responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 4  صفحه : 301
يَدَّعِي ابْنًا لِغَيْرِ أَبِيهِ، وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ فِي الظِّهَارِ فِي سُورَةِ الْمُجَادَلَةِ، وَالْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ: ذلِكُمْ إِلَى مَا تَقَدَّمَ مِنَ ذِكْرِ الظِّهَارِ وَالِادِّعَاءِ، وَهُوَ: مُبْتَدَأٌ، وَخَبَرُهُ: قَوْلُكُمْ بِأَفْواهِكُمْ أَيْ: لَيْسَ ذَلِكَ إِلَّا مُجَرَّدَ قَوْلٍ بِالْأَفْوَاهِ، وَلَا تَأْثِيرَ لَهُ، فَلَا تَصِيرُ الْمَرْأَةُ بِهِ أُمًّا، وَلَا ابْنُ الْغَيْرِ بِهِ ابْنًا، وَلَا يَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ شَيْءٌ مِنْ أَحْكَامِ الْأُمُومَةِ وَالْبُنُوَّةِ. وَقِيلَ: الْإِشَارَةُ رَاجِعَةٌ إِلَى الِادِّعَاءِ، أَيِ: ادِّعَاؤُكُمْ أَنَّ أَبْنَاءَ الْغَيْرِ أَبْنَاؤُكُمْ: لَا حَقِيقَةَ لَهُ، بَلْ هُوَ مُجَرَّدُ قَوْلٍ بِالْفَمِ وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ الَّذِي يَحِقُّ اتِّبَاعُهُ لِكَوْنِهِ حَقًّا فِي نَفْسِهِ لَا بَاطِلًا، فَيَدْخُلُ تَحْتَهُ دُعَاءُ الْأَبْنَاءِ لِآبَائِهِمْ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ أَيْ: يَدُلُّ عَلَى الطَّرِيقِ الْمُوَصِّلَةِ إِلَى الْحَقِّ، وَفِي هَذَا إِرْشَادٌ لِلْعِبَادِ إِلَى قَوْلِ الْحَقِّ، وَتَرْكِ قَوْلِ الْبَاطِلِ وَالزُّورِ. ثُمَّ صَرَّحَ سُبْحَانَهُ بِمَا يَجِبُ عَلَى الْعِبَادِ مِنْ دُعَاءِ الْأَبْنَاءِ لِلْآبَاءِ فَقَالَ:
ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ لِلصُّلْبِ، وَانْسُبُوهُمْ إِلَيْهِمْ، وَلَا تَدْعُوهُمْ إِلَى غَيْرِهِمْ، وَجُمْلَةُ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ: تَعْلِيلٌ لِلْأَمْرِ بِدُعَاءِ الْأَبْنَاءِ لِلْآبَاءِ، وَالضَّمِيرُ رَاجِعٌ إِلَى مَصْدَرِ ادعوهم، ومعنى أقسط: أَيْ: أَعْدَلُ كُلِّ كَلَامٍ يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ، فَتَرَكَ الْإِضَافَةَ لِلْعُمُومِ كَقَوْلِهِ اللَّهُ أَكْبَرُ، وَقَدْ يَكُونُ الْمُضَافُ إِلَيْهِ مُقَدَّرًا خَاصًّا، أَيْ:
أَعْدَلُ مِنْ قَوْلِكُمْ: هُوَ ابْنُ فُلَانٍ، وَلَمْ يَكُنِ ابْنَهُ لِصُلْبِهِ. ثُمَّ تَمَّمَ سُبْحَانَهُ الْإِرْشَادَ لِلْعِبَادِ فَقَالَ: فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آباءَهُمْ فَإِخْوانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوالِيكُمْ أَيْ: فَهُمْ إِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ، وَهُمْ مَوَالِيكُمْ، فَقُولُوا: أَخِي وَمَوْلَايَ، وَلَا تَقُولُوا ابْنُ فلان، حيث لم تعلموا آباءهم على الحقيقة. قَالَ الزَّجَّاجُ: وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَوَالِيكُمْ:
أَوْلِيَاءَكُمْ فِي الدِّينِ. وَقِيلَ الْمَعْنَى: فَإِنْ كَانُوا مُحَرَّرِينَ وَلَمْ يَكُونُوا أَحْرَارًا، فَقُولُوا مَوَالِي فُلَانٍ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ فِيما أَخْطَأْتُمْ بِهِ أَيْ: لَا إِثْمَ عَلَيْكُمْ فِيمَا وَقَعَ مِنْكُمْ مِنْ ذَلِكَ خَطَأً مِنْ غَيْرِ عَمْدٍ، وَلكِنْ الْإِثْمُ فِي مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَهُوَ مَا قُلْتُمُوهُ عَلَى طَرِيقَةِ الْعَمْدِ مِنْ نِسْبَةِ الْأَبْنَاءِ إِلَى غَيْرِ آبَائِهِمْ مَعَ عِلْمِكُمْ بِذَلِكَ.
قَالَ قَتَادَةُ: لَوْ دَعَوْتَ رَجُلًا لِغَيْرِ أَبِيهِ، وَأَنْتَ تَرَى أَنَّهُ أَبُوهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْكَ بَأْسٌ وَكانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً يَغْفِرُ لِلْمُخْطِئِ وَيَرْحَمُهُ وَيَتَجَاوَزُ عَنْهُ، أَوْ غَفُورًا لِلذُّنُوبِ رَحِيمًا بِالْعِبَادِ، وَمِنْ جُمْلَةِ مَنْ يَغْفِرُ لَهُ وَيَرْحَمُهُ مَنْ دَعَا رَجُلًا لِغَيْرِ أَبِيهِ خَطَأً. أَوْ قَبْلَ النَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ. ثُمَّ ذَكَرَ سُبْحَانَهُ لِرَسُولِهِ مَزِيَّةً عَظِيمَةً، وَخُصُوصِيَّةً جَلِيلَةً لَا يُشَارِكُهُ فِيهَا أَحَدٌ مِنَ الْعِبَادِ فَقَالَ: النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ أَيْ: هُوَ أَحَقُّ بِهِمْ فِي كُلِّ أُمُورِ الدِّينِ وَالدُّنْيَا، وَأَوْلَى بِهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ فَضْلًا عَنْ أَنْ يَكُونَ أَوْلَى بِهِمْ مِنْ غَيْرِهِمْ، فَيَجِبُ عَلَيْهِمْ أَنْ يُؤْثِرُوهُ بِمَا أَرَادَهُ مِنْ أَمْوَالِهِمْ، وَإِنْ كَانُوا مُحْتَاجِينَ إِلَيْهَا، وَيَجِبُ عَلَيْهِمْ أَنْ يُحِبُّوهُ زِيَادَةً عَلَى حُبِّهِمْ أَنْفُسَهُمْ، وَيَجِبُ عَلَيْهِمْ أَنْ يُقَدِّمُوا حُكْمَهُ عَلَيْهِمْ عَلَى حُكْمِهِمْ لِأَنْفُسِهِمْ. وَبِالْجُمْلَةِ فَإِذَا دَعَاهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ لِشَيْءٍ، وَدَعَتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ إِلَى غَيْرِهِ، وَجَبَ عَلَيْهِمْ أَنْ يُقَدِّمُوا مَا دَعَاهُمْ إِلَيْهِ، وَيُؤَخِّرُوا مَا دَعَتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ إِلَيْهِ، وَيَجِبُ عَلَيْهِمْ أَنْ يُطِيعُوهُ فَوْقَ طَاعَتِهِمْ لِأَنْفُسِهِمْ، وَيُقَدِّمُوا طَاعَتَهُ عَلَى مَا تَمِيلُ إِلَيْهِ أَنْفُسُهُمْ، وَتَطْلُبُهُ خَوَاطِرُهُمْ. وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِأَنْفُسِهِمْ فِي الْآيَةِ: بَعْضُهُمْ، فَيَكُونُ الْمَعْنَى: أَنَّ النَّبِيَّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ بَعْضِهِمْ بِبَعْضٍ. وَقِيلَ: هِيَ خَاصَّةٌ بِالْقَضَاءِ، أَيْ: هُوَ أَوْلَى بِهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ فِيمَا قَضَى بِهِ بَيْنَهُمْ. وَقِيلَ أَوْلَى بِهِمْ فِي الْجِهَادِ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَبَذْلِ النَّفْسِ دُونَهُ، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى وَأَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ أَيْ: مِثْلُ أُمَّهَاتِهِمْ فِي الْحُكْمِ بِالتَّحْرِيمِ، وَمُنَزَّلَاتٌ مَنْزِلَتَهُنَّ فِي اسْتِحْقَاقِ التَّعْظِيمِ، فَلَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِوَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ، كَمَا لَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِأُمِّهِ، فَهَذِهِ الْأُمُومَةُ مُخْتَصَّةٌ بتحريم

نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 4  صفحه : 301
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست