responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 4  صفحه : 359
لِذُنُوبِهِمْ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ وَهُوَ الْجَنَّةُ بِسَبَبِ إِيمَانِهِمْ، وَعَمَلِهِمُ الصَّالِحِ مَعَ التَّفَضُّلِ عَلَيْهِمْ مِنَ اللَّهِ سُبْحَانَهُ.
ثُمَّ ذَكَرَ فَرِيقَ الْكَافِرِينَ الَّذِينَ يُعَاقَبُونَ عِنْدَ إِتْيَانِ السَّاعَةِ فَقَالَ: وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آياتِنا مُعاجِزِينَ أَيْ سَعَوْا فِي إِبْطَالِ آيَاتِنَا الْمُنَزَّلَةِ عَلَى الرُّسُلِ، وَقَدَحُوا فِيهَا وَصَدُّوا النَّاسَ عَنْهَا، وَمَعْنَى «مُعَاجِزِينَ» مُسَابِقِينَ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يَفُوتُونَنَا وَلَا يُدْرَكُونَ، وَذَلِكَ بِاعْتِقَادِهِمْ أَنَّهُمْ لَا يُبْعَثُونَ، يقال عاجزه أو عجزه: إِذَا غَالَبَهُ وَسَبَقَهُ. قَرَأَ الْجُمْهُورُ مُعاجِزِينَ وَقَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ وَابْنُ مُحَيْصِنٍ وَحُمَيْدٌ وَمُجَاهِدٌ وَأَبُو عَمْرٍو «مُعَجِّزِينَ» أَيْ: مُثَبِّطِينَ لِلنَّاسِ عَنِ الْإِيمَانِ بِالْآيَاتِ أُولئِكَ أَيِ: الَّذِينَ سَعَوْا لَهُمْ عَذابٌ مِنْ رِجْزٍ الرجز: هو العذاب، فمن لِلْبَيَانِ، وَقِيلَ: الرِّجْزُ هُوَ أَسْوَأُ الْعَذَابِ وَأَشَدُّهُ، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى، وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ: فَأَنْزَلْنا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزاً مِنَ السَّماءِ قَرَأَ الْجُمْهُورُ «أَلِيمٍ» بِالْجَرِّ صِفَةً لِرِجْزٍ، وَقَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ، وَحَفْصٌ عَنْ عَاصِمٍ بِالرَّفْعِ صِفَةً لعذاب، وَالْأَلِيمُ: الشَّدِيدُ الْأَلَمِ وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَّ لَمَّا ذَكَرَ الَّذِينَ سَعَوْا فِي إِبْطَالِ آيَاتِ الله ذكر الذين يؤمنون بها، ومعنى وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَيْ: يَعْلَمُونَ وَهُمُ الصَّحَابَةُ. وَقَالَ مُقَاتِلٌ: هُمْ مُؤْمِنُو أَهْلِ الْكِتَابِ، وَقِيلَ: جَمِيعُ الْمُسْلِمِينَ، وَالْمَوْصُولُ: هُوَ الْمَفْعُولُ الْأَوَّلُ ليرى، وَالْمَفْعُولُ الثَّانِي: الْحَقَّ، وَالضَّمِيرُ: هُوَ ضَمِيرُ الْفَصْلِ. وَبِالنَّصْبِ قَرَأَ الْجُمْهُورُ وَقَرَأَ ابْنُ أَبِي عَبْلَةَ بِالرَّفْعِ عَلَى أَنَّهُ خَبَرُ الضَّمِيرِ، وَالْجُمْلَةُ: فِي مَحَلِّ نَصْبٍ عَلَى أَنَّهَا الْمَفْعُولُ الثَّانِي، وَهِيَ لغة تميم، إنهم يرفعون ما بعد ضمير الفصل، وَالْجُمْلَةُ: فِي مَحَلِّ نَصْبٍ عَلَى أَنَّهَا الْمَفْعُولُ الثَّانِي، وهي لغة تميم، فإنهم يرفعون مَا بَعْدَ ضَمِيرِ الْفَصْلِ، وَزَعَمَ الْفَرَّاءُ أَنَّ الِاخْتِيَارَ الرَّفْعُ، وَخَالَفَهُ غَيْرُهُ وَقَالُوا النَّصْبُ أَكْثَرُ. قِيلَ وَقَوْلُهُ: يَرَى مَعْطُوفٌ عَلَى لِيَجْزِيَ، وَبِهِ قال الزجاج والفراء، واعترض عليهما بِأَنَّ قَوْلَهُ: «لِيَجْزِيَ» مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ: «لَتَأْتِيَنَّكُمْ» وَلَا يُقَالُ لَتَأْتِيَنَّكُمُ السَّاعَةُ لِيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّ الْقُرْآنَ حَقٌّ، وَالْأَوْلَى أَنَّهُ كَلَامٌ مُسْتَأْنَفٌ لِدَفْعِ مَا يَقُولُهُ الَّذِينَ سَعَوْا فِي الْآيَاتِ، أي: إن ذلك السعي مِنْهُمْ يَدُلُّ عَلَى جَهْلِهِمْ لِأَنَّهُمْ مُخَالِفُونَ لِمَا يَعْلَمُهُ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي شَأْنِ الْقُرْآنِ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ مَعْطُوفٌ عَلَى الْحَقَّ عَطْفَ فِعْلٍ عَلَى اسْمٍ، لِأَنَّهُ فِي تَأْوِيلِهِ كَمَا فِي قَوْلِهِ:
صافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ أَيْ: وَقَابِضَاتٍ كَأَنَّهُ قِيلَ: وَهَادِيًا، وَقِيلَ إِنَّهُ مُسْتَأْنَفٌ وَفَاعِلُهُ ضَمِيرٌ يَرْجِعُ إِلَى فَاعِلِ أُنْزِلَ، وَهُوَ الْقُرْآنُ، وَالصِّرَاطُ: الطَّرِيقُ، أَيْ: وَيَهْدِي إِلَى طَرِيقِ الْعَزِيزِ فِي مُلْكِهِ الْحَمِيدِ عِنْدَ خَلْقِهِ، وَالْمُرَادُ: أَنَّهُ يَهْدِي إِلَى دِينِ اللَّهِ وَهُوَ التَّوْحِيدُ. ثُمَّ ذَكَرَ سُبْحَانَهُ نَوْعًا آخَرَ مِنْ كَلَامِ مُنْكِرِي الْبَعْثِ فَقَالَ:
وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَيْ: قَالَ بَعْضٌ لِبَعْضٍ هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلى رَجُلٍ، يعنون محمّد صلّى الله عليه وَسَلَّمَ أَيْ: هَلْ نُرْشِدُكُمْ إِلَى رَجُلٍ يُنَبِّئُكُمْ أَيْ: يُخْبِرُكُمْ بِأَمْرٍ عَجِيبٍ، وَنَبَّأٍ غَرِيبٍ هُوَ أَنَّكُمْ إِذا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ أَيْ: فُرِّقْتُمْ كُلَّ تَفْرِيقٍ وَقُطِّعْتُمْ كُلَّ تَقْطِيعٍ وَصِرْتُمْ بَعْدَ مَوْتِكُمْ رُفَاتًا وَتُرَابًا إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ أَيْ:
تُخْلَقُونَ خَلْقًا جَدِيدًا، وَتُبْعَثُونَ مِنْ قُبُورِكُمْ أَحْيَاءً، وَتَعُودُونَ إِلَى الصُّوَرِ الَّتِي كُنْتُمْ عَلَيْهَا، قَالَ هَذَا الْقَوْلَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ اسْتِهْزَاءً بِمَا وَعَدَهُمُ اللَّهُ عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ مِنَ الْبَعْثِ، وَأَخْرَجُوا الْكَلَامَ مَخْرَجَ التَّلَهِّي بِهِ وَالتَّضَاحُكِ مِمَّا يَقُولُهُ مِنْ ذَلِكَ، «وَإِذَا» فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ بِقَوْلِهِ: مُزِّقْتُمْ. قَالَ النَّحَّاسُ: وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْعَامِلُ فِيهَا يَنَبِّئُكُمْ لِأَنَّهُ لَيْسَ يُخْبِرُهُمْ ذَلِكَ الْوَقْتَ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْعَامِلُ فِيهَا مَا بَعْدَ إِنَّ لِأَنَّهُ لَا يَعْمَلُ فيما قبلها.

نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 4  صفحه : 359
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست