responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 4  صفحه : 352
هَذِهِ السُّورَةِ وَقالُوا رَبَّنا إِنَّا أَطَعْنا سادَتَنا وَكُبَراءَنا هَذِهِ الْجُمْلَةُ مَعْطُوفَةٌ عَلَى الْجُمْلَةِ الْأُولَى، وَالْمُرَادُ بِالسَّادَةِ وَالْكُبَرَاءِ: هُمُ الرُّؤَسَاءُ، وَالْقَادَةُ الَّذِينَ كَانُوا يَمْتَثِلُونَ أَمْرَهُمْ فِي الدُّنْيَا وَيَقْتَدُونَ بِهِمْ، وَفِي هَذَا زَجْرٌ عَنِ التَّقْلِيدِ شَدِيدٌ. وَكَمْ فِي الْكِتَابِ الْعَزِيزِ مِنَ التَّنْبِيهِ عَلَى هَذَا، وَالتَّحْذِيرِ مِنْهُ، وَالتَّنْفِيرِ عَنْهُ، وَلَكِنْ لِمَنْ يَفْهَمُ مَعْنَى كَلَامِ اللَّهِ، وَيَقْتَدِي بِهِ، وَيُنْصِفُ مِنْ نَفْسِهِ، لَا لِمَنْ هُوَ مِنْ جِنْسِ الْأَنْعَامِ، في سوء الفهم، ومزيدة الْبَلَادَةِ، وَشِدَّةِ التَّعَصُّبِ. وَقَرَأَ الْحَسَنُ وَابْنُ عَامِرٍ «سَادَاتِنَا» بِكَسْرِ التَّاءِ جَمْعُ سَادَةٍ، فَهُوَ جَمْعُ الْجَمْعِ. وَقَالَ مُقَاتِلٌ: هُمُ الْمُطْعِمُونَ فِي غَزْوَةِ بَدْرٍ، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى، وَلَا وَجْهَ لِلتَّخْصِيصِ بِطَائِفَةٍ مُعَيَّنَةٍ فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا أَيْ عَنِ السَّبِيلِ بِمَا زَيَّنُوا لَنَا مِنَ الْكُفْرِ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَالسَّبِيلُ هُوَ التَّوْحِيدُ، ثُمَّ دَعَوْا عَلَيْهِمْ فِي ذَلِكَ الْمَوْقِفِ فَقَالُوا:
رَبَّنا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذابِ أَيْ: مِثْلَ عَذَابِنَا مَرَّتَيْنِ. وَقَالَ قَتَادَةُ: عَذَابُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَقِيلَ:
عَذَابُ الْكُفْرِ، وَعَذَابُ الْإِضْلَالِ وَالْعَنْهُمْ لَعْناً كَبِيراً قَرَأَ الْجُمْهُورُ «كَثِيرًا» بِالْمُثَلَّثَةِ، أَيْ: لَعْنًا كَثِيرَ الْعَدَدِ، عَظِيمَ الْقَدْرِ، شَدِيدَ الْمَوْقِعِ، وَاخْتَارَ هَذِهِ الْقِرَاءَةَ أَبُو حَاتِمٍ، وَأَبُو عُبَيْدٍ، وَالنَّحَّاسُ، وَقَرَأَ ابْنُ مَسْعُودٍ وَأَصْحَابُهُ، وَيَحْيَى بْنُ وَثَّابٍ وَعَاصِمٌ بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ، أَيْ: كَبِيرًا فِي نَفْسِهِ شَدِيدًا عَلَيْهِمْ ثَقِيلَ الْمَوْقِعِ.
وَقَدْ أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَغَيْرُهُمَا عَنْ عَائِشَةَ قَالَ: خَرَجَتْ سَوْدَةُ بَعْدَ مَا ضُرِبَ الْحِجَابُ لِحَاجَتِهَا، وَكَانَتِ امْرَأَةً جَسِيمَةً لَا تَخْفَى عَلَى مَنْ يَعْرِفُهَا، فَرَآهَا عُمَرُ فَقَالَ: يَا سَوْدَةُ أَمَا وَاللَّهِ مَا تَخْفَيْنَ عَلَيْنَا فَانْظُرِي كَيْفَ تَخْرُجِينَ، قالت: فَانْكَفَأَتْ رَاجِعَةً، وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَيْتِي وَإِنَّهُ لَيَتَعَشَّى وَفِي يَدِهِ عَرْقٌ، فَدَخَلَتْ وَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي خَرَجْتُ لِبَعْضِ حَاجَتِي فَقَالَ لِي عُمَرُ كَذَا وَكَذَا، فَأُوحِيَ إِلَيْهِ ثُمَّ رُفِعَ عَنْهُ، وَإِنَّ الْعَرْقَ فِي يَدِهِ مَا وَضَعَهُ فَقَالَ: إِنَّهُ قَدْ أُذِنَ لَكُنَّ أَنْ تَخْرُجْنَ لِحَاجَتِكُنَّ، وَأَخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، وَابْنُ سَعْدٍ، وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ أَبِي مَالِكٍ قَالَ: كَانَ نِسَاءُ النَّبِيِّ صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ يَخْرُجْنَ بِاللَّيْلِ لِحَاجَتِهِنَّ، وَكَانَ نَاسٌ مِنَ الْمُنَافِقِينَ يَتَعَرَّضُونَ لَهُنَّ فَيُؤْذَيْنَ، فَقِيلَ ذَلِكَ لِلْمُنَافِقِينَ، فقالوا: إنما نفعله بالإماء، فنزلت هذه يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ الْآيَةَ، وَأَخْرَجَ ابْنُ سَعْدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ قَالَ: كَانَ رجل من المنافقين يتعرّض لنساء المؤمنين يؤذيهن، فَإِذَا قِيلَ لَهُ: قَالَ كُنْتُ أَحْسَبُهَا أَمَةً، فَأَمَرَهُنَّ اللَّهُ أَنْ يُخَالِفْنَ زِيَّ الْإِمَاءِ وَيُدْنِينَ عليهم مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ تُخَمِّرُ وَجْهَهَا إِلَّا إِحْدَى عَيْنَيْهَا ذلِكَ أَدْنى أَنْ يُعْرَفْنَ يَقُولُ: ذَلِكَ أَحْرَى أَنْ يُعْرَفْنَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي هَذِهِ الْآيَةِ قَالَ: أمر الله نساء المؤمنين إِذَا خَرَجْنَ مِنْ بُيُوتِهِنَّ فِي حَاجَةٍ أَنْ يغطين وجوههن من فوق رؤوسهن بِالْجَلَابِيبِ وَيُبْدِينَ عَيْنًا وَاحِدَةً.
وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ:
لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ خَرَجَ نِسَاءُ الْأَنْصَارِ كَأَنَّ رؤوسهن الْغِرْبَانُ مِنَ السَّكِينَةِ، وَعَلَيْهِنَّ أَكْسِيَةٌ سُودٌ يَلْبَسْنَهَا، هَكَذَا فِي الزَّوَائِدِ بِلَفْظِ مِنَ السَّكِينَةِ، وَلَيْسَ لَهَا مَعْنًى، فَإِنَّ الْمُرَادَ تَشْبِيهُ الْأَكْسِيَةِ السُّودِ: بِالْغِرْبَانِ، لَا أَنَّ الْمُرَادَ وَصْفُهُنَّ بِالسِّكِينَةِ كَمَا يقال: كأن على رؤوسهم الطَّيْرَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: رحم الله نساء الأنصار لما نزلت يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ الْآيَةَ شَقَقْنَ مُرُوطَهُنَّ، فَاعْتَجَرْنَ بِهَا وَصَلَّيْنَ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كأنما على رؤوسهن الْغِرْبَانَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنِ ابْنِ عباس

نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 4  صفحه : 352
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست