responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 4  صفحه : 320
لَا يَخْرُجْنَ، وَهَذَا يُخَالِفُ مَا ذَكَرْنَاهُ هُنَا عَنْهُ عَنِ الْكِسَائِيِّ وَهُوَ مِنْ أَجَلِّ مَشَايِخِهِ. وَقَدْ وَافَقَهُ عَلَى الْإِنْكَارِ لِهَذِهِ الْقِرَاءَةِ أَبُو حَاتِمٍ فَقَالَ: إِنَّ قَرْنَ بِفَتْحِ الْقَافِ لَا مَذْهَبَ لَهُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ. قَالَ النَّحَّاسُ: قَدْ خُولِفَ أَبُو حَاتِمٍ فِي قَوْلِهِ إِنَّهُ لَا مَذْهَبَ لَهُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ بَلْ فيه مذهبان: أحدهما حكاه الكسائي، والآخر عَلِيِّ بْنِ سُلَيْمَانَ، فَأَمَّا الْمَذْهَبُ الَّذِي حَكَاهُ الْكِسَائِيُّ فَهُوَ مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي عُبَيْدٍ عَنْهُ، وَأَمَّا الْمَذْهَبُ الَّذِي حَكَاهُ عَلِيُّ بن سليمان، فقال: إنه من قررن بِهِ عَيْنًا أَقَرُّ. وَالْمَعْنَى: وَاقْرَرْنَ بِهِ عَيْنًا فِي بُيُوتِكُنَّ. قَالَ النَّحَّاسُ: وَهُوَ وَجْهٌ حَسَنٌ.
وَأَقُولُ: لَيْسَ بِحَسَنٍ وَلَا هُوَ مَعْنَى الْآيَةِ، فَإِنَّ الْمُرَادَ بِهَا أَمْرُهُنَّ بِالسُّكُونِ وَالِاسْتِقْرَارِ فِي بُيُوتِهِنَّ، وَلَيْسَ مِنْ قُرَّةِ الْعَيْنِ. وَقَرَأَ ابْنُ أَبِي عَبْلَةَ «وَاقْرِرْنَ» بِأَلِفِ وَصْلٍ وَرَاءَيْنَ، الْأُولَى مَكْسُورَةٌ عَلَى الْأَصْلِ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجاهِلِيَّةِ الْأُولى التَّبَرُّجُ: أَنْ تُبْدِيَ الْمَرْأَةُ مِنْ زِينَتِهَا وَمَحَاسِنِهَا مَا يَجِبُ عَلَيْهَا سَتْرُهُ، مِمَّا تَسْتَدْعِي بِهِ شَهْوَةَ الرَّجُلِ. وَقَدْ تَقَدَّمَ مَعْنَى التَّبَرُّجِ فِي سُورَةِ النُّورِ. قَالَ الْمُبَرِّدُ: هُوَ مَأْخُوذٌ مِنَ السَّعَةِ، يُقَالُ فِي أَسْنَانِهِ بَرَجٌ:
إِذَا كَانَتْ مُتَفَرِّقَةً. وَقِيلَ: التَّبَرُّجُ هُوَ التَّبَخْتُرُ فِي الْمَشْيِ، وَهَذَا ضَعِيفٌ جِدًّا.
وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي الْمُرَادِ: بِالْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى، فَقِيلَ: مَا بَيْنَ آدَمَ، وَنُوحٍ، وَقِيلَ: مَا بَيْنَ نُوحٍ وَإِدْرِيسَ، وَقِيلَ: مَا بَيْنَ نُوحٍ، وَإِبْرَاهِيمَ، وَقِيلَ: مَا بَيْنَ مُوسَى، وَعِيسَى، وَقِيلَ: مَا بَيْنَ عِيسَى، وَمُحَمَّدٍ. وَقَالَ الْمُبَرِّدُ: الْجَاهِلِيَّةُ الْأُولَى كَمَا تَقُولُ الْجَاهِلِيَّةُ الْجَهْلَاءُ. قَالَ: وَكَانَ نِسَاءُ الْجَاهِلِيَّةِ تُظْهِرُ مَا يَقْبُحُ إِظْهَارُهُ، حَتَّى كَانَتِ الْمَرْأَةُ تَجْلِسُ مَعَ زَوْجِهَا وَخَلِيلِهَا، فَيَنْفَرِدُ خَلِيلُهَا بِمَا فَوْقَ الْإِزَارِ إِلَى أَعْلَى، وَيَنْفَرِدُ زَوْجُهَا بِمَا دُونَ الْإِزَارِ إِلَى أَسْفَلَ، وَرُبَّمَا سَأَلَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ الْبَدَلَ. قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: وَالَّذِي يَظْهَرُ لِي أَنَّهُ أَشَارَ إِلَى الْجَاهِلِيَّةِ الَّتِي لَحِقْنَهَا فَأُمِرْنَ بِالنُّقْلَةِ عَنْ سِيرَتِهِنَّ فِيهَا، وَهِيَ مَا كَانَ قَبْلَ الشَّرْعِ مِنْ سِيرَةِ الْكَفَرَةِ، لِأَنَّهُمْ كَانُوا لَا غَيْرَةَ عِنْدَهُمْ، وَلَيْسَ الْمَعْنَى أَنَّ ثَمَّ جَاهِلِيَّةً أُخْرَى كَذَا قَالَ، وَهُوَ قَوْلٌ حَسَنٌ. وَيُمْكِنُ أَنْ يُرَادَ بِالْجَاهِلِيَّةِ الْأُخْرَى: مَا يَقَعُ فِي الْإِسْلَامِ مِنَ التَّشَبُّهِ بِأَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ بِقَوْلٍ، أَوْ فعل، فيكون المعنى: ولا تبرّجن أيتها المسلمات بعد إسلامكنّ مثل تبرّج أهل الْجَاهِلِيَّةِ الَّتِي كُنْتُنَّ عَلَيْهَا، وَكَانَ عَلَيْهَا مَنْ قَبْلَكُنَّ، أَيْ: لَا تُحْدِثْنَ بِأَفْعَالِكُنَّ وَأَقْوَالِكُنَّ جَاهِلِيَّةً تُشَابِهُ الْجَاهِلِيَّةَ الَّتِي كَانَتْ مِنْ قَبْلُ وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وَآتِينَ الزَّكاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ خَصَّ الصَّلَاةَ وَالزَّكَاةَ لِأَنَّهُمَا أَصْلُ الطَّاعَاتِ الْبَدَنِيَّةِ وَالْمَالِيَّةِ. ثُمَّ عَمَّمَ فَأَمَرَهُنَّ بِالطَّاعَةِ لِلَّهِ، وَلِرَسُولِهِ فِي كُلِّ مَا هُوَ شَرْعٌ إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ أَيْ: إِنَّمَا أَوْصَاكُنَّ اللَّهُ بِمَا أَوْصَاكُنَّ مِنَ التَّقْوَى، وَأَنْ لَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ، وَمِنْ قَوْلِ الْمَعْرُوفِ، وَالسُّكُونِ فِي الْبُيُوتِ، وَعَدَمِ التَّبَرُّجِ، وَإِقَامَةِ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَالطَّاعَةِ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ، وَالْمُرَادُ بِالرِّجْسِ: الْإِثْمُ وَالذَّنْبُ الْمُدَنِّسَانِ لِلْأَعْرَاضِ الْحَاصِلَانِ بِسَبَبِ تَرْكِ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ، وَفِعْلِ مَا نَهَى عَنْهُ، فَيَدْخُلُ تَحْتَ ذَلِكَ كُلُّ مَا لَيْسَ فِيهِ لِلَّهِ رِضًا، وَانْتِصَابُ أَهْلَ الْبَيْتِ عَلَى الْمَدْحِ كَمَا قَالَ الزَّجَّاجُ، قَالَ: وَإِنْ شِئْتَ عَلَى الْبَدَلِ. قَالَ: وَيَجُوزُ الرَّفْعُ وَالْخَفْضُ. قَالَ النَّحَّاسُ: إِنْ خُفِضَ فَعَلَى أَنَّهُ بَدَلٌ مِنَ الْكَافِ وَالْمِيمِ، وَاعْتَرَضَهُ الْمُبَرِّدُ بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْبَدَلُ مِنَ الْمُخَاطَبِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ نَصَبَهُ عَلَى النِّدَاءِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً أَيْ: يُطَهِّرَكُمْ مِنَ الْأَرْجَاسِ، وَالْأَدْرَانِ تَطْهِيرًا كَامِلًا. وَفِي اسْتِعَارَةِ الرِّجْسِ لِلْمَعْصِيَةِ وَالتَّرْشِيحِ

نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 4  صفحه : 320
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست