responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 4  صفحه : 298
أَوْ كُفَّارُ مَكَّةَ عَلَى الْخُصُوصِ، أَيْ: مَتَى الفتح الذي تعدونا بِهِ، يَعْنُونَ بِالْفَتْحِ: الْقَضَاءَ، وَالْفَصْلَ بَيْنَ الْعِبَادِ، وَهُوَ يَوْمُ الْبَعْثِ الَّذِي يَقْضِي اللَّهُ فِيهِ بَيْنَ عِبَادِهِ، قَالَهُ مُجَاهِدٌ وَغَيْرُهُ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ والقتبي: هُوَ فَتْحُ مَكَّةَ. قَالَ قَتَادَةُ: قَالَ أَصْحَابُ النبيّ صلّى الله عليه وَسَلَّمَ لِلْكُفَّارِ: إِنَّ لَنَا يَوْمًا نَنْعَمُ فِيهِ، وَنَسْتَرِيحُ، وَيَحْكُمُ اللَّهُ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ، يَعْنُونَ:
يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَقَالَ الْكُفَّارُ: مَتَى هَذَا الْفَتْحُ؟ وَقَالَ السُّدِّيُّ: هُوَ يَوْمُ بَدْرٍ، لِأَنَّ أَصْحَابَ النَّبِيِّ صلّى الله عليه وَسَلَّمَ كَانُوا يَقُولُونَ لِلْكُفَّارِ: إِنَّ اللَّهَ نَاصِرُنَا وَمُظْهِرُنَا عَلَيْكُمْ، وَمَتَى فِي قَوْلِهِ: مَتى هذَا الْفَتْحُ فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ، أَوْ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ عَلَى الظَّرْفِيَّةِ. ثُمَّ أَمَرَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُجِيبَ عَلَيْهِمْ فَقَالَ: قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ لَا يَنْفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمانُهُمْ وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ وَفِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ يَوْمَ الْفَتْحِ هُوَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ، لِأَنَّ يَوْمَ فتح مكة ويوم بدرهما مِمَّا يَنْفَعُ فِيهِ الْإِيمَانُ، وَقَدْ أَسْلَمَ أَهْلُ مَكَّةَ يَوْمَ الْفَتْحِ، وَقَبِلَ ذَلِكَ مِنْهُمُ النَّبِيُّ صلّى الله عليه وَسَلَّمَ، وَمَعْنَى: وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ لَا يُمْهَلُونَ، وَلَا يُؤَخَّرُونَ، وَيَوْمَ فِي يَوْمَ الْفَتْحِ مَنْصُوبٌ عَلَى الظَّرْفِيَّةِ، وَأَجَازَ الْفَرَّاءُ الرَّفْعَ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ أَيْ: عَنْ سَفَهِهِمْ وَتَكْذِيبِهِمْ وَلَا تُجِبْهُمْ إِلَّا بِمَا أُمِرْتَ بِهِ وَانْتَظِرْ إِنَّهُمْ مُنْتَظِرُونَ أَيْ:
وَانْتَظِرْ يَوْمَ الْفَتْحِ، وَهُوَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ، أَوْ يَوْمُ إِهْلَاكِهِمْ بِالْقَتْلِ إِنَّهُمْ مُنْتَظِرُونَ بِكَ حَوَادِثَ الزَّمَانِ مِنْ مَوْتٍ، أَوْ قَتْلٍ، أَوْ غَلَبَةٍ كقوله: فَتَرَبَّصُوا إِنَّا مَعَكُمْ مُتَرَبِّصُونَ [1] وَيَجُوزُ أَنْ يُرَادَ: إِنَّهُمْ مُنْتَظِرُونَ لِإِهْلَاكِهِمْ، وَالْآيَةُ مَنْسُوخَةٌ بِآيَةِ السَّيْفِ، وَقِيلَ: غَيْرُ مَنْسُوخَةٍ، إِذْ قَدْ يَقَعُ الْإِعْرَاضُ مَعَ الْأَمْرِ بِالْقِتَالِ. وَقَرَأَ ابن السميقع «إِنَّهُمْ مُنْتَظَرُونَ» بِفَتْحِ الظَّاءِ مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ، وَرُوِيَتْ هَذِهِ الْقِرَاءَةُ عَنْ مُجَاهِدٍ وَابْنِ مُحَيْصِنٍ. قَالَ الْفَرَّاءُ: لَا يَصِحُّ هَذَا إِلَّا بِإِضْمَارٍ، أَيْ: إِنَّهُمْ مُنْتَظَرٌ بِهِمْ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: الصَّحِيحُ الْكَسْرُ، أَيِ: انْتَظِرْ عَذَابَهُمْ إِنَّهُمْ مُنْتَظِرُونَ هَلَاكَكَ.
وَقَدْ أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ، وَغَيْرُهُمَا مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «رَأَيْتُ لَيْلَةَ أُسَرِيَ بِي مُوسَى بْنَ عِمْرَانَ رَجُلًا طَوِيلًا جَعْدًا كَأَنَّهُ مِنْ رِجَالِ شَنُوءَةَ، وَرَأَيْتُ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ مَرْبُوعَ الْخَلْقِ إِلَى الْحُمْرَةِ وَالْبَيَاضِ، سَبْطَ الرَّأْسِ، وَرَأَيْتُ مَالِكًا خَازِنَ جَهَنَّمَ وَالدَّجَّالَ» فِي آيَاتٍ أَرَاهُنَّ اللَّهُ إِيَّاهُ.
قَالَ: فَلا تَكُنْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقائِهِ فَكَانَ قَتَادَةُ يُفَسِّرُهَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ لَقِيَ مُوسَى وَجَعَلْناهُ هُدىً لِبَنِي إِسْرائِيلَ قَالَ: جَعَلَ اللَّهُ مُوسَى هُدًى لِبَنِي إِسْرَائِيلَ. وَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ وَالضِّيَاءُ فِي الْمُخْتَارَةِ بِسَنَدٍ قَالَ السُّيُوطِيُّ: صَحِيحٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ فَلا تَكُنْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقائِهِ قَالَ: مِنْ لِقَاءِ مُوسَى، قِيلَ أَوَ لَقِيَ مُوسَى؟ قَالَ: نَعَمْ، أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِهِ: وَسْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنا [2] وَأَخْرَجَ الْفِرْيَابِيُّ وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْماءَ إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ قَالَ: الْجُرُزُ الَّتِي لَا تُمْطَرُ إِلَّا مَطَرًا لَا يُغْنِي عَنْهَا شَيْئًا إِلَّا مَا يَأْتِيهَا مِنَ السُّيُولِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْهُ فِي قَوْلِهِ: إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ قَالَ:
أَرْضٌ بِالْيَمَنِ. قَالَ الْقُرْطُبِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ: وَالْإِسْنَادُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ صَحِيحٌ لَا مَطْعَنَ فِيهِ. وَأَخْرَجَ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الدَّلَائِلِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْفَتْحُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ قَالَ: يَوْمُ بَدْرٍ فُتِحَ لِلنَّبِيِّ صلّى الله عليه وَسَلَّمَ فَلَمْ يَنْفَعِ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمَانُهُمْ بَعْدَ الموت.

[1] التوبة: 52.
[2] الزخرف: 45.
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 4  صفحه : 298
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست