَاوُ لِلْعَطْفِ عَلَى مُقَدَّرٍ كَمَا فِي نَظَائِرِهِ، وَمَا: نَكِرَةٌ مَوْصُوفَةٌ، أي: أو لم نُعَمِّرْكُمْ عُمُرًا يَتَمَكَّنُ مِنَ التَّذَكُّرِ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ. فَقِيلَ: هُوَ سِتُّونَ سَنَةً، وَقِيلَ: أَرْبَعُونَ، وَقِيلَ: ثَمَانِيَ عَشْرَةَ سَنَةً. قَالَ بِالْأَوَّلِ: جَمَاعَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ، وَبِالثَّانِي: الْحَسَنُ وَمَسْرُوقٌ وَغَيْرُهُمَا، وَبِالثَّالِثِ: عَطَاءٌ وَقَتَادَةُ. وَقَرَأَ الْأَعْمَشُ «مَا يَذَّكَّرُ» بِالْإِدْغَامِ وَجاءَكُمُ النَّذِيرُ قَالَ الْوَاحِدِيُّ: قَالَ جُمْهُورُ الْمُفَسِّرِينَ: هو النبيّ صلّى الله عليه وسلم. وقال عكرمة وسفيان ابن عُيَيْنَةَ وَوَكِيعٌ وَالْحَسَنُ بْنُ الْفَضْلِ وَالْفَرَّاءُ وَابْنُ جَرِيرٍ: هُوَ الشَّيْبُ، وَيَكُونُ مَعْنَاهُ عَلَى هَذَا القول: أو لم نُعَمِّرْكُمْ حَتَّى شِبْتُمْ، وَقِيلَ: هُوَ الْقُرْآنُ، وَقِيلَ: الْحُمَّى. قَالَ الْأَزْهَرِيُّ: مَعْنَاهُ: أَنَّ الْحُمَّى رَسُولُ الْمَوْتِ، أَيْ: كَأَنَّهَا تُشْعِرُ بِقُدُومِهِ وَتُنْذِرُ بِمَجِيئِهِ، وَالشَّيْبُ: نَذِيرٌ أَيْضًا، لِأَنَّهُ يَأْتِي فِي سِنِّ الِاكْتِهَالِ، وَهُوَ عَلَامَةٌ لِمُفَارَقَةِ سِنِّ الصِّبَا الَّذِي هُوَ سِنُّ اللَّهْوِ وَاللَّعِبِ، وَقِيلَ: هُوَ مَوْتُ الْأَهْلِ وَالْأَقَارِبِ، وَقِيلَ: هُوَ كَمَالُ الْعَقْلِ، وَقِيلَ:

[1] الأعلى: 13.
[2] المرسلات: 36.
(3) . البيت لسلامة بن جندل، والظّنابيب: جمع الظنبوب، وهو مسمار يكون في جبّة السّنان، وقرع ظنابيب الأمر: ذلّله. [.....]
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 4  صفحه : 406
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست