responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 4  صفحه : 307
الَّذِي نَزَلَهَا مِنَ الْعَمَالِقَةِ اسْمُهُ يَثْرِبُ بْنُ عُمَيْلٍ، قَرَأَ الْجُمْهُورُ «لَا مَقَامَ لَكُمْ» بِفَتْحِ الْمِيمِ، وَقَرَأَ حَفْصٌ وَالسُّلَمِيُّ وَالْجَحْدَرِيُّ وَأَبُو حَيْوَةَ بِضَمِّهَا، عَلَى أَنَّهُ مَصْدَرٌ مِنْ أَقَامَ يُقِيمُ، وَعَلَى الْقِرَاءَةِ الْأُولَى هُوَ اسْمُ مَكَانٍ فَارْجِعُوا أَيْ: إِلَى مَنَازِلِكُمْ، أَمَرُوهُمْ بِالْهَرَبِ مِنْ عَسْكَرِ النبيّ صلّى الله عليه وَسَلَّمَ، وَذَلِكَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمُسْلِمِينَ خَرَجُوا عَامَ الْخَنْدَقِ حَتَّى جَعَلُوا ظُهُورَهُمْ إِلَى سَلْعٍ وَالْخَنْدَقُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقَوْمِ، فَقَالَ هَؤُلَاءِ الْمُنَافِقُونَ: لَيْسَ هَاهُنَا مَوْضِعُ إِقَامَةِ، وَأَمَرُوا النَّاسَ بِالرُّجُوعِ إِلَى مَنَازِلِهِمْ بِالْمَدِينَةِ» وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِنْهُمُ النَّبِيَّ مَعْطُوفٌ عَلَى «قَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ» ، أَيْ: يَسْتَأْذِنُونَ فِي الرُّجُوعِ إِلَى مَنَازِلِهِمْ، وَهُمْ بَنُو حَارِثَةَ، وَبَنُو سَلِمَةَ، وَجُمْلَةُ يَقُولُونَ بدل من قوله: «يستأذن» أو حال اسْتِئْنَافٌ جَوَابًا لِسُؤَالٍ مُقَدَّرٍ، وَالْقَوْلُ الَّذِي قَالُوهُ هو قَوْلُهُمْ إِنَّ بُيُوتَنا عَوْرَةٌ أَيْ: ضَائِعَةٌ سَائِبَةٌ ليست بحصينة، ولا ممتنعة عن الْعَدُوِّ. قَالَ الزَّجَّاجُ: يُقَالُ عَوِرَ الْمَكَانُ يَعْوَرُ عَوَرًا وَعَوْرَةً، وَبُيُوتٌ عَوِرَةٌ وَعَوْرَةٌ، وَهِيَ مَصْدَرٌ. قَالَ مُجَاهِدٌ وَمُقَاتِلٌ وَالْحَسَنُ: قَالُوا بُيُوتُنَا ضَائِعَةٌ نَخْشَى عَلَيْهَا السُّرَّاقَ. وَقَالَ قَتَادَةُ: قَالُوا بُيُوتُنَا مِمَّا يَلِي الْعَدُوَّ وَلَا نَأْمَنُ عَلَى أَهْلِنَا. قَالَ الْهَرَوِيُّ: كُلُّ مَكَانٍ لَيْسَ بِمَمْنُوعٍ، وَلَا مَسْتُورٍ فَهُوَ عَوْرَةٌ، وَالْعَوْرَةُ فِي الْأَصْلِ: الْخَلَلُ فَأُطْلِقَتْ عَلَى الْمُخْتَلِّ، وَالْمُرَادُ: ذَاتُ عَوْرَةٍ، وَقَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَعِكْرِمَةُ، وَمُجَاهِدٌ، وَأَبُو رَجَاءٍ الْعُطَارِدِيُّ عَوِرَةٌ بِكَسْرِ الْوَاوِ أَيْ: قَصِيرَةُ الْجُدْرَانِ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: الْعَوْرَةُ كُلُّ حَالٍ يُتَخَوَّفُ مِنْهُ فِي ثَغْرٍ أَوْ حَرْبٍ. قَالَ النَّحَّاسُ يُقَالُ أَعْوَرَ الْمَكَانُ: إِذَا تَبَيَّنَتْ فِيهِ عَوْرَةٌ، وَأَعْوَرَ الْفَارِسُ:
إِذَا تَبَيَّنَ مِنْهُ مَوْضِعُ الْخَلَلِ، ثُمَّ رَدَّ الله سُبْحَانَهُ عَلَيْهِمْ بِقَوْلِهِ: وَما هِيَ بِعَوْرَةٍ فَكَذَّبَهُمُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ فِيمَا ذَكَرُوهُ، وَالْجُمْلَةُ فِي مَحَلِّ نَصْبٍ عَلَى الْحَالِ، ثُمَّ بَيَّنَ سَبَبَ اسْتِئْذَانِهِمْ وَمَا يُرِيدُونَهُ بِهِ، فَقَالَ: إِنْ يُرِيدُونَ إِلَّا فِراراً أَيْ: مَا يُرِيدُونَ إِلَّا الْهَرَبَ مِنَ الْقِتَالِ، وَقِيلَ الْمُرَادُ: مَا يُرِيدُونَ إِلَّا الْفِرَارَ مِنَ الدِّينِ وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِمْ مِنْ أَقْطارِها يَعْنِي: بُيُوتَهُمْ، أَوِ الْمَدِينَةَ، وَالْأَقْطَارُ: النَّوَاحِي جَمْعُ قُطْرٍ، وَهُوَ الْجَانِبُ وَالنَّاحِيَةُ، وَالْمَعْنَى: لَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِمْ بُيُوتُهُمْ، أَوِ الْمَدِينَةُ مِنْ جَوَانِبِهَا جَمِيعًا لا من بعضها، ونزلت بِهِمْ هَذِهِ النَّازِلَةُ الشَّدِيدَةُ، وَاسْتُبِيحَتْ دِيَارُهُمْ، وَهُتِكَتْ حُرَمُهُمْ وَمَنَازِلُهُمْ ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى عِنْدَ نُزُولِ هَذِهِ النَّازِلَةِ الشَّدِيدَةِ بِهِمْ لَآتَوْها أَيْ: لَجَاءُوهَا أَوْ أَعْطَوْهَا، وَمَعْنَى الْفِتْنَةِ هُنَا: إِمَّا الْقِتَالُ فِي الْعَصَبِيَّةِ كَمَا قَالَ الضَّحَّاكُ، أَوِ الشِّرْكُ بِاللَّهِ، وَالرَّجْعَةُ إِلَى الْكُفْرِ الَّذِي يُبْطِنُونَهُ، وَيُظْهِرُونَ خِلَافَهُ كَمَا قَالَ الْحَسَنُ، قَرَأَ الْجُمْهُورُ لَآتَوْهَا بِالْمَدِّ، أَيْ: لَأَعْطَوْهَا مِنْ أَنْفُسِهِمْ، وَقَرَأَ نَافِعٌ وَابْنُ كَثِيرٍ بِالْقَصْرِ، أَيْ: لَجَاءُوهَا وَما تَلَبَّثُوا بِها إِلَّا يَسِيراً أَيْ:
بِالْمَدِينَةِ بَعْدَ أَنْ أَتَوُا الْفِتْنَةَ إِلَّا تَلْبُثًّا يَسِيرًا حَتَّى يَهْلِكُوا، كَذَا قَالَ الْحَسَنُ وَالسُّدِّيُّ والفراء والقتبي، وقال أكثر المفسرين: إن المعنى: وما احتبسوا عَنْ فِتْنَةِ الشِّرْكِ إِلَّا قَلِيلًا، بَلْ هُمْ مُسْرِعُونَ إِلَيْهَا رَاغِبُونَ فِيهَا لَا يَقِفُونَ عَنْهَا إِلَّا مُجَرَّدَ وُقُوعِ السُّؤَالِ لَهُمْ، وَلَا يَتَعَلَّلُونَ عَنِ الْإِجَابَةِ بِأَنَّ بُيُوتَهُمْ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ عَوْرَةٌ مَعَ أَنَّهَا قَدْ صَارَتْ عَوْرَةً عَلَى الْحَقِيقَةِ، كَمَا تَعَلَّلُوا عَنْ إِجَابَةِ الرَّسُولِ، وَالْقِتَالِ مَعَهُ بِأَنَّهَا عَوْرَةٌ، وَلَمْ تَكُنْ إِذْ ذَاكَ عورة. ثم حكى الله سُبْحَانَهُ عَنْهُمْ مَا قَدْ كَانَ وَقْعَ مِنْهُمْ مِنْ قَبْلُ مِنَ الْمُعَاهَدَةِ لِلَّهِ، وَلِرَسُولِهِ بِالثَّبَاتِ فِي الْحَرْبِ، وَعَدَمِ الْفِرَارِ عَنْهُ فَقَالَ: وَلَقَدْ كانُوا عاهَدُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ لَا يُوَلُّونَ الْأَدْبارَ أَيْ: مِنْ قَبْلِ غَزْوَةِ الْخَنْدَقِ، وَمِنْ بَعْدِ بَدْرٍ، قَالَ قَتَادَةُ: وَذَلِكَ أَنَّهُمْ غَابُوا عَنْ بَدْرٍ، وَرَأَوْا مَا أَعْطَى اللَّهُ أَهْلَ بَدْرٍ مِنَ الْكَرَامَةِ وَالنَّصْرِ فَقَالُوا: لَئِنْ أَشْهَدَنَا

نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 4  صفحه : 307
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست