responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 4  صفحه : 328
وَدَّعَنَا قَبْلَ أَنْ نُوَدِّعَهُ ... لَمَّا قَضَى مِنْ شَبَابِنَا وَطَرَا
قَرَأَ الْجُمْهُورُ زَوَّجْناكَها وَقَرَأَ عَلِيٌّ، وَابْنَاهُ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ: زَوَّجْتُكَهَا، فَلَمَّا أَعْلَمَهُ اللَّهُ بِذَلِكَ دَخَلَ عَلَيْهَا بِغَيْرِ إِذْنٍ، وَلَا عَقْدٍ، وَلَا تَقْدِيرِ صَدَاقٍ، وَلَا شَيْءٍ مِمَّا هُوَ مُعْتَبَرٌ فِي النِّكَاحِ فِي حَقِّ أُمَّتِهِ. وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِهِ: الْأَمْرُ لَهُ بِأَنْ يَتَزَوَّجَهَا. وَالْأَوَّلُ أَوْلَى، وَبِهِ جَاءَتِ الْأَخْبَارُ الصَّحِيحَةُ، ثُمَّ عَلَّلَ سُبْحَانَهُ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ:
لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ أَيْ: ضِيقٌ وَمَشَقَّةٌ فِي أَزْواجِ أَدْعِيائِهِمْ أَيْ: فِي التَّزَوُّجِ بِأَزْوَاجِ مَنْ يَجْعَلُونَهُ ابْنًا، كَمَا كَانَتْ تَفْعَلُهُ الْعَرَبُ، فَإِنَّهُمْ كَانُوا يَتَبَنَّوْنَ مَنْ يُرِيدُونَ، وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ قَدْ تَبَنَّى زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ، فَكَانَ يُقَالُ زَيْدُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَتَّى نَزَلَ قَوْلُهُ سبحانه: ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ وكانت العرب تعتقد أنه يحرم عليه نساء من تبنوه، كما تحرم عليه نِسَاءُ أَبْنَائِهِمْ حَقِيقَةً. وَالْأَدْعِيَاءُ: جَمْعُ دَعِيٍّ، وَهُوَ الَّذِي يَدَّعِي ابْنًا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ ابْنًا عَلَى الْحَقِيقَةِ، فَأَخْبَرَهُمُ اللَّهُ أَنَّ نِسَاءَ الْأَدْعِيَاءِ حَلَالٌ لَهُمْ إِذا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً بِخِلَافِ ابْنِ الصُّلْبِ، فَإِنَّ امْرَأَتَهُ تَحْرُمُ عَلَى أَبِيهِ بِنَفْسِ الْعَقْدِ عَلَيْهَا وَكانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا أَيْ: كَانَ قَضَاءُ اللَّهِ فِي زَيْنَبَ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَاءً مَاضِيًا مَفْعُولًا لَا مَحَالَةَ. ثُمَّ بَيَّنَ سُبْحَانَهُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَرَجٌ فِي هَذَا النِّكَاحِ، فَقَالَ: مَا كانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيما فَرَضَ اللَّهُ لَهُ أَيْ: فِيمَا أَحَلَّ اللَّهُ لَهُ وَقَدَّرَهُ وَقَضَاهُ، يُقَالُ فَرَضَ لَهُ كَذَا، أَيْ قَدَّرَ لَهُ سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ أَيْ: إِنَّ هَذَا هُوَ السَّنَنُ الْأَقْدَمُ فِي الْأَنْبِيَاءِ، وَالْأُمَمِ الْمَاضِيَةِ أَنْ يَنَالُوا مَا أَحَلَّهُ اللَّهُ لَهُمْ مِنْ أَمْرِ النِّكَاحِ وَغَيْرِهِ وَكانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَراً مَقْدُوراً أَيْ: قَضَاءً مَقْضِيًّا. قَالَ مُقَاتِلٌ: أَخْبَرَ اللَّهُ أَنَّ أَمْرَ زَيْنَبَ كَانَ مِنْ حُكْمِ اللَّهِ وَقَدَرِهِ، وَانْتِصَابُ سُنَّةَ عَلَى الْمَصْدَرِ، أَيْ: سَنَّ اللَّهُ سُنَّةَ اللَّهِ، أَوِ اسْمٌ وُضِعَ مَوْضِعَ الْمَصْدَرِ، أَوْ مَنْصُوبٌ بِجَعَلَ، أَوْ بِالْإِغْرَاءِ.
وَرَدَّهُ أَبُو حَيَّانَ بِأَنَّ عَامِلَ الْإِغْرَاءِ لَا يُحْذَفُ. ثُمَّ ذَكَرَ سُبْحَانَهُ الْأَنْبِيَاءَ الْمَاضِينَ، وَأَثْنَى عَلَيْهِمْ فَقَالَ: الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسالاتِ اللَّهِ وَالْمَوْصُولُ فِي مَحَلِّ جر صفة ل «لِلَّذِينَ خَلَوْا» أَوْ مَنْصُوبٌ عَلَى الْمَدْحِ، مَدَحَهُمْ سُبْحَانَهُ بِتَبْلِيغِ مَا أَرْسَلَهُمْ بِهِ إِلَى عِبَادِهِ وَخَشْيَتِهِ فِي كُلِّ فِعْلٍ وَقَوْلٍ، وَلَا يَخْشَوْنَ سِوَاهُ، وَلَا يُبَالُونَ بِقَوْلِ النَّاسِ، وَلَا بِتَعْبِيرِهِمْ، بَلْ خَشْيَتُهُمْ مَقْصُورَةٌ عَلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ: وَكَفى بِاللَّهِ حَسِيباً حَاضِرًا فِي كُلِّ مَكَانٍ يَكْفِي عِبَادَهُ كُلَّ مَا يَخَافُونَهُ، أَوْ مُحَاسِبًا لَهُمْ فِي كُلِّ شَيْءٍ. وَلَمَّا تَزَوَّجَ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ زَيْنَبَ قَالَ النَّاسُ: تَزَوَّجَ امْرَأَةَ ابْنِهِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: مَا كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ أَيْ: لَيْسَ بِأَبٍ لِزَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ عَلَى الْحَقِيقَةِ حَتَّى تَحْرُمَ عَلَيْهِ زَوْجَتُهُ، وَلَا هُوَ أَبٌ لِأَحَدٍ لَمْ يَلِدْهُ. قَالَ الْوَاحِدِيُّ: قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: لَمْ يَكُنْ أَبَا أَحَدٍ لَمْ يَلِدْهُ، وَقَدْ وُلِدَ لَهُ مِنَ الذُّكُورِ إِبْرَاهِيمُ وَالْقَاسِمُ وَالطَّيِّبُ وَالْمُطَهَّرُ. قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: وَلَكِنْ لَمْ يَعِشْ لَهُ ابْنٌ حَتَّى يَصِيرَ رَجُلًا. قَالَ: وَأَمَّا الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ فَكَانَا طِفْلَيْنِ وَلَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ مُعَاصِرَيْنِ لَهُ وَلكِنْ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ الْأَخْفَشُ وَالْفَرَّاءُ: وَلَكِنْ كَانَ رَسُولَ اللَّهِ، وَأَجَازَا الرَّفْعَ. وَكَذَا قَرَأَ ابْنُ أَبِي عَبْلَةَ بِالرَّفْعِ فِي رَسُولَ، وَفِي خَاتَمَ عَلَى مَعْنَى: وَلَكِنْ هُوَ رَسُولُ اللَّهِ، وَخَاتَمُ النَّبِيِّينَ، وَقَرَأَ الجمهور: بتخفيف لكن، ونصب رسول، وخاتم، وَوَجْهُ النَّصْبِ: عَلَى خَبَرِيَّةِ كَانَ الْمُقَدَّرَةِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بِالْعَطْفِ عَلَى أَبَا أَحَدٍ. وَقَرَأَ أَبُو عَمْرٍو فِي رِوَايَةٍ عَنْهُ بِتَشْدِيدِ لَكِنْ، وَنَصْبِ رَسُولَ عَلَى أَنَّهُ اسْمُهَا، وَخَبَرُهَا مَحْذُوفٌ، أَيْ: وَلَكِنَّ رَسُولَ اللَّهِ هُوَ: وقرأ

نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 4  صفحه : 328
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست